في حين كان زميلنا الخلوق محمد الثبيتي على السرير الأبيض، الذي لم يعد هكذا عند البعض، يعاني من خطأ طبي، سبب له انتكاسة صحية صعبة؛ هناك أيضاً الكثير من الحالات التي تعاني من نفس الظروف، سوى أن حالة الزميل كانت تحت المجهر، أو قل وقع المخطئون في ورطة مع الصحفيين وحملة الأقلام، الذين تباروا في دعم حالة الزميل والتشهير بالخطأ الطبي، الذي دفع بسمو أمير المنطقة لتشكيل لجنة طبية؛ لتحديد الخطأ ومعالجة الوضع، وهذه -بلا شك- لفتة كريمة من سموه كمسئول لوضع اليد على الجرح، أو هي جروح كثيرة في مستشفياتنا الخاصة والعامة منها على حد سواء، حيث تضمحل المهنية وتبرز -غالباً وبقوة- رغبات التكسب المادي على حساب دماء المرضى وصحتهم. وكما كنا نسمع عن نسيان أدوات الجراحة في بطون المرضى، هناك من الأخطاء ما لا يُرى لا بالعين المجردة ولا بالمجهر، فحالات كثيرة ودعت الدنيا بسبب استيطان الميكروبات غرف المرضى وأجنحة الطوارئ، فيدخلون بعلة يمكن الاستبراء منها، ويخرجون بشهادات وفاة، وفي حالة أقل سوءا يخرجون بعاهات وعلل مستديمة. لا أكتب هذا الكلام من نسج الخيال، بل لحالات معاشة معنا، وربما مررنا بها شخصياً، وأذكر لكم قصة السائق الذي استقدمته للعمل هنا، ولاحظت عليه في أيامه الأولى تعباً وصفرة في الجسد، فنقلته لمستشفى خاص، وهناك شخصوا حالته على أنها الزائدة الدودية، وأجريت له عملية جراحية كلفت الكثير، واحتاج الرجل إلى كمية دم مهولة ليخرج بعد العملية بحالة أشد وهنًا وضعفًا، لنراجع به مستشفى آخر شخّص حالته بالإصابة بمرض الملاريا في حالة نشطة ومتأخرة، فمن قرر العملية وما مصير من احتك به، اعتقد هذه الأسئلة يحار منها حتى وزير الصحة. حالة أخرى، حين سقطت في المنزل، وراجعت أقرب مستشفى، وبعد التصوير الإشعاعي ومراجعة طبيب العظام والباطنية حظيت "بمرهم" للتدليك وحبات معدودة من "البندول"، ثم تأتي المفاجأة في مستشفى آخر بثلاثة كسور في عظام الصدر! وقبلها أصيبت العائلة في حادث، ونقلوا إلى المستشفى الجامعي في الخبر، وفي قسم الطوارئ كان الإهمال في استقبالهم ليغادروا المستشفى إلى آخر خاص يحملون كسورهم ودماءهم. أخيراً، راجعت مع طفلي مركزا متخصصا للأسنان، وهناك فتحت جيوبي المحدودة على مصراعيها مقابل الأشعة غير اللازمة دون أن نحقق المفيد. ثم قبل الختام، راجعت مستوصفا خيريا مؤخراً لأجد أرضيته مبللة بالفضلات الآدمية؛ لعدم وجود عامل نظافة "أليس وجود عامل النظافة بمستوى وجود طبيب"، المهم أن لكل منا حالاته المعاشة مع مؤسساتنا الصحية، التي لو جمعت لربما ملأت الكتب والمدونات.. عموماً، ننتظر نتائج حالة زميلنا الثبيتي، فلعل فيها ما يشير إلى بعض الخلل، فالوضع لا يطاق قياساً بحجم ما تنفقه الدولة على الخدمات الصحية، ولكن من يضمن لها الجودة والرقي؟!. * كاتب وإعلامي