حققت جائزة البحرين الدولية الكبرى لسباق السيارات (فورمولا 1) في نسختها ال11 التي اختتمت منافساتها مساء أمس الأول في حلبة البحرين الدولية بالصخير عوائد نوعية على مستوى الحركة الاقتصادية والسياحية للبحرين، حيث يتابع الحدث نحو 500 مليون مشاهد في 187 دولة حول العالم. وأولت الحكومة البحرينية اهتماماً كبيراً لتنظيم السباق والفعاليات المصاحبة له وتوفير كل عوامل نجاحه، كما سخرت كل الوسائل والإمكانات كي يخرج بالشكل المشرف، ويعطي مزيداً من قوة الدفع والقيمة المضافة للقطاعات والمناشط المختلفة الاقتصادية والثقافية والسياحية وغيرها. وبالرغم من كثافة الحضور والإقبال اللافت الذي أثمر في ارتفاع مبيعات التذاكر للعام الجاري بنسبة 22 بالمائة عن العام الماضي، إلا أن فرق العمل المختلفة قامت بتقديم كل ما هو جديد ومميز بالمقارنة بالفعاليات الرياضية المشابهة، ولعل الخدمات المقدمة والفعاليات المصاحبة للسباق هذا العام إضافة للفعاليات التقليدية المعروفة دليل واضح على ذلك، حيث أسهمت مثل هذه الخدمات والفعاليات التي امتازت بسهولة ويسر الحصول عليها وجاذبيتها وتنوعها في استقطاب الحضور من داخل وخارج البحرين، الذي لم يعد يقتصر على محبي رياضة المحركات فحسب، بل على محبي هذه الفعاليات الترفيهية والسياحية أيضاً. كما أسهم السباق في انتعاش الحركة الاقتصادية في البحرين خلال فترة السباق، حيث فاقت معدلات الاشغال في الفنادق العاملة 85 بالمائة، والكثير منها تخطى عتبة ال 90 بالمائة أو الحجوزات بالكامل، وهذه أرقام قياسية جديدة، كما استفادت كافة القطاعات الخدمية الأخرى كالمجمعات التجارية والمطاعم والمقاهي وسيارات الأجرة والنقل العام والمراكز الترفيهية من تزايد أعداد الحضور لمشاهدة السباق من ضيوف البحرين والذين ارتفعت أعدادهم بشكل ملفت هذا العام مع التجربة الثانية لتحول السباق من نهاري إلى ليلي، مما كان له أثر إيجابي على مستوى الدخل والمبيعات داخل وخارج الحلبة، خاصة مع الفعاليات المبهرة التي قدمتها الحلبة وكانت محل متابعة واعجاب. ويمثل هذا الحدث الذي يترافق معه العديد من الأنشطة والفعاليات المتنوعة، مشروعاً وطنياً حرصت البحرين على أن يبقى نافذة تعبر عن احتضانها للجميع من شتى بقاع الأرض، وبأنها أرض السلام والمحبة، وتتجلى هذه الأهمية الخاصة للسباق بالنظر لعدة مؤشرات في مقدمتها تصاعد وتيرة النمو الملحوظة في مداخيل الحلبة وعائداتها، ويعكس هذا التنامي الملحوظ عدة دلالات مهمة، أبرزها: ان إنشاء مشروع الحلبة كان مبادرة وفكرة خلاقة وفريدة من نوعها في المنطقة ضمن جهود مجلس التنمية الاقتصادية لأن تكون البحرين دولة جاذبة للاستثمارات والفعاليات الدولية الكبرى. كما أن قاعدة المستفيدين من السباق، والتي تشمل الجميع بلا استثناء، لا يمكن قصرها على داخل أسوار الحلبة ومضمارها فقط، بل تتعداها لتشمل كل ركن من أركان الاقتصاد والأسواق، وفي هذا الشأن قدرت العائدات المباشرة الاقتصادية لسباق (فورمولا 1) خلال الفترة من (2004-2014) بأكثر من ملياري دولار أمريكي، فضلاً عن إيجاد ثلاثة آلاف فرصة عمل طيلة أيام السباق سنوياً، ونحو 400 وظيفة دائمة في حلبة البحرين الدولية، وكذلك فإنه يستقطب حوالي 100 ألف زائر سنوياً من مختلف دول العالم. وهو ما يضاف بالطبع إلى العوائد غير المباشرة لإقامة السباق، فالمردود الاقتصادي للسباق لا يتوقف عند منطقة الصخير فقط كمرافق رياضية، وإنما يتعداها بصورة أوسع نطاقاً ليشمل مختلف القطاعات الحيوية بالاقتصاد خصوصاً الخدماتية منها مثل: النقل ومرافق الضيافة كالمطاعم والفنادق ومجمعات التسوق، بل وتمتد لتشمل حتى سيارات الأجرة وبائعي الهدايا التذكارية وغيرهم الكثير من المؤسسات المتوسطة والصغيرة التي ستستفيد بدورها من دوران السيولة الكبيرة في السوق المحلي. والمعروف هنا أن هذه المنافع لا تتوقف على العوائد المالية فحسب، ولا تقتصر على تهيئة فرص عمل جديدة للقوى العاملة الوطنية، وتوسيع القاعدة الإنتاجية وإنشاء وحدات إنتاج أكثر لخدمة زوار الحدث الرياضي الضخم، وإنما تشمل أيضاً توطين الخبرة الفنية للتعاطي مع مثل هذه الأحداث الكبرى، وهو ما تشهد به الثقة العالمية في قدرة البحرين ومرافقها ومواردها البشرية وكوادرها على تنظيم واستضافة الفعاليات المختلفة، ما جعلها وجهة إقليمية لصناعة المعارض العالمية.