الفريق الكبير لا يهتز لمجرد الخروج من بطولة ولا يرتبك بسبب خسارة مباراة ولا يرتعد من ملاحقة منافسيه ولا يتأثر بغياب نجومه مهما كان حجمهم وتأثيرهم عليه ولا يستسلم لأخطاء الحكام الفادحة ولا يرضخ لضغوط الجماهير والإعلام الموالي والمضاد معا.. هذا هو النصر الذي وقف راسيا كالطود ساخرا من العواصف الثائرة والأمواج المتلاطمة التي فشلت في زحزحته من المكان الذي اختاره لنفسه بعناية فائقة ليتربع بثقة على عرش كرة القدم السعودية.. هذا هو النصر الذي وثق في أجهزته الفنية والإدارية والطبية وفي إمكانات لاعبيه الذين آمنوا بقدراتهم وبحظوظهم وتسلّحوا بالعزيمة والإصرار وصمود الرجال فكانوا على مستوى الحدث عندما توجوا مجهودهم بلقب الدوري للعام الثاني على التوالي في الوقت المناسب ومن أمام منافسهم وغريمهم التقليدي الهلال في ليلة سيخلدها التاريخ.. هذا هو النصر الذي عملت إدارته بقيادة ربان السفينة الصفراء فيصل بن تركي بصمت وباحترافية متناهية تاركة «الثرثرة» للآخرين، فأنفقت من المال الكثير وأضاعت من الوقت الشيء الثمين، وفي نهاية المطاف جنت الثمار ونجحت في تحقيق أهدافها المرسومة والتي لم تقتصر على الفريق الأول، وإنما طالت جميع الفئات السنية التي نثرت شلال الفرح في سماء الرياض وفي بقية المدن بتحقيق الثلاثية التاريخية التي تعتبر إنجازا غير مسبوق.. هذا هو النصر الذي حاولت بعض الأبواق المأجورة والدخيلة على وسطنا الرياضي، التقليل من شأنه بعد فوزه بثنائية الموسم الفائت والتي وُصِفت من قِبلهم ب«فقاعة الصابون» و ب«الدفع الرباعي»، فكان رده عليها قاسيا وملجما، مؤكدا للجميع وبلغة الأرقام التي لا تكذب، أن أفعاله تسبق أقواله وأن الأرض أرضه والزمان زمانه.. أخيرا.. ما قامت وتقوم به إدارة النصر، ما هو إلا أنموذج للعمل الاحترافي المتكامل ودرس مجاني في التخطيط والتنظيم والكفاح والتضحية والصبر، وهذا العمل الذي لا تشوبه شائبة يجب أن يكون منهجا تستفيد منه بقية إدارات الأندية الراغبة في السير على خُطى كبير الرياض.. تويتة على الورق.. أحد الإعلاميين المحسوبين على الأهلي، يقول إن فريقه هو الأحق والأجدر بتحقيق لقب الدوري.. لماذا؟ لأنه لم يخسر أي مباراة، ولأنه فاز على المتصدر ذهابا وإيابا!!! هذا الإعلامي الذي طُرد ومُنع من دخول النادي قبل أكثر من عشر سنوات، يبدو أن خبرته في بطولات النفس الطويل «صفر مكعب»، ولكن عليه أن يدرك جيدا أن البطل المتوج ليس الفريق الذي لم يخسر، وإنما الفريق القادر على التعامل مع مبارياته الست والعشرين كاملة وكيفية جمع النقاط من خلالها.