إلى (زينب العلوي) وأبنائها الثلاثة الذين قضوا اختناقا إثر الحريق الذي نشب بمنزلهم في بلدة الجفر بالأحساء مساء الثلاثاء الماضي. صباحاً أزورُ جميعَ حدائقِ هذا الوجودِ أفتّشُ عن نسمةٍ من عبيرِ الحياة أعودُ بها نحوكمْ كي أفكّ بها سطوةَ الاختناقِ وأبعثكمْ من جديدٍ إلى عالمٍ من سلامْ ... كرهتُ التنفسَ من أجلكمْ وما في الفضاءِ من (الأوكسجينِ) تحررتُ من رئتيَّ وأغلقتُ كلَّ نوافذِ بيتي وحذّرتُ أطفالي الحالمينَ بأن يلعبوا بالبوالينِ في صالةِ البيتِ أو يطلبوا رحلةً للملاهي ولكن بكيتُ وعدتُ أقبّلهم واحداً واحداً وأهمسُ عتباً : لماذا حييتم إلى الآنَ إنّ الحياةَ على كلِّ طفلٍ حرامْ؟! ... كرهتُ التنفّس لكن: مددتُ شرايينيَ النازفاتِ خراطيمَ أمنٍ لكي أطفئَ الخوفَ في أعين الوردِ.. أُعمي الدخانَ وأطردَ هذي الثعابين حينَ أغارتْ على عشِّ هذا الحمامْ ... سأقلعُ عن عادتي في التنفسِ.. لا شأنَ لي بالحياةِ وقد غادرَتها الأماني ولم أستطعْ أن أصونَ الزهورَ وأحمي شفاهَ البنفسج من غارةٍ شنّها في الظلامِ الضرامْ ... تحسّستُ قلبي لمستُ الحريقَ الذي حاصرَ السوسناتِ وأفزَع سربَ السنابلِ.. فانسدّ مجرى الشرايين في داخلي إلى أن غدوتُ على بابِ حجرتكمْ خامساً في الضحايا وإن لم يشأْ يصطفيني لأصحبكمْ في الرحيل الحِمامْ ... كرهتُ التنفسَ من رئةِ الشعرِ أيضا فكيفَ وهذي القوافي مراياً تفحّم في وجهها كلُّ معنىً بهيّ تشظتْ بها الصورُ الشاعريةُ حتى استحالتْ حطامْ ... وما عادَ في شرفاتِ الكتابةِ من شرفةٍ كي أطلّ على فرحتي ولا أن أبدد غيمَ السكوتِ على شفتيّ وليسَ بقلبيَ من لهفةٍ للكلامْ ... هنا (زينبٌ) قد تمسّكَ أطفالُها بالعنادِ وقد أقنعوها بأنهمُ خائفونَ إلى أن تخلّتْ عن الرأيِ في أن يناموا وحيدين في غرفةِ النومِ ليلاً فجاءتْ إلى قربهمْ كي تنامْ