نتداول بيننا هنا وصفاً عاماً لحالة القصور لدى العمالة الوافدة في جانب ثقافة القيادة للمركبات، فنقول: «شوارعنا أصبحت مدارس لتعليم القيادة للأجانب». وهذه عبارة حقيقية إلى حد ما، وتخلف صورا من مسببات الحوادث في الطرق، ربما لاختلاف أنظمة القيادة أحياناً أو الثقافات المرورية المتدنية في المجتمعات البسيطة والفقيرة، كذلك تلاعب واستهتار مؤسسات الاستقدام في التدقيق في الرخص وضمان موثوقيتها من مؤسسات دولية معتمدة، أيضاً المؤسسات هنا وكذلك الأسر تغيب عنها ثقافة الفحص والاختبار لهذا السائق القادم من خلف البحار، ليتم توليه القيادة من الساعة الأولى لوصوله، فأذكر بهذا الصدد أن أحد الزملاء وصله سائق جديد للعائلة، ولفرحته بهذا القدوم الذي سيكف عنه الطلبات والمشاوير المكثفة والمتلاحقة للأسرة، سلم السائق السيارة في المطار مباشرة منذ لحظات وصوله الأولى، دون أن يكلف نفسه التأكد من وجود رخصة قيادة، معرضاً نفسه وغيره في الطريق إلى خطر كبير، فما هي إلا دقائق ليكون الجميع فوق أحد أرصفة المطار، فهذه تجاوزات تولد الخطورة رغم أنه بالإمكان معالجتها بما يحد من أي أضرار بتعميم الجهات المرورية المعنية على سفاراتنا في الخارج بعدم استقدام أي سائق ما لم يتم فحص قدرات القيادة لديه بشكل رسمي وموثوق، بالتعاقد مع مؤسسات مهمة لهذا الغرض في الدول المصدرة للعمالة، ولا يمنع أن تتولى السفارة الفحص مباشرة، حتى لو اقتضى الأمر إيفاد رجل مرور متخصص في سفاراتنا في كل بلد يمكن الاستقدام منه. فمستوى الخطورة وحجم الضرر الذي نعاني منه في طرقنا يستوجبان مثل هذا التنظيم، كما نناشد الشركات الكبرى والمتوسطة هنا بضرورة فتح فصول لتعليم أسس القيادة للسعوديين ولغيرهم من السائقين؛ حرصاً على تعميم ثقافة القيادة السليمة، وهنا قد يقول قائل إن الخلل ليس في السائق الأجنبي بل في ثقافة المرور والقيادة هنا، فهناك رعونة واستهتار من غالبية السائقين في شوارعنا، بل يقول البعض بثقة: إننا من نعلم الوافدين طرق المراوغة والمخالفة والتهور، وهذا عكس ما يقوله البعض من تعلم الأجانب القيادة هنا، فنتمنى أن تكون بلادنا مدرسة للقيادة المرورية المنضبطة. عموماً المسألة خطيرة ولا بد من تعميم ثقافة القيادة السليمة وتكثيفها في كل وقت وفي كل فرصة، فأرقام الحوادث هنا متزايدة رغم كل نواقيس الخطر التي تدق، ولكن يبقى الأمل في وعي المجتمع لتصحيح المسار والرجوع بأرقام الحوادث إلى أقل ما يمكن. كاتب وإعلامي