أي شخص يقوم بتصفح الأخبار في الآونة الأخيرة قد يعتقد أن ساعة شركة أبل، التي نزلت للمبيعات بشكل رسمي في الرابع والعشرين من إبريل، تعتبر ضربة ناجحة تماما. كتبت مجلة فورتشِن: «إن ساعة شركة أبل نفذت (تقريبا) خلال 30 دقيقة». وأفادت صحيفة الواشنطن بوست: «إن جميع موديلات هذه الساعة تبدو أنها قد نفذت أيضا». بيع الموديل بسعر 17 ألف دولار في الصين خلال أقل من ساعة، وقد تهافت المتسوقون المتلهفون على كل موديل، بأي سعر معروض، وتم تأجيل تواريخ الشحن إلى ما بعد الرابع والعشرين من أبريل لشهر مايو وحتى يونيو. لكنك إذا دققت في الأرقام، تبرز لك قصة مختلفة. يلاحظ تيم هيجينز، زميلي في بلومبيرج، أن العملاء كانوا قادرين على تجريب الساعة في متاجر أبل المنتقاة اليوم، ومع ذلك لم يصطفوا في جماعات حاشدة للحصول على ذلك المنتج. في متجر الشركة المعروف عند الشارع الخامس في مانهاتن، كان طول خط المصطفين حوالي 10 دقائق. وكان هذا أيضا هو الحال في لندن وباريس وبكين. في سبتمبر الماضي، اصطف مئات من الناس لشراء جهاز الآيفون 6 أمام متجر الشارع الخامس، وبلغ طول الطابور أنه دار حول الحي بأكمله. لذا ما الذي يفسر التناقض بين سلوك المستهلكين حيال الساعة عبر الانترنت ومن دون الانترنت؟ أحد الأجوبة هو أن طرح شركة أبل للساعة في الأسواق- بما في ذلك الموديلات المباعة وفكرة الناس أن الكميات قليلة - قد يؤدي إلى خلق هالة من الطلب الكثيف. وتأمل الشركة أن الثرثرة الناتجة تستطيع توليد مبيعات لجهاز ترى أكثر المراجعات حماسة الذي تتحدث عنه وتعترف أنه بحاجة إلى بعض التعديلات. أنا لا أقول هذا حتى يفهم القارئ من كلامي أن شركة أبل تقوم بأي عمل خاطئ. إن الشركة لم تكن أبدا صانعة للساعات أو حتى لها هواية في عالم الأزياء الراقية. أما الآن فهي تحاول القيام بكلا العملين واستراتيجيتها التسويقية تعكس هذا الواقع. تعتبر الندرة سمة أساسية لجعل شيء ما سلعة من الكماليات، حيث إنها تبقي الأسعار مرتفعة وتبرز الفرق بين، لنقل، حقيبة يد فاخرة وحقيبة أخرى عادية تكلفتها أقل بعشرات الآلاف من الدولارات من حقيبة اليد الفاخرة. ليس من غير المألوف للأشياء العصرية جدا أن تكون على الدوام في قائمة الانتظار، ولهذا السبب تعتبر المنتجات المزيفة مشكلة في مجال صناعة الأزياء الراقية. لا تعتبر أنجيلا آريندتس، رئيسة مبيعات التجزئة وعبر الانترنت في شركة أبل والرئيس التنفيذي السابق لبيربري، غريبة على علم النفس التسويقي اللازم لتسويق السلع الكمالية. لذلك، كانت هنالك مفاجأة صغيرة بأن تقوم شركة أبل بتحويل استراتيجيتها في المبيعات حول إنتاج الساعة، التي يتراوح سعرها بين 349 دولارا و17 ألف دولار. في ظل رئاسة آريندتس، تكون الساعة متاحة للمبيعات عبر الانترنت فقط، ما يعني أن بإمكان المشترين رؤية الساعة وتجربتها والتعرف عليها- ومن ثم ينبغي عليهم الانتظار لأسابيع أو حتى أشهر ليصل طلبهم. إنها نفس الاستراتيجية التي ساعدت في جعل حقيبة هيرميس بيركين حقيبة يجب اقتناؤها، حتى بالأسعار الفلكية التي وصلت لعدة آلاف من الدولارات. يقول بايبر جافري، المحلل لدى جين مونستر، إنه من الصعب التنبؤ فيما إذا نفذت كميات ساعات أبل بسبب أنه كان هنالك أطنان من الطلبات أو لأن الشركة استخدمت بشكل استراتيجي سمة الندرة لخلق هيجان عبر الانترنت على هذه الساعات. وكتب يقول: «نحن نعتبر ذلك مؤشرا على الطلب المتين المقترن بالعرض المحدود، حيث إن العرض في هذه الحالة هو العامل المحدد الأهم». حتى في الوقت الذي لا يستطيع فيه المتسوقون الصبر للحصول على ساعاتهم، قد يكون الطلب منخفضا نسبيا. تقدر مونستر بأنه سيكون هنالك 300 ألف طلب مسبق خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى، وأن الشركة استطاعت بيع مليون ساعة خلال افتتاح عطلة نهاية الأسبوع. بالمقارنة، تلقت شركة أبل 4 ملايين طلب مسبق لجهاز الآيفون 6 و6 بلاس وباعت أكثر من 10 ملايين جهاز خلال افتتاح عطلة نهاية الأسبوع. قد تحشد استراتيجية شركة أبل ما يكفي من الاهتمام للحفاظ على مبيعاتها مضطردة في الأشهر المقبلة. (إن حقيقة امتلاك المشاهير أمثال كيتي بيري ودريك فعليا لتلك الأجهزة قد يساعد في الطلب، أيضا). هل يوجد أي شيء سيئ في هذا؟ بالطبع لا. قد تصبح ساعة أبل يوما ما منتجا عظيما، لكن أولا على أبل أن تحرك رغبتنا في الحصول على واحدة، رغم أننا نعلم أن باستطاعتنا العيش من دونها.