طالب الدكتور توفيق السديرى وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف في المملكة- الشباب في العالم العربي والاسلامي بتلقي الفتوى والعلم الشرعي عن العلماء المتخصصين الثقات حتى لايقعوا فريسة لفكر الجماعات المتطرفة، داعيا العلماء والدعاة والأساتذة في المدارس والجامعات بحسن توجيه الشباب وتحصينه فكريا ضد الفكر الضال. وقال الدكتور السديرى في حديث خاص ل»اليوم» على هامش مشاركته في المؤتمر الإسلامي الدولي الرابع عشر الذي نظمه المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية بالقاهرة بداية مارس الجاري: إن الارهاب لا دين ولا وطن له، مطالبا بعدم محاكمة الاسلام بسلوكيات خاطئة يرتكبها قلة ينسبون أنفسهم للاسلام، وهم جاهلون بتعاليمه الصحيحة. وفيما يلي التعرف على المزيد من آرائه: كيف تنظرون إلى العلاقات الأخوية بين المملكة ومصر؟ * العلاقات الاخوية التي تربط بين البلدين الشقيقين بفضل الله تعالى هي علاقات طيبة وراسخة وقوية وفي تقدم وازدهار، وذلك لان المملكة ومصر يمثلان محور الارتكاز للمنطقة العربية والعالم الإسلامي. الفكر الضال كيف ترى علماء الاوقاف والدعوة في مواجهة الفكر الضال الذي يدعو إلى العنف والإرهاب؟ * نعم هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق علماء الاسلام في توضيح مفاهيم الاسلام الصحيحة للشباب وتوعيتهم ضد الافكار الضالة والمتطرفة، خاصة في الآونة الأخيرة، كما أنه لابد من تفعيل دور المؤسسات الدينية الاصيلة كالازهر مثلا في مصر، وغيره من المؤسسات الدينية الاصيلة التي تنشر الاسلام الصحيح وتوجه الشباب نحو الحق والصواب، وعلى الشباب أن يأخذوا معلوماتهم الدينية والفتاوى من هذه المؤسسات ومن العلماء الثقات. ما نشاهده الآن من سلوكيات خاطئة تصدر عن بعض المحسوبين على الاسلام هل يؤثر على إيمان الشباب؟ * نعم قد تؤثر هذه السلوكيات بالسلب على الشباب، فنجد أن بعضهم قد اتجه الى الالحاد مثلا، وبعضهم اتجه الى اعتناق الفكر المتطرف وبالتالي اتجه الى الارهاب. لكن ما الذي أدى بهذا الشباب إلى هذا الوضع؟ -طبعا البعد عن العلماء الحقيقيين والمؤسسة الدينية الرسمية، وبالتالي استغلت الجماعات المتطرفة هذه الفجوة، بين الشباب والعلماء، وقامت بغسل أدمغة الشباب، ومن هنا نشأت الاشكالية في هذا الجيل، وما نراه نتيجة للبعد عن العلم الشرعي الحقيقي. ولكن من السبب في هذا؟ * السبب الرئيس هو الجماعات التي نشأت عبر عقود من الزمن وكونت لها ايديولوجية، فنجد شخصا ما ليس متخصصا في علوم الدين يتصدر للافتاء في الدين، ايضا تقصير المؤسسات الدينية الرسمية جعل الشباب يقعون فريسة لهذه الجماعات وهذه الافكار. تحصين الشباب من وجهة نظركم ما هو الدور الذي يجب القيام به الآن؟ * دورنا الآن هو أن نعيد الشباب الى الطريق الصحيح، كل منا في موقعه سواء العلماء والدعاة أو الاباء والامهات أو الأساتذة في المدارس والجامعات، فأساتذة الجامعات يعول عليهم كثيرا في هذا الوقت لقربهم من الشباب. البعض يرى أنه لكي نوجه الشباب تجاه الفكر الصحيح ونحصنه ضد الفكر الضال، لابد من صياغة خطاب ديني جديد أو بمعنى اخر تجديد الخطاب الديني، فما تعليقكم؟ * الخطاب الديني فيه ثوابت وفيه متغيرات فيجب أن نأخذ في الاعتبار الثوابت التي لاتتغير، وكذلك المتغيرات، وأمامنا نموذج عملي، ان تنظيم داعش الارهابي تفوق اعلاميا في التأثير على الشباب الذي تأثر بفكر هذه الجماعة، فهذه الجماعة استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤسسات الدينية الرسمية في العالم الاسلامي مطالبة بان تستخدم هذه الوسائل مع الشباب. لكن كيف يمكن إحباط الحرب النفسية التي يشنها تنظيم داعش الارهابي في العالم الاسلامي والعربي؟ * الحل هو كشفهم على حقيقتهم لان ما يفعلونه مجرد بهرجة اعلامية، ووضعهم في مكانهم الحقيقي فهم جماعة ارهابية ومتطرفة، قامت بتوظيف الدين ونصوص القران الكريم والسنة توظيفا خاطئا ووجهت هذه النصوص لخدمة اهدافها واجندتها. كما تعلمون ان صورة الإسلام في الخارج أصبحت مشوهة، بسبب الاعمال الاجرامية التي يمارسها بعض المحسوبين على الاسلام، الربط بين الاسلام والارهاب، ما علاج هذه المشكلة من وجهة نظركم؟ -كما هو معلوم لدى الجميع ان الارهاب لا دين له ولا وطن له، وكل العقلاء في العالم يدركون هذه الحقيقة، وهناك من يقومون بتشويه صورة الاسلام سواء من اعداء الاسلام أو أبناء المسلمين الذين يرتكبون أعمالا حمقاء لا يقرها الاسلام، وفي هذا الصدد نؤكد أنه لا يجب ان يحاكم الاسلام بسلوكيات خاطئة يرتكبها قلة ينسبون أنفسهم للاسلام، كما انه يجب ألا يحكم على الاسلام بسوء فهم بعض أبناء الاسلام أو جهلهم بتعاليمه السمحة، ولايجب تحميل الاديان السماوية جميعا أخطاء المنتسبين لها. فالديانات يجب ألا تحمل أخطاء منتسبيها لأن منهم من انحرفوا كثيرا عن تعاليم هذه الاديان. المراكز الإسلامية لكن كيف يمكن توصيل هذه الفكرة إلى العالم الآخر؟ -هذا هو دور المراكز الثقافية والاسلامية في الخارج ووسائل الاعلام ايضا عليها دور كبير في توصيل هذه الفكرة، وفي هذا المقام يجب أن نثمن الدور الذي يقوم به مركز الملك عبدالله للحوار في فيينا والذي تم انشاؤه تحت مظلة الأممالمتحدة، فهذا المركز يقوم بدور عظيم في الحوار، وبالتالي تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة عن الاسلام من خلال الحوار، وبالتالي لابد من وصول الصوت الاسلامي الذي يدعو الى الاسلام المعتدل والذي يبين سماحة الاسلام ودعوته الى التعايش السلمي بين الشعوب والى التعارف وتنمية العلاقات الانسانية، وبالتالي لابد ان يصل صوتنا للخارج عن طريق الجاليات العربية والاسلامية والجامعات والمراكز الاسلامية المنتشرة في الخارج. كلمة أخيرة ولمن تريد توجيهها؟ * لدي ثلاث رسائل، الاولى للمؤسسة الدينية في العالم العربي والاسلامي: يجب ان نتسامى فوق الخلافات، فالبعض يحاول أن يجرنا الى خلافات تاريخية، فنحن الآن لدينا قضايا حرجة وحساسة ويجب ان يكون لدينا استراتيجية لمواجهة هذه الافكار. والرسالة الثانية موجهة للشباب في العالم العربي والاسلامي بان يأخذوا العلم الشرعي عن العلماء الثقات، ولايأخذوا الفتوى إلا منهم، والرسالة الاخيرة موجهة الى الجامعات، فيجب أن يكون لدينا مراكز أبحاث في هذه الجامعات لخدمة قضايا المجتمع والأمة. د. السديري أثناء اللقاء مع المحرر