قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، إن المملكة تعيش مرحلة استثنائية في مجال العناية بالتراث الوطني مع إطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، الذي جاء تتويجا لاهتمام الدولة من خلال عدد من القرارات والأنظمة المتتالية، منوها إلى الدور المرتقب للبرنامج في إحداث نقلة في علاقة المواطن بوطنه، وارتباطه بتاريخه. جاء ذلك خلال افتتاح الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، والأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ملتقى برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري وفعالية الاحتفال بيوم التراث العالمي، تحت عنوان "التراث المكان والإنسان"، الذي تنظمه جامعة تبوك بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار في مركز الأمير سلطان الحضاري بتبوك مساء أمس الأول. وأضاف الأمير سلطان بن سلمان، أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين تركز دوما على إبراز تاريخ المملكة وحضارتها؛ ليرتبط المواطنون ارتباطاً وثيقاً بتاريخ هذه البلاد المباركة ونشأتها وحضارة أهلها قديماً وحديثاً، مثمنا ما يحظى به برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وقطاع التراث الوطني بشكل عام، من رعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مشيرا إلى اهتمامه «أيده الله» بمنطقة تبوك كما بقية مناطق المملكة وحرصه على زيارتها. وأضاف قائلا: "وددت أن أشير إلى مكالمة تلقيتها اليوم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وكنت في غرفة في منزل تراثي في منطقة تاريخية تحت الترميم بمدينة الوجه، حيث سألني -يحفظه الله- أين أنا، فقلت إنني في منزل تراثي بالوجه، فقال أنت محظوظ لوجودك في هذا المكان وفي منطقة تبوك، فقلت: إن شاء الله يكون لك قدوم لتبوك، فقال: قريبا إن شاء الله". وتابع سموه: "نحن اليوم نسير تحت قيادة هذا القائد المحنك الذي نهض في هذه المرحلة التاريخية من عمر بلادنا وانطلق في جميع الاتجاهات "يحفظه الله" بإصدار توجيهات سديدة من خبرة عميقة، ومن خلال سنوات طويلة من العمل خدم فيها الوطن والمواطن تحت مظلة ملوك المملكة واحدا تلو الآخر، ليدعم التراث ويكون رائدا للتراث الوطني الذي يعتز به كما قال في كلماته، وقبل عدة أيام سعدنا بإطلاق مشروع حي البجيري في الدرعية التاريخية برعايته الكريمة". وأعرب سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عن تقديره لسمو أمير منطقة تبوك، ومدير جامعة تبوك، ومسئولي الجامعة؛ على تنظيم الاحتفال بيوم التراث العالمي، وإقامة الملتقى التعريفي ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري بوصفه مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً، يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في برامج ومشاريع التراث الوطني، مشيرا إلى اعتزاز الهيئة بتفاعل الجامعات مع البرنامج من خلال تنظيم الملتقى التعريفي به، ولفت إلى الشراكة المميزة بين الهيئة والجامعة، معربا عن تقديره لعزم الجامعة افتتاح كلية للسياحة والتراث بتوجيه من سمو أمير المنطقة وبالتنسيق مع وزارة التعليم. وأوضح سموه أن الملتقى يهدف للتعريف بمبادرة حضارية وطنية، مهداة لكل مواطن عليه دور في التفكير في إحياء تاريخ بلاده وتحويله الى تاريخ معاش عبر تطوير المواقع وفتحها للمواطنين؛ لينطلقوا لمستقبلهم من قاعدة صلبة بأنهم يأتون من بلد الإسلام والحضارات وبلد الخير والمبادرات، وليشعر المواطن أنه لا يعيش في بلد له خصوصية فحسب كما يتردد بل يعيش في بلد له ميزات استثنائية؛ كونه مهبط الوحي وأرض الحضارات. وأضاف: "برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري يقدم أيضا للمواطن مسارا من المسارات المهمة لتحقيق المواطنة، التي تأتي من معرفة المواطن لوطنه وتاريخه وإنجازاته ومكتسباته ومكتسبات الوحدة الوطنية والتحديات التي يمر بها". وأضاف: "نحن ننظر للتراث الوطني انه ليس حنينا للماضي، وقد انتقلنا نقلة كبيرة جدا عن قضية الحنين للماضي والبكاء على ما سقط من مبنى أو مجرد ترميمه للمحافظة عليه، إلى العمل في قضية أكبر وهي تعزيز اللحمة الوطنية من خلال تلك المواقع، ومهمتنا الاساسية ان نخرج مواقع الوحدة الوطنية من الكتب لتكون واقعا معاشا، ولنعزز بذلك ايضا الاقتصادات المحلية وخلق فرص العمل وهذا ما نعمل عليه وهو ربط التراث بالاقتصاد والعمل على أن يستمتع المواطن بوطنه من خلال توفير المواقع المجهزة، ومنها المواقع التراثية في تبوك ليشم المواطن عبق تبوك عبر المسارات السياحية ويلتقي ويسعد بمواطن تبوك الكريم المبتهج المضياف وليعيش تجربة سياحية من القلب". وعبر الأمير سلطان بن سلمان عن اعتزازه باختيار سمو أمير منطقة تبوك شخصية العام للتراث العمراني في المنطقة، وتكريم سموه تقديرا لإسهاماته ودعمه لمشاريع وبرامج التراث العمراني في المنطقة. وقال إن هذا التكريم الذي يستحقه عن جدارة هو لسموه وقيادته الحكيمة للمنطقة، وهو أيضا لأجهزة المنطقة التي تعمل معنا بتضامن وشراكة كاملة ومن أهمها إمارة المنطقة، وأمانة منطقة تبوك التي تعمل مع الهيئة بشراكة حقيقية وليس شراكة شكلية، وتعمل معنا عن قناعة وبتنسيق متكامل. وقال سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، إن الهيئة تدير حاليا أكثر من 22 قطاعا رئيسا، ومنها قطاعات جديدة سلمت للهيئة مؤخرا ثقة من الدولة لخلق تحول في هذه المؤسسات، مشيرا إلى أن أكثر من 50 % من عمل الهيئة حاليا يصب في برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، لذلك نحتاج تعاون ووقفة الجميع ونريد المواطن ثم المواطن أن يكون هو الأول وهو الأسرع في التفاعل مع البرنامج في الحفاظ على تراث منطقته والوعي بأهميته وأن يبلغ عن أية تعديات أو سرقات في مجال الآثار، وأن يكون المواطن هو من يستبق في الاستثمار في التراث خاصة مع وجود برامج من الدولة لتمويل مشاريع التراث. وفور وصول سموهما لمقر الحفل افتتحا المعرض المصاحب والذي يعرض صورا تاريخية تبرز التراث الحضاري لمنطقة تبوك، وصورا عن برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري. وأكد مدير جامعة تبوك الدكتور عبدالعزيز العنزي في كلمته أن الجامعة وانطلاقا من اهتمامها بتراث المملكة سعت لتنظيم هذه الفعالية بالتعاون مع الهيئة، واستضافت متخصصين في التراث لإثراء الجلسات العلمية لهذا الملتقى المهم الذي تشهده منطقة تبوك الزاخرة بالتاريخ والتراث، بعد ذلك تم عرض فيلم تعريفي ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، بعد ذلك عرض فيلم وثائقي عن جهود سمو أمير منطقة تبوك لخدمة التراث بالمنطقة. ثم ألقى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك كلمة، عبر فيها عن شكره وتقديره لسمو رئيس هيئة السياحة والآثار على تكريمه واختياره شخصية العام في مجال التراث العمراني بالمنطقة، معلنا عن اهدائه هذا التكريم لشهداء الوطن والجنود البواسل المشاركين في عاصفة الحزم. وقال: "شرف كبير لي أن أحظى بهذا التكريم هذا المساء الذي هو تكريم لمنطقة تبوك ولكل من عمل في هذه المنطقة وساهم في المحافظة على تراثها وأصالتها"، وأشاد بما يبذله الأمير سلطان بن سلمان من جهد كبير؛ لرفع الوعي بالتراث والمحافظة عليه، وقال: "التكريم الأكبر في مجال التراث يجب ان يكون للأمير سلطان بن سلمان؛ لما قام به من جهود عظيمة لإحياء التراث، وما يقوم به من جولات ورحلات متعبة لمواقع التراث في مختلف مناطق المملكة، وتأسيس الهيئة التي زرتها واعجبت بتنظيمها وعملها الإداري ولفت نظري العدد الكبير والعالي المستوى من الشباب السعودي وهذا هو المكسب الحقيقي". وأضاف: "ليسمح لي سموكم ونحن نعيش هذه الأيام المجيدة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- وما نعيشه من فخر واعتزاز بقواتنا، أن نهدي هذا التكريم لشهدائنا من القوات والجيش ومن يشارك في الدفاع عن هذا الوطن سائلين الله أن يحفظه ويحفظ قائدنا لما فيه صالح العباد". وفي ختام الحفل، كرم الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة؛ بمناسبة اختياره شخصية العام للتراث العمراني في منطقة تبوك، تقديرا لإسهامات ودعم سموه لمشاريع وبرامج التراث العمراني في المنطقة، فيما قدم أمير منطقة تبوك درع الملتقى لسمو رئيس الهيئة. ويتضمن الاحتفال بيوم التراث العالمي أوراق أعمال في محورين، المحور الأول: التراث وآفاقه، والمحور الثاني: التراث في منطقة تبوك، بمشاركة نخبة من المتخصصين المحليين أو الدوليين، إضافة إلى المحاضرات العلمية والفعاليات الثقافية، فيما يشمل ملتقى برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري ورقة عمل للتعريف بالبرنامج يقدمها الدكتور علي الغبان نائب الرئيس المشرف على مسار التراث الوطني بالهيئة، إضافة إلى أوراق عمل عن "عناية المملكة بمواقع التاريخ الإسلامي" و"حماية التراث وإنشاء المتاحف بالمملكة" و"التراث العمراني في المملكة"، و"الاستثمار في مواقع التراث الحضاري" و"التوعوية والتعريف بالتراث الحضاري بالمملكة" و"الحرف والصناعات اليدوية بالمملكة"، وورشة عمل للتعريف بنظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني. ..ويطلعان على المشاركات المعروضة بالملتقى