أقيمت صلاة الاستسقاء في جميع مناطق المملكة صباح اليوم, تأسيا بسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر أملاً في طلب المزيد من الجواد الكريم أن ينعم بفضله وإحسانه بالغيث على أنحاء البلاد. وقد أدى جموع المصلين اليوم صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة، ووكيل إمارة منطقة مكةالمكرمة سعد بن مقبل الميموني ، ومعالي نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الشيخ الدكتور محمد بن ناصر الخزيم، وقائد القوة الخاصة لأمن المسجد الحرام العميد محمد بن وصل الاحمدي . وأمّ المصلين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الذي ألقى خطبة أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر و العلن والبعد عن المعاصي ما ظهر منها و ما بطن. وقال فضيلته: لقد شكوتم إلي ربكم جدب دياركم وتأخر المطر عن إبان زمانه عنكم فنالت اللئواء منكم فخرجتم إلى ربكم شاكين متضرعين منيبين راجين تأملون الغيث الهامر والماء المبارك الغامر الباعث على النعمة والرغد والدافع للشدة . وأضاف يقول: وهاهو العالم اليوم يتنادى أن من أخطر الأزمات القادمة التي ستعانيها البشرية أزمة المياه مما يرسخ الاعتقاد أنه لا غنى للخلق عن خالقهم ومغيثهم طرفة عين . قال تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ )، إن مما يصيب العباد من نوائب الجدب والكوارث والمحن والبلاء إما مكفرات للسيئات أو زاد إلي رفيع الدرجات والمخالفات؛ فالمخالفات تمنع بشؤمها نزول البركات ودرور الخيرات . وبين فضيلته أن البلاء لا يرفع إلا بالتوبة والدعاء، فما دواء العصيان إلا التوبة وما دواء القحط إلا الاستغفار، موصيا إياهم بتحقيق التوحيد والسنة وتأدية الفرائض والواجبات والاعتصام بحبل الله واجتناب الكبائر والموبقات فإنها للبركات ماحقة وللخير والأمطار مانعة . وأدى جموع المصلين بالمسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة صلاة الاستسقاء, يتقدمهم وكيل إمارة منطقة المدينةالمنورة عبدالمحسن بن محمد المنيف. وأمّ المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي, الذي دعا في خطبته إلى تقوى الله حق تقاته, ولزوم الاستغفار والمداومة عليه, لأن فيه دفع للبلاء وجلب للبركة والخير. وأسهب فضيلته في الحث على الاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله والبعد عن الذنوب والمعاصي, لقوله سبحانه " فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ", وقوله صلى الله عليه وسلم " والله إني لأستغفر الله في اليوم وأتوب إليه أكثر من سبعين مرة", وفي كتابه الله العزيز حثّ على الاستغفار وترغيب فيه وثناء على أهله في قوله عز وجل " وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " وقوله سبحانه, "وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ". وبيّن الشيخ عبدالباري الثبيتي, أن من مظاهر اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار تعليمه لأصحابه, لما جاء في حديث عبدالله بن عمر أن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : علمني دعاءً أدعو به في صلاتي, قال, قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يعفر الذنوب إلا أنت, فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم", كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً". وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي، أن الاستغفار يتحقق به غفران جميع الذنوب, ويشمل ذلك ذنوب العبد التي لم يحصيها, التي أحصاها الله عليه مهما صغرت أو مضت عليها السنون, مبيناً أن من ثمار الاستغفار في الدنيا البركة في الرزق وحسن المتاع, لقوله تعالى على لسان نوح عليه السلام حين دعا قومه إلى الإيمان "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا". وقال :" إن من ثمار الاستغفار الذي جعله الإسلام متكرراً كلما تكرر الذنب والخطأ, تربية الحياء والخجل في نفس الإنسان, فيستحي من تكرار خطأه, ويستشعر في صدره قوة عزم على المقاومة للهوى والمغالبة للشيطان حتى يقهره ويستجيب لنداء الرحمن. وأضاف إن للاستغفار لذة روحية وطمأنينة نفسية ففيه تفريج للكروب وإجلاء للهموم, لقوله صلى الله عليه وسلم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب ". كما أورد فضيلته في بيان عظم الاستغفار وبركته, قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه "ما ألهم الله عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه", فكما أن الذنوب سبب لنزول البلاء فإن الاستغفار سبب لنزول الغيث من السماء, ولزيادة قوة البلاد والعباد, إذ قال سبحانه على لسان هود عليه السلام, " وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ". وذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صعد المنبر يوماً ليستسقي فلم يزد على الاستغفار وقراءة الآيات في الاستغفار ثم قال, لقد طلبت الغيث لمخارج السماء التي يستنزل بها المطر. ودعا في ختام خطبته الله عز وجل أن يغفر للمسلمين جميعاً, وأن ينزل الغيث رحمة من عنده طيباً نافعاً, ويغيث البلاد والعباد وينفع به الحاضر والباد. وقد أقيمت صلاة الاستسقاء في محافظات ومراكز منطقة المدينةالمنورة . وفي مدينة الرياض أدى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض, صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين في جامع الإمام تركي بن عبدالله . وأم المصلين سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ, الذي استهل خطبته بالحمد والثناء لله عز وجل والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد صلى الله علية وسلم . وأوصى سماحته في خطبته بتقوى الله جل جلاله حق التقوى واجتناب المعاصي وإخلاص الدعاء والتضرع والإنابة والاستغاثة لله سبحانه وتعالى . وقد أديت صلاة الاستسقاء في جميع محافظات ومراكز منطقة الرياض .