تنطلق الإستراتيجية الوطنية لبناء مجتمع المعرفة بما فيه الاقتصاد القائم على المعرفة على رؤية محددة، تقول: "بحلول عام 51/1452ه (2030م)، تصبح المملكة مجتمعاً معرفياً في ظل اقتصاد قائم على المعرفة مزدهر متنوع المصادر والإمكانات، تقوده القدرات البشرية المنتجة والقطاع الخاص، ويوفر مستوى معيشياً مرتفعاً، ونوعية حياة كريمة، وتتبوأ مكانة مرموقة، كدولة رائدة إقليمياً ودولياً." وتأمل الإستراتيجية تحقيق ذلك من خلال إطار زمني مرحليّ: المرحلة الأولى (2012-2014) مرحلة تفعيل السياسات الحالية وتهدف إلى بناء القدرات المعرفية، المرحلة الثانية (2015-2025) مرحلة الإسراع بوتيرة التغيير والقيام بإصلاحات هيكلية رئيسية لتعزيز كفاءة المنظومة الاقتصادية بأسرها وتمتد لخطتي التنمية العاشرة والحادية عشرة، والمرحلة الثالثة (2016-2030) مرحلة تعزيز عملية التحول إلى مجتمع المعرفة وتنفذ في مدى خطة التنمية الثانية عشرة. وتجدر الإشارة إلى أنه قبل أقل من أربع سنوات، صدر الأمر السامي رقم 546 بتاريخ 2 محرم 1433ه بتكليف لجنة "للخروج بإستراتيجية وطنية شاملة وعملية، للتحول إلى مجتمع المعرفة مدعومة ببرامج تنفيذية وزمنية محددة التكلفة". وقد أنجزت الإستراتيجية، ومتاحة على موقع وزارة الاقتصاد والتخطيط على الانترنت. حيث ارتكزت الإستراتيجية على أربعة أهداف: الوصول لمحرك نمو قوي وراسخ، ودرجة عالية من الرفاهية والترابط الاجتماعي، وقدرات بشرية متطورة، وريادة إقليمية وعالمية. ووفقاً لوثيقة الإستراتيجية، فإن السمات الأكثر أهمية تبرز في ثلاث نقاط: (1) التركيز على معالجة القضايا الأساسية من منظور كلي، (2) الاهتمام بجميع جوانب التحول إلى مجتمع المعرفة، (3) الاهتمام بخطة العمل المؤسسي وبناء القدرات البشرية، إذ تقترح: (أ) قيام مجلس الاقتصاد الأعلى بإدارة الميزانية اللازمة للتحول إلى مجتمع معرفي، (2) إنشاء مركز مستقل تحت مسمى "المركز السعودي لأبحاث التنمية لبحوث السياسات الاقتصادية والاجتماعية، (3) استخدام أداة جديدة موضوعية مبنية على استخدام "مؤشر التنمية الاقتصادية والاجتماعية" من أجل قياس مدى التقدم المحرز في تحقيق الإستراتيجية. واللافت في الإستراتيجية توزع السياسات على ثلاث مجموعات مترابطة، للاقتصاد الكلي، والاقتصاد القطاعي، والقدرات الإدارية والتنظيمية الحكومية. ففي حين تشمل سياسات الاقتصاد الكلي الإدارة العامة وقطاع الشركات وسوق العمل والتمويل والعولمة والتكتلات الإقليمية، تتناول مجموعة سياسات الاقتصاد القطاعي التعليم ورأس المال البشري وتقنية المعلومات والاتصالات والعلوم والتقنية والابتكار والصناعات كثيفة الاستخدام للمعرفة والتنمية العمرانية، وتركز المجموعة الثالثة على بناء القدرات الإدارية والتنظيمية للجهاز الإداري الحكومي، من خلال وضع مبادرات للارتقاء بآلية التنسيق/ التنفيذ وقدرات المسؤولين ودراسات الجدوى. وقد شملت وثيقة الإستراتيجية على تفاصيل جوهرية تتناول السياسات الخاصة بكل مجموعة من المجموعات التي سبقت الإشارة إليها، فمثلاً فيما يتصل بالسياسات الخاصة بالسوق والمؤسسات، فقد تناولتها من خلال أربعة مجالات: المالية العامة وسوق العمل وقطاع الشركات والتمويل، وفي مجال المالية العامة - على سبيل المثال - اقترحت ثلاث سياسات: ترشيد الإعانات، تطبيق نظام ما قبل دراسة الجدوى للبرامج والمشاريع، تطوير نظام الإدارة العامة. ولعلنا نشهد إطلاق مبادرات العائد السريع، كما سمتها الإستراتيجية، والتي تهدف لإقامة مجموعة محددة من الشركات في مجالات منتقاة ذات محتوى معرفي وقيمة مضافة عالية تستقطب القوى العاملة الوطنية حصراً، بشراكة ثلاثية (القطاع الخاص والقطاع العام وشركات أجنبية)، ارتكازاً على برنامج محكم ينظم العلاقات، وبرنامج استثمار وإنفاق حكومي. وينادي المشروع لإقامة عدد من الشركات الكبرى القائمة على المعرفة ومئات الشركات الصغيرة والمتوسطة في المجالات المعرفية المنتقاة وحاضنات تقنية وحاضنات الأعمال، في مجالات، منها: التحلية، الصناعات الثانوية، صناعات المواد المتقدمة، الطاقة الشمسية، الاتصال والمعلومات، الرعاية الصحية، النقل، الصناعات الثقافية، الصناعات الصيدلانية، السيارات، الزراعة المتقدمة. * متخصص في المعلوماتية والإنتاج