تحقق كييف والمتمردون الموالون لروسيا، تقدما بطيئا في تطبيق خطة السلام التي تم التوصل الى اتفاق حولها في مينسك، بعد اعلانهم الاحد، عن اتفاقات لبدء سحب اسلحة ثقيلة من خط الجبهة، غداة عملية تبادل للاسرى. وفيما تتهاوى الهدنة الهشة التي أُبرمت بوساطة أوروبية، أعلنت واشنطن أن الرئيس باراك أوباما سيُقَيّم الخطوات المقبلة في التعامل مع الصراع في شرق أوكرانيا بما في ذلك تسليح القوات الأوكرانية وتشديد العقوبات على موسكو. حيث يثير استمرار المعارك غضب واشنطن التي اتهمت المتمردين "بتقويض" الهدنة "أكثر من 250 مرة"، واعلنت انها تفكر في عقوبات جديدة تعزز الضغط على اقتصاد روسيا، المتهمة بدعم الانفصاليين الموالين لها في شرق أوكرانيا. فقبل ظهر أمس، قُتل ثلاثة اشخاص وأُصيب اكثر من عشرة آخرين بجروح في هجوم قد يكون ارهابيا اثناء مسيرة في مدينة خاركيف (200 كلم من منطقة المعارك مع المتمردين شرقي أوكرانيا)، بحسب النيابة العامة الاقليمية. وقالت المتحدثة باسمها فيتا دوبوفيك. وشاهد مراسل "فرانس برس" جثتين ممددتين ارضا تبعد إحداها عن الاخرى نحو عشرين مترا، وبعدما تمت تغطيتهما بالعلم الاوكراني. وقالت وزارة الداخلية: إن الشرطة تعتبر انه "اعتداء إرهابي". وبين القتلى شرطي وناشط مؤيد لاوروبا وفقا لمنظمي المسيرة. ووقع الاعتداء، قبل ظهر أمس أمام شاحنة صغيرة متوقفة في جادة يوكوف القربية من قصر الرياضة المحلي وفقا لشهود عيان. وروى إيغور رازوخا أحد منظمي المسيرة: "اعتقدت أنها قنبلة صوتية ثم سقط أشخاص أرضا". وشهدت مدينة خاركيف في الاشهر الماضية حوالي 10 انفجارات مشبوهة اوقعت جرحى ووُصفت بانها اعتداءات ارهابية. وقال الجيش الأوكراني: «إن المزيد من قوافل المركبات المدرعة رُصدت وهي تعبر إلى أوكرانيا من روسيا، بما في ذلك في الجنوب الشرقي، كما أن الانفصاليين الموالين لروسيا ما زالوا يشنون هجمات على قوات الحكومة على مقربة من ماريوبول». وقال المتحدث العسكري الأوكراني أندريه ليسينكو: إن قطارا عسكريا يقل 60 مركبة مدرعة، بينها دبابات، وصل إلى بلدة أمفروسيفكا من روسيا يوم السبت. في حين عبرت- في وقت لاحق- قافلة من المعدات العسكرية الحدود من ناحية نوفوازوفسك شرقي ماريبول على بحر أزوف. وأضاف، "هناك (في قرية شيروكين شرقي ماريوبول) مواجهة عسكرية مستمرة. القتال مستمر. الجنود ثابتون في مواقعهم. وتابع، إن الانفصاليين شنوا 44 هجوما منفصلا عبر منطقة الحدود خلال 24 ساعة. ويشعر كثيرون في أوكرانيا، بالقلق من هجوم للانفصاليين، لكن هذه المرة على مرفأ ماريوبول، وهي آخر مدينة كبيرة في الشرق تقع جنوب خط الجبهة. وأكد المتمردون من قبل أنها هدفهم المقبل. وقال المسؤول العسكري الاوكراني الجنرال الكسندر روزمازين ل "فرانس برس": «إن الوثائق وقّعت لبدء سحب أسلحة ثقيلة على طول خط الجبهة». وذكرت وسائل اعلام، أن سحب القوات يمكن أن يبدأ اعتبارا من أمس الاحد، لكن الجنرال روزمازين قال: إنه من المبكر جدا الحديث عن ذلك. وسحب الاسلحة الذي يُفترض أن يستمر 14 يوما، كان مقررا في اتفاق السلام مينسك-2 الذي أُبرم في 12 شباط/فبراير في عاصمة بيلاروسيا. وكان يُفترض أن تبدأ هذه العملية في 17 شباط/فبراير، لكنها أُرجئت بسبب هجوم المتمردين على مدينة ديبالتسيفي. وينص الاتفاق على أن يسحب الطرفان "كل الاسلحة الثقيلة" لإقامة منطقة عازلة بعمق يتراوح بين 50 كلم و140 كلم، حسب انواع الاسلحة الثقيلة. وصرح المتحدث العسكري باسم الانفصاليين ادوارد باسورين لوكالة الانباء الروسية "تاس"، إن "الاستعدادات" لسحب الأسلحة بدأت بهدف بدء العملية ميدانيا غدا الثلاثاء. وذكرت وكالة الانباء الرسمية الناطقة باسم المتمردين الأوكرانيين، أن "رئيسي جمهوريتي" دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد الكسندر زاخارتشنكو وايغور بلوتنيتسكي، قد وقعا برنامجا لسحب الاسلحة السبت. وقد خفت المعارك نسبيا في اليومين الاخيرين على خط الجبهة، لكنها لم تتوقف بالكامل. واعلن الاوكرانيون، انهم تعرضوا ل 12 هجوما من قبل المتمردين ليل الاحد. وأكد الجيش الاوكراني أن الانفصاليين أطلقوا قذائف بقاذفات صواريخ متعددة الرؤوس ومنظومات مدفعية ومدفعية الهاون على عدة قرى في محيط مطار دونيتسك معقل التمرد. وسمع مراسلون في وسط دونيتسك صباح أمس، دويا لقصف مدفعي كثيف في شمال هذه المدينة، استمر ساعة تلاه إطلاق نار متقطع. وأعلنت كييف السبت، أن المتمردين عززوا وجودهم العسكري بالرجال والسلاح بالقرب من ماريوبول "لهجوم محتمل" على المدينة. وجاء الاعلان عن الاتفاق، على سحب الاسلحة الثقيلة غداة عملية تبادل للأسرى شملت 139 جنديا أوكرانيا و52 مقاتلا من المتمردين في قرية جولوبوك الواقعة على خط الجبهة في منطقة لوغانسك، في حدث إيجابي نادر منذ توقيع اتفاق مينسك في 12 شباط/فبراير. وذكر مراسل "فرانس برس" في جولوبوك، أن بعض الجنود الذين شملتهم العملية جرحى، بينما يسير آخرون بصعوبة مع أنهم تمكنوا من السير كيلومترات في الريف الاوكراني، الذي يشهد قصفا مدفعيا، من أجل الوصول الى الموقع. وينص اتفاق مينسك الثاني، على أن يفرج الاوكرانيون والمتمردون عن "كل الأسرى والرهائن" المحتجزين منذ اندلاع القتال في نيسان/ابريل الماضي. وقال الانفصاليون: إن عددا كبيرا من الجنود الاوكرانيين أُسروا في ديبالتسيفي. وكان حوالى 2500 جندي أوكراني نجحوا في التسلل من هذا الموقع الإستراتيجي المطوق بالكامل تقريبا، ويتعرض لقصف يومي من قبل المتمردين منذ شهر. واعلن يوري بيريوكوف أحد المستشارين القريبين من الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو، أن عشرين جنديا قُتلوا خلال عملية الانسحاب هذه، بينما سقط في المعركة خلال شهر 179 آخرون. وأشار الى ان 81 جنديا ما زالوا مفقودين. ويتهم الغربيون وكييف، روسيا بدعم الانفصاليين عبر تزويدهم بالاسلحة والقوات، وهو ما تنفيه موسكو بشدة، بينما تتبادل كييف والمتمردون الاتهامات بمواصلة المعارك. وشارك عدد من القادة الاوروبيين- بينهم رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك والرئيس الالماني يواكيم غاوك في كييف- في "مسيرة للكرامة" في الذكرى الاولى لتظاهرات الشعب الأوكراني التي أدت الى رحيل الرئيس الموالي لروسيا. وكانت كييف قد أحيت الجمعة، في ساحة الاستقلال أو ميدان الذكرى الاولى للثورة الموالية لاوروبا. وقال الرئيس بترو بوروشنكو امام حشد تجمّع في ساحة الاستقلال: إن "هذه الثورة كانت الاولى، خصوصا معركة الانتصار من أجل استقلالنا". وفي لندن، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: إن الرئيس باراك أوباما سيُقَيّم الخطوات المقبلة في التعامل مع الصراع في شرق أوكرانيا، بما في ذلك تسليح القوات الأوكرانية وتشديد العقوبات على موسكو. وأضاف في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع نظيره البريطاني فيليب هاموند في لندن، "في غضون أيام أتوقع أن الرئيس أوباما سيُقَيّم الخيارات المطروحة أمامه، وسيتخذ قراره فيما يتعلق بالخطوة القادمة". وقال كيري: "حتى الآن تمتثل (للهدنة) روسيا والانفصاليون في مناطق قليلة مُختارة. ليس في ديبالتسيف ولا خارج ماريبول وليس في مناطق إستراتيجية هامة أخرى. هذا ببساطة غير مقبول. إذا استمر هذا الإخفاق فسيكون هناك المزيد من العواقب بما فيها عواقب تضيف عقبات للاقتصاد الروسي الذي يعاني بالفعل». ومع بحث فرض مزيد من العقوبات على روسيا، قال كيري: إن تسليح القوات الأوكرانية بأسلحة فتاكة، لم يُستبعد مشيرا إلى أن القرار سيتوقف على الأحداث في المنطقة في غضون الأيام القليلة المقبلة. وصرح وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أنه يرى أن هناك بوادر لحدوث انفراجة في الأزمة الأوكرانية، على الرغم من الهدنة الهشة القائمة حاليا. وأشار خلال زيارته للعاصمة الكينية نيروبي، إلى تقارير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تقول: إنه على الرغم من أن هناك "قصفا مدفعيا متبادلا" في شرق أوكرانيا، فإن هناك أيضا مباحثات بشأن سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة. وعن التقارير التي تشير إلى زحف الانفصاليين الموالين لروسيا الآن على مدينة ماريوبول، قال الوزير الألماني: "ليس هناك سوى أدلة من الجيش الأوكراني على ذلك حتى الآن، ولكن ليس هناك تأكيد من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا".