لا شك في أن الطفرة الهائلة التي نعيشها الآن من تطور شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت والقنوات الفضائية وثقافة الوجبات السريعة كل ذلك أحدث فجوة ثقافية بيننا وبين أبنائنا وللتغلب على هذه المشكلة علينا بناء جسور من العلاقة الإيجابية التي يغلفها الحب لتنشيط عملية التواصل بيننا وبين أبنائنا، وسأذكر هنا عددا من الوسائل التي تساعدنا في تقوية هذه العلاقة : * اقض بعض وقتك مع أولادك كل واحد منهم على حدة سواء بتناول وجبة الغداء خارج البيت أو ممارسة رياضة المشي أو الحديث والسوالف معه. * احتفل بإنجازات اليوم، فمثلا أقم مأدبة غداء خاصة لأن ابنك فلان أتم حفظ جزءا من القرآن الكريم اليوم، أو لأن آخر اشترك في فريق كرة القدم بالمدرسة أو لأن الثالث حصل على درجة جيدة في الامتحان، حتى يشعر كل منهم بأنك مهتم به وبأحداث حياته، ولا تفعل ذلك مع واحد منهم فقط حتى لو كان الآخر لا يمر بأحداث خاصة به، لكن ابحث في حياته وبالتأكيد سوف تجد شيئا. وتذكر أن ما تفعله شيء رمزي وتصرف على هذا الأساس حتى لا تثير الغيرة بين أبنائك فيتنافسوا عليك، ثم تصبح بينهم العداوة بدلا من أن يتحابوا ويشاركوا بعضهم البعض. * أخرج ألبوم صور أولادك وهم صغار واحك لهم قصصا عن هذه الفترة التي لا يتذكرونها، وبعض المواقف اللطيفة والطريفة التي حدثت لهم. * قل لهم كيف أنك سعيد بكونك أباهم وكيف أنك مسرور وسعيد بالطريقة التي يشبّون بها وذكرهم بشيء تعلمته منهم. * اعرف جدول أولادك ومدرسيهم وأصدقاءهم حتى لا تسألهم عندما يعودون من الدراسة بشكل عام "ماذا فعلتم اليوم؟" ولكن تسأل: ماذا فعل فلان؟ وماذا فعلت المدرسة فلانة؟ فيشعر بأنك متابع لتفاصيل حياته وأنك تهتم به. * عندما يطلب منك ابنك أن يتحدث معك لا تكلمه وأنت مشغول بشيء آخر كالأم عندما تحدث طفلها وهي تطبخ أو وهي تنظر إلى التليفزيون أو ما إلى ذلك، لكن اعط تركيزك كله له، وانظر في عينيه وهو يحدثك. * شاركهم في وجبات الغداء واحرص على ذلك، وتبادل أنت وأولادك التحدث عن أحداث الأسبوع، وأكرر لا تسمعهم فقط، بل احك لهم أيضا ما حدث لك. * اكتب لهم في ورقة صغيرة كلمة حب أو تشجيع أو طرفة وضعها بجانبهم في السرير إذا كنت ستخرج وهم نائمون أو في حقيبة مدرستهم حتى يشعروا بأنك تفكر فيهم حتى وأنت غير موجود معهم. * أعلم طفلك بحبك وإعجابك به بشكل غير مباشر وهو غير موجود معك كأن ترفع نبرة صوتك وهو في حجرته. * اختلق كلمة سر أو علامة تبرز حبك لابنك ولا يعلمها أحد غيركم. * حاول أن تبدأ يوما جديدا كلما طلعت الشمس تنسى فيه كل أخطاء الماضي، فكل يوم جديد يحمل معه فرصة جديدة يمكن أن توقعك في حب ابنك أكثر من ذي قبل، وتساعدك على اكتشاف مواهبه. * احضن أولادك وقبلهم وقل لهم: إنك تحبهم كل يوم، فمهما كثر ذلك فهم في احتياج له دون اعتبار لسنهم صغارا كانوا أم بالغين. * تذكر أن حب الوالدين للأبناء غير مشروط بأي شرط، فلا نقول : (أنا أحبك لأنك حصلت على الدرجة النهائية في الامتحان)، وأيضًا لا نقول: (لن أحبك إذا فعلت كذا)، إننا بذلك نزعزع أمانهم النفسي الذي يستمدونه من خلال شعورهم بمحبتنا لهم وتقديرنا لذواتهم، ونكون قد أخطأنا الطريق إلى الثمرات الرائعة للحب غير المشروط وهي الطاعة والالتزام والتضحية. * عبِّر لابنك عن حبك له بطريقة عملية، وذلك بأن تهتم برأيه، واستشارته في بعض الأمور، وأن تقدر مشاعره وتشعره بأنه فرد مهم في الأسرة، ومحترم فيها، وأنكم جميعًا تفهمونه، وتقدرون مزاياه، وإنجازاته، وهواياته، وميوله، ومن ذلك التعبير أيضًا أن تعفو عن هفواته وأخطائه خاصة التي أخطأ فيها بسبب نقص خبراته، وأن نعتذر منه إن أخطأنا معه أو قسونا عليه. وبذلك نكون قد وضعنا أسسا ودعائم لتقوية جسور المحبة والمودة بيننا وبين أبنائنا، فننتفع بهم، ويسعد بهم وطنهم.