بعد رد الفعل في الأسبوع الماضي، على بداية برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي، الأسواق تحوّل اهتمامها إلى اجتماعات اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، يومي الثلاثاء والأربعاء هذا الأسبوع. لكن على عكس برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي الذي يدعم أسعار كل من الأسهم والسندات في أوروبا، فمن غير المرجح أن يقوم الاحتياطي الفدرالي بإرسال إشارة واضحة. بدلاً من ذلك، من المحتمل أن يجعل الأسواق أكثر إدراكاً بكثير للتأثيرات المتضاربة بسبب انتعاش الولاياتالمتحدة القوي واحتمال زيادة أسعار الفائدة بحلول شهر أيلول (سبتمبر)، الأمر الذي يوفر المزيد من الأدلة عن اختلاف أكبر في السياسة الاقتصادية والنقدية بين الولاياتالمتحدة ومعظم البلدان الأخرى. في الأسبوع المقبل، من المرجح أن يقوم مسؤولو الاحتياطي الفدرالي بالإشارة إلى تحسّن طفيف في آفاق الاقتصاد الأمريكي. هذا التحليل سيكون مدفوعاً من قِبل العوامل المحلية والخارجية على حد سواء التي تعتبر إيجابية صافية، وإن لم تكن كذلك بشكل منتظم. محركات النمو المحلية الأقوى - المدعومة من التوسع المستمر على نطاق واسع في مجال العمل – ما تزال معرقَلة بسبب التباطؤ نمو الأجور، إلى جانب عدم كفاية دعم الكونجرس للإصلاحات الهيكلية. أما بالنسبة للمحركات غير المحلية، فإن الأثر الانكماشي للارتفاع الحاد في قيمة الدولار الذي لا هوادة فيه يعتبر بمثابة تعويض جزئي لانخفاض السحب في أوروبا، لأن تلك المنطقة - أكبر كتلة اقتصادية في العالم - تستجيب بشكل إيجابي للتأثير التحفيزي المشترك لبرنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي، وضعف اليورو، وانخفاض أسعار النفط. نظراً إلى صافي الأثر الإيجابي العام، من المرجح أن يستمر الاحتياطي الفدرالي بعمليته التدريجية للغاية في تطبيع السياسة النقدية. بعد أن أنهى البنك برنامجه للتسهيل الكمي في أكتوبر الماضي، فالتركيز الآن هو على الإشارة لخروج حذر للغاية من أسعار فائدة بنسبة صفر بالمائة خشية أن تقوم هذه بتشويه الأسواق بشكل مفرط وزيادة مخاطر عدم الاستقرار المالي أثناء ذلك بسبب تخصيص غير ملائم للأصول والموارد. من أجل هذه الغاية، من المرجح أن يقوم مسؤولو الاحتياطي الفدرالي بتعديل توجههم نحو السياسة الأسبوع المقبل - على الأرجح عن طريق إزالة كلمة «صبر»، التي تم إدخالها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي لتحل محلّ عبارة «وقت طويل» في وصف طريقة تفكير الاحتياطي الفدرالي من حيث «تطبيع موقف السياسة النقدية». عندها قد يقوم البنك المركزي بالشروع في المرحلة المقبلة بعملية توازن دقيقة. من ناحية، سيقوم بفتح إمكانية بدء دورة رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي للغاية ابتداءً من هذا الصيف، في وقت مبكر ربما يكون في يونيو. ومن ناحية أخرى، قد يرغب بمنع الأسواق من التسرّع من خلال التسعير الفوري بأسعار الفائدة الأعلى التي من المرجح أن تسود في نهاية دورة الارتفاع (ما يسمى المعدل النهائي). في سعيه لإقناع الأسواق بالتركيز على ما يُحتمل أن يكون رحلة موزونة وبطيئة جداً (بدلاً من الإسراع إلى الوجهة النهائية، كما كانت هي الحال تاريخياً)، «الممارسة اللغوية» للاحتياطي الفدرالي من شأنها أن تتطور إلى أبعد من مجرد إزالة كلمة «صبر». من المرجح أن يقوم المسؤولون أيضاً بالتشديد على شروط نواياه لسياسة أسعار الفائدة، بما في ذلك الاستعداد الكبير من البنك المركزي لتغيير المسار إذا كانت الآفاق الاقتصادية ستكون ضعيفة. التاريخ قد ينظر فعلاً إلى اجتماع الاحتياطي الفدرالي الأسبوع المقبل باعتباره خطوة بارزة في الشروع في دورة تطبيع أسعار الفائدة. لكن الاختبار الحقيقي يبقى ما إذا كان هذا التطور في نهاية المطاف سيكون بمثابة جزء من عملية مالية منظمة ستسمح للانتعاش الاقتصادي بالتوسّع من حيث النطاق والحجم.