بعد قرار مجلس الوزراء القاضي بفرض رسوم على الاراضي البيضاء داخل النطاق العمراني «رغم ان آلية التنظيم والتنفيذ لم تصدر بعد»، استبشر المواطنون بهذا القرار «الشعبي» آملين ان يؤثر ايجابا على الأسعار بالانخفاض، وهنا لا ارغب في تكرار الحديث عن هذا القرار الذي أُشبع تحليلاً من المختصين وغير المختصين. الا انني هنا أودّ ان اطرح بعض أسباب أزمة العقار والتي أدت الى التضخم في المدن الرئيسية، فالمشكلة لها جذور متراكمة بدأت منذ إيقاف دعم صندوق التنمية العقاري، والذي يمثل قناة تمويل أساسية للكثيرين ممن كانوا يملكون الاراضي الاستثمارية ولا يستطيعون تطويرها بالبناء، ففي تلك الفترة من الزمن تجلت فيها صورة من صور الشراكة الاستثمارية البسيطة بين المواطن والدولة ولكن انقطع هذا الرافد في عام 1419ه. مر بعدها سوق العقار بركود فلم يبق الا المساهمات العقارية التي كان العمل بها مبنياً على الجهود الفردية ويفتقر للعمل المؤسساتي المؤهل، فعّمت فائدتها على الغالبية، المطور وجد التمويل من المساهمين، والمساهم كان له الاختيار بين امرين اما ان يطبق مساهمته ويتملك الارض او يأخذ رأس ماله والأرباح أياً كانت، مما أحدث نوعاً من التوازن المطلوب ما بين العرض والطلب، بغض النظر عن العيوب التنظيمية وغياب التشريعات التي أدت الى خلط بين «الصالح والطالح» في هذا المجال، مما أدى الى فقدان الثقة بين التاجر والمستثمر الامر الذي ترتب علية إيقاف العمل بالمساهمات العقارية وبهذا فقدنا رافدا تطويريا آخر. ثم تلا ذلك التصريح للصناديق العقارية كبديل للمساهمات العقارية، والذي لم يحقق المأمول منه اضافة إلى تحجيمه لدور المطور العقاري لصالح المؤسسات المالية. مما سبق نستطيع ان نستشف ان العمل العقاري الناجح والذي يغطي احتياجات المواطنين، هو العمل الذي يرتكز اولا على تشريعات تنظيمية تحمي حقوق الطرفين بالاضافة الى الحاجة الى قنوات تمويل متنوعة، يجب الاستفادة من صلاحيات وزارة الإسكان لوضع الانظمه والتخطيط والتمويل لدعم ملاك الاراضي وتكون كجهة إشرافية تتابع العمل حتى إنهائه وتسليمه بتاريخ محدد، او ان تكون حلقة وصل بين ملاك الاراضي والمؤسسات المالية بالضمانات التي تراها مناسبة في فترة مهلة تعطى لمالك الارض قبل البدء بتنفيذ قرار فرض الرسوم على الاراضي البيضاء. فالهدف النهائي هو تطوير هذه الاراضي وتقليل الفجوة بين العرض والطلب والتقليص من عدد المتضررين من هذا القرار لأننا أبناء وطن واحد وهدفنا واحد هو عمارة الارض. قال تعالى: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} سورة هود آية61.