سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إنشاء مجلسي الشؤون السياسية والأمنية والاقتصادية والتنمية تعزيز لفاعلية اتخاذ القرارات دمج التربية والتعليم العالي لتوحيد الإستراتيجيات.. «مؤسسة النقد»:
أكّد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد المبارك، أن الهدف من إنشاء مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، هو تعزيز فاعلية اتخاذ القرارات وتنسيق الجهود والمهام في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، مشيرا إلى شمول القرارات دمج وزارتي التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في وزارة واحدة، بغرض توحيد إستراتيجيات التعليم وخططه بين مختلف مستوياته، وتخصيص مبالغ سخية لتلبية احتياجات المواطن ودعم القطاعات الخدمية. وقال في كلمة له- خلال انطلاق ورشة العمل التي ينفذها مركز إعداد وتطوير القادة بمعهد الإدارة العامة، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي- بعنوان «السياسات الاقتصادية وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي لتحقيق التنمية المستدامة» أمس، بحضور مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور أحمد الشعيبي، ونائب وزير المالية الدكتور حمد البازعي: إن المملكة انتهجت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله- سياسات تنموية توسعية حققت خلالها إنجازات ضخمة وشاملة لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، واستمراراً لهذا النهج اتخذ خادم الحرمين الشريفين- الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- يحفظه الله- في الأسبوع الأول من تولّيه مقاليد الحكم- سلسلة من القرارات التاريخية والمهمة التي جاء توقيتها تأكيداً على حرصه الشديد- أيده الله- على استمرار سياسة تعزيز التنمية والتطور في المملكة على مختلف المستويات، والتي شملت إعادة تشكيل مجلس الوزراء، وهيكلة المجالس العليا بالدولة وضم مهامها في مجلسين رئيسيين هما: مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وأكّد الدكتور المبارك، أن هذه القرارات كان لها صدى طيب لدى المجتمع السعودي، وستمثّل- بإذن الله- بداية قوية لاستمرار التنمية الشاملة والمستدامة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله-. وتطرّق محافظ مؤسسة النقد إلى دور السياسات الاقتصادية التي ترسمها الدولة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، مبينا أنه على الرغم من تنوع هذه السياسات، إلا أن أبرزها وأكثرها تأثيراً في الاقتصاد هي السياسة المالية والسياسة النقدية، إضافة إلى السياسة البترولية للمملكة. وأشار إلى أهمية التنسيق المستمر بين القائمين على السياستين النقدية والمالية وتوفّر المرونة والأدوات الكافية فيهما للتعامل مع المستجدات وتقلبات الدورات الاقتصادية، خاصة أن اقتصاد المملكة يتأثّر كثيراً بالتطورات في أسواق النفط العالمية، لافتا النظر إلى أنه بالنسبة للسياسة البترولية، فمن المعروف عن المملكة أنها تسعى دائماً لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية، بما يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين في آن واحد، ويخدم مصالح الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل. وأضاف قائلا: إن مما يتسم به اقتصاد المملكة من ميزات، هو الانفتاح على العالم الخارجي، وحرية تدفق رؤوس الأموال من وإلى المملكة، مبينا أن ترتيبات سعر صرف الريال السعودي مرتبطة بالدولار بسعر ثابت منذ منتصف عام 1986م حتى وقتنا الحاضر، وارتكزت هذه الترتيبات على أسس اقتصادية مدروسة، ومن خلال تجربتنا الممتدة لأكثر من ربع قرن وبشهادة مؤسسات مالية دولية، فإن استقرار سعر صرف الريال مارس دوراً مهماً وحيوياً في استقرار التنمية الاقتصادية بالمملكة، وكان له أثر إيجابي كبير في تعزيز الثقة بالنظام المالي واستقرار الأسعار المحلية، مما نتج عنه تحقيق تحسّن كبير في نشاط الأعمال والتشجيع لمزيد من الاستثمار المحلي والأجنبي في الاقتصاد الوطني. كما تطرّق محافظ مؤسسة النقد إلى أبرز الانجازات الاقتصادية التي حققتها المملكة في العقد الماضي، حيث كان ضمن الاقتصادات الأكبر والأهم عالمياً التي تمثلها مجموعة العشرين، كما أنه الأكبر على مستوى المنطقة العربية. لافتا النظر إلى أن من أبرز ما تم تحقيقه؛ تضاعف الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للقطاع الخاص بأكثر من الضعفين، وكذلك الصادرات غير النفطية بنحو ثلاثة أضعاف خلال نفس الفترة. وأرجع ذلك إلى الإنفاق السخي للدولة على تطوير البنية التحتية للاقتصاد وتنمية الموارد البشرية، كما تراجعت نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي إلى حوالي 1.6 % في نهاية عام 2014م، موضحا أنه على الصعيد النقدي والمصرفي، تضاعفت السيولة المحلية بنحو ثلاثة أضعاف ونصف، كما زادت مطلوبات المصارف من القطاع الخاص بنحو أربعة أضعاف. وقال: إنه نتيجة لهذه التطورات تحسّن تقييم المملكة في التقارير العالمية مثل تقرير التنافسية وتقرير مزاولة الأعمال، كما رفعت مؤسسة فتش العالمية تصنيفها الائتماني للمملكة في عام 2014م من –AA إلى AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، وتحققت هذه الإنجازات على الرغم مما يعصف بمنطقة الشرق الأوسط من أزمات متنوعة لم تشهد لها مثيلاً في تاريخها الحديث. وأوضح معاليه أنه من ضمن البرامج التي قطعت الدولة فيها شوطاً كبيراً، برنامج تخصيص بعض القطاعات والخدمات الحكومية من أجل زيادة رفع كفاءة الإنتاج والقدرة التنافسية من خلال تحرير الأسواق، وتقديم وإنتاج تلك الخدمات على أسس اقتصادية، مبينا أن مؤسسة النقد واكبت التطورات المتعاقبة في القطاع المالي، ففي قطاع التأمين استمرت المؤسسة في توجيه هذا القطاع لمزيد من التنظيم والعمل وفق معايير وممارسات مهنية عالية، وفي مجال الرقابة والإشراف على قطاع التمويل العقاري وشركات التمويل، استعدت المؤسسة مبكراً للقيام بالمسئوليات المنوطة بها بموجب أنظمة التمويل. واستطرد قائلا: لقد اتخذت المملكة مجموعة واسعة من السياسات والقرارات والإجراءات الهادفة إلى إعادة هيكلة وتنظيم الاقتصاد، وتحديث الأنظمة والتشريعات بما يعزز رفع مستوى كفاءة وتنافسية الأداء ويدعم التشغيل الأمثل لعوامل الإنتاج، علاوة على توفير إطار تنظيمي وإداري متطور وبيئة جاذبة للاستثمار. وأفاد أن السياسات الاقتصادية للمملكة ركّزت على أربعة مجالات حيوية يأتي في مقدمتها: تنمية وتطوير القوى البشرية الوطنية، وتحديث وصيانة مشاريع البنية التحتية، وإطفاء الدين العام، وبناء الاحتياطيات المالية للدولة بهدف مواجهة الدورات الاقتصادية والتطورات غير المواتية في الأسواق العالمية. وزاد قائلا: وتجاوباً مع هذا التوجّه شهدت السياسة المالية توسّعاً مستمراً وكبيراً في السنوات العشر الماضية، وتضاعف إجمالي المصروفات الفعلية إلى أكثر من 3 أضعاف، مؤكدا أن ذلك كان أطول فترة انتعاش يشهدها الاقتصاد الوطني في تاريخه، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي بمتوسط سنوي نسبته 7.5%. وقال محافظ مؤسسة النقد في كلمته: لقد سعت السياسة النقدية إلى اتخاذ عدة إجراءات احترازية للحد من أثر التوسع المالي على مستويات التضخم خلال عام 2007م ومعظم عام 2008م، إلا أنها اضطرت إلى اتباع سياسة نقدية توسّعية في الربع الأخير من عام 2008م للتعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، بهدف تحقيق الاستقرار المالي، ودعم النشاط الاقتصادي المحلي عبر تعزيز السيولة، مشيرا إلى أنه بفضل الله تجاوز القطاع المالي تداعيات تلك الازمة، وبدأت معدلات التضخم في الانخفاض المستمر لتبلغ في عام 2014م نحو 2.7 %. وتناول الدكتور فهد المبارك، الدور الحيوي للسياسة النقدية في الاستقرار المالي، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وقال: عملت مؤسسة النقد على إيجاد البنية الأساسية الملائمة الواجب توفرها لتطور واستقرار النظام المالي، من خلال استقرار قيمة العملة المحلية، ورفع كفاءة وملاءمة النظام المصرفي والإشراف عليه وفقاً لأفضل المعايير والمبادئ الدولية. وأشار إلى أن المؤسسة رخّصت ل 30 مصرفا وشركات لممارسة نشاط التمويل العقاري وغير عقاري، ومنحت موافقات أولية ل 13 شركة لاستكمال إجراءات الترخيص، كما أصدرت المؤسسة قواعد التمويل متناهي الصغر التي ستسهم في توفير وظائف وتمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة. وحول جهود المؤسسة لحماية عملاء القطاع المالي أبان الدكتور فهد المبارك، أن المؤسسة قامت بالعمل على حماية مصالح وحقوق العميل والتأكّد من أن تعامل القطاعات المالية مع العميل يتم بطريقة مهنية عادلة، فيما قامت بإنشاء «إدارة حماية العملاء» التي من أهم أهدافها؛ حصول عملاء القطاعات- التي تشرف عليها المؤسسة من مصارف وشركات تأمين وشركات تمويل- على معاملة عادلة بشفافية وصدق وأمانة في التعاملات المالية، والحصول على الخدمات والمنتجات المالية بكل يسر وسهولة وبتكلفة مناسبة وجودة عالية، وإنشاء مركز الاتصال بالمؤسسة لاستقبال وحل شكاوى العملاء. وقال: إن المؤسسة أصدرت مبادئ حماية عملاء القطاع المصرفي ومبادئ حماية عملاء قطاع التأمين، فيما من المتوقع صدور مبادئ حماية عملاء قطاع التمويل قريباً، في الوقت الذي تجري المؤسسة رقابة صارمة على البنوك والشركات لتطبيق هذه المبادئ. واستعرض التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني ومن بينها؛ تواضع توطين القوى العاملة المحلية في القطاع الخاص، وهو ما يتطلب تكثيف الجهود الحالية لوضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى وبمشاركة فاعلة من القطاعين الخاص والعام، للحد منها مع ترشيد استقدام العمالة الأجنبية، ومواصلة تطوير برامج التعليم العام والفني والمهني، وكذلك مخرجات التعليم العالي لتواكب احتياجات السوق، إضافة إلى رفع مستوى كفاءة الاستخدام الداخلي للطاقة والمياه، مما نتج عنه تشوّه وهدر كبير لتك الموارد المهمة، إضافة إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة. وهذا يتطلب إعادة النظر في سياسة دعم الأسعار واستبدالها بشكل تدريجي ومدروس باستمرار الدعم الذي يستهدف شرائح الفئات منخفضة ومتوسطة الدخل مع مراعاة للآثار الاجتماعية لأي تغيير. وقال: إن من بين التحديات القصيرة أو ربما متوسطة المدى التي تواجه المالية العامة، هو تراجع أسعار النفط بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، مما أدى إلى تراجع الإيرادات النفطية التي تشكّل نسبة عالية من إجمالي إيرادات الميزانية العامة للدولة، مشيرا إلى أنه كما تبيّن في إعلان الميزانية العامة للدولة، فمن المتوقع أن ينتج عجز في هذا العام، كما أن الدولة قد انتهجت أسلوب بناء الاحتياطيات المالية لمواجهة مثل هذه التقلبات في أسعار النفط، وأن الخيارات مطروحة الآن للنظر في المناسب منها لتمويل هذا العجز، إمّا من السحب من هذه الاحتياطيات أو الاقتراض من السوق المالية المحلية التي تتسم بتوفّر السيولة وانخفاض معدل تكلفة الإقراض، أو ربما من الاثنين معا. بدوره، نوّه مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور أحمد الشعيبي في كلمته خلال الحفل الخطابي، إلى أهمية افتتاح ورشة العمل التي ينفّذها مركز إعداد وتطوير القادة بالمعهد، بالتعاون مع معهد تنمية القدرات في صندوق النقد الدولي في الفترة من 13–14 من ربيع الآخر بحضور ومشاركة عدد من كبار المسئولين في الأجهزة الحكومية والشركات المساهمة، مشيرا إلى أنها تهدف إلى تسليط الضوء على موضوع السياسات الاقتصادية السعودية، وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي لتحقيق التنمية المستدامة، وتنمية القدرة على تصميم وتنفيذ أهم سياسات الإصلاح التنظيمي الهيكلي، وكذلك تقييم دور صندوق النقد الدولي على المستوى الإقليمي والعالمي. ورأى مدير عام معهد الإدارة أن هذه السياسات الاقتصادية الطموحة مكّنت المملكة من أن تتبوّأ مكانة وثقلاً مؤثراً على الاقتصاد العالمي، مما أهّلها للدخول إلى مجموعة العشرين الدولية التي تضم أقوى(20) اقتصادًا حول العالم، وهو ما أفضى إلى زيادة في الدور المؤثر الذي تقوم به في الاقتصاد العالمي، كونها قائمة على قاعدة اقتصادية صناعية صلبة، وجعلها دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي. واستعرض أبرز محاور ورشة العمل وهي؛ دور صندوق النقد الدولي في المنطقة وعلى المستوى الدولي، التنمية الاقتصادية في المنطقة، السياسات النقدية والقطاع المالي، تبنّي إصلاحات هيكلية لتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة فرص العمل، إصلاحات دعم الطاقة، أطر الإدارة المالية في الدول المصدرة للنفط، وأخيراً التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي.