تخيل أنك صاحب مليارات أو أنك الرئيس التنفيذي لشركة عملاقة. وفي هذا الوقت من السنة كنت ترفه نفسك في منطقة البحر الكاريبي أو جزر سيشل، وأصابع قدميك مدفونة في الرمال الدافئة. إلا أن ما يحصل فعلا هو أنك تسير وتتنقل على أرصفة دافوس، في سويسرا، وتسرع حتى لا يفوتك الوقت للدخول في مناقشة جادة حول تغير المناخ أو سمنة الشباب أو الركود الطويل الأمد. منحدرات التزلج في دافوس عارية لأن جميع من هم في البلدة يقضون الوقت في أنشطة للمذاكرة. هذا العام، حضر الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة، جنبا إلى جنب مع 2500 أو نحو ذلك من المشاركين الرسميين الاضافيين، بما في ذلك المحسنون بيل وميليندا جيتس (مؤسس مايكروسوفت) والأمير أندرو، دوق يورك، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وتيم بيرنرز لي، مخترع الشبكة العنكبوتية العالمية. وجيمي دايمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان تشيس، وأريانا هافينغتون، رئيسة التحرير في موقع هافينغتون بوست. بالنسبة إلى بقية الناس منا، التدافع السنوي للأثرياء والمشاهير إلى دافوس الثلجية لا يمكن تفسيره باعتباره هجرة كبيرة للحيوانات البرية. ولكن هناك تفسيرا سهلا له: يذهب الناس إلى دافوس لأن أشخاصا آخرين يذهبون إلى دافوس. يريدون أن يكونوا حيث يوجد الحدث، حتى على حساب نزول الجليد المفاجئ أحيانا. وقالت لي لورا تايسون، وهي كبيرة المستشارين الاقتصاديين السابقة للرئيس بيل كلينتون وأستاذة في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في بيركلي هاس للأعمال، منذ بضع سنوات مضت «إنها قدرة انعقاد قوية جدا». يقول الرئيس التنفيذي لشركة الصوت روبرت ستادلر إن دافوس: «دورة واحدة في بداية العام عندما يكون لدي أفضل إمكانية للوصول إلى كبار رجال الأعمال». وقادة الحكومات أيضا. «يمكنني أن أتبادل الحديث لمدة 15- أو 20 دقيقة مع وزير المالية في المكسيك. إن هذا أفضل بكثير من كتابة بريد إلكتروني». في دافوس، كما يقول ستادلر، يقابل الناس الذين قد لا يواجههم في عمله اليومي. ويقول، جلبت دافوس أول تعرض له للتحدي الديموغرافي للقوى العاملة الأوروبية المسنة، وفي الآونة الأخيرة، إلى ثورة الطباعة الثلاثية الأبعاد. «رأيت مظاهرة صغيرة قبل عدة سنوات، وقلت: «يا إلهي!». تأثير الشبكة يسحب عددا مفاجئا من العلماء، ناهيك عن المنظمات غير الحكومية والشخصيات الثقافية وعدد كبير من الصحفيين. ويقول رولف ديتر هوير، وهو فيزيائي الجسيمات الذي يشغل منصب المدير العام للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، وهو مختبر سيرن في سويسرا الذي اكتشف الجسيم المعروف باسم بوزون هيجز: «إنه يساعد كثيرا على الشبكة». وأضاف: «عندما تتحدث عن العلم وصنع القرار وأهداف التنمية المستدامة وجدول الأعمال بعد عام 2015، وما إلى ذلك، لا ينبغي لنا أن ننسى أن هذا لا يمكن أن يتم إلا إذا كنت قد علَّمت الناس. ربما أكون ساذجا بعض الشيء، ولكن أعتقد أن التعليم يمكن أن يساعد أيضا في تخفيف الوقع المؤلم للأزمات». إنه حدث تاريخي أن المنتدى الاقتصادي العالمي انتهى في وادي جبال الألب البعيدة في شرق سويسرا بدلا من، مثلا، وسط مانهاتن. (أستاذ الإدارة الالماني كلاوس شفاب أسسها هنا في السبعينيات باسم إدارة المنتدى الأوروبي). ولكن المتاعب الكبيرة للقرية تقوي قبضتها. وبمجرد الوصول إلى دافوس، ليس هناك شيء للقيام به باستثناء أن تكون جزءا من العملية الطنانة. هناك الكثير من الأسئلة الصعبة التي يجب أن نسألها بخصوص دافوس. هل حقق المنتدى الاقتصادي العالمي الهدف المعلن المتمثل في «تحسين حالة العالم»؟ هل أصبح الاجتماع فرصة للمديرين التنفيذيين في مختلف المجالات للتآمر وراء الأبواب المغلقة؟ هل كل شيء مكلف جدا؟ وهل سويسرا تعتبر حقا أفضل مكان للتعرف على الجوع في العالم، على سبيل المثال؟. ولكن هناك سؤالا واحدا لا تحتاج حقا أن تسأله، وهو لماذا يستمر الناس في القدوم إليه عاما بعد عام. دافوس تحظى بشعبية بسبب أن دافوس تحظى بشعبية.