دعا محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك إلى إعادة النظر في سياسة دعم أسعار الطاقة، وتخصيص بعض المرافق العامة، ووضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى لرفع معدل التوطين في القطاع الخاص وترشيد استقدام العمالة الأجنبية. وأكد المبارك في كلمته أمام ورشة عقدت في معهد الإدارة بالرياض أمس بعنوان «السياسات الاقتصادية وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي لتحقيق التنمية المستدامة» إن الاقتصاد السعودي يواجه عدداً من التحديات منها «تواضع توطين القوى العاملة المحلية في القطاع الخاص، وهذا يتطلب تكثيف الجهود الحالية لوضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى، وبمشاركة فاعلة من القطاعين الخاص والعام لزيادة التوطين مع ترشيد استقدام العمالة الأجنبية، ومواصلة تطوير برامج التعليم العام والفني والمهني، وكذلك مخرجات التعليم العالي لتواكب حاجات السوق». وشدّد على أهمية رفع مستوى كفاءة الاستخدام الداخلي للطاقة والمياه، خصوصاً مع وجود تشوه وهدر كبير لتك الموارد المهمة، إضافة إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة، «وهذا يتطلب إعادة النظر في سياسة دعم الأسعار واستبدالها بشكل تدريجي ومدروس باستمرار الدعم الذي يستهدف شرائح الفئات منخفضة ومتوسطة الدخل مع مراعاة للآثار الاجتماعية لأي تغيير». وأشار إلى الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل والقاعدة الإنتاجية، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية، وقال إنه «على رغم استمرار نمو ناتج القطاع الخاص بشكل مستمر وملحوظ منذ أكثر من ربع قرن، إلا أن هذا الناتج يعتمد على معطيات القطاع العام، ويتركز معظمه في قطاع الخدمات، ولذلك لا بد من التركيز على القطاعات الإنتاجية مثل قطاع الصناعة، وتخصيص بعض المرافق العامة». وقال المبارك إن هناك تحديات قصيرة أو ربما متوسطة المدى التي تواجه المالية العامة أبرزها تراجع أسعار النفط بشكل كبير خلال الأشهر الماضية ما أدى إلى تراجع الإيرادات النفطية، وانتهجت الحكومة أسلوب بناء الاحتياطات المالية لمواجهة مثل هذه التقلبات في أسعار النفط، والخيارات مطروحة الآن للنظر في الطريقة المناسبة لتمويل عجز الموازنة إما من السحب من هذه الاحتياطات أو الاقتراض من السوق المالية المحلية التي تتسم بتوافر السيولة وانخفاض معدل كلفة الإقراض، أو ربما من الاثنين معاً. ولفت إلى أن من محاور الورشة التي ستركز عليها في نقاشاتها موضوع السياسات الاقتصادية، التي ترسمها الدولة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وإنه على رغم تنوع هذه السياسات، إلا أن أبرزها وأكثرها تأثيراً في الاقتصاد هي السياسة المالية والسياسة النقدية، إضافة إلى السياسة النفطية للمملكة، لافتاً إلى أهمية التنسيق المستمر بين القائمين على السياستين النقدية والمالية وتوافر المرونة والأدوات الكافية فيهما للتعامل مع المستجدات، وتقلبات الدورات الاقتصادية، خصوصاً أن اقتصاد المملكة يتأثر كثيراً بالتطورات في أسواق النفط العالمية. وذكر المبارك أن السياسات الاقتصادية للمملكة ركزت على أربعة مجالات حيوية، يأتي في مقدمها تنمية وتطوير القوى البشرية الوطنية، وتحديث وصيانة مشاريع البنية التحتية، وإطفاء الدين العام، وبناء الاحتياطات المالية للدولة بهدف مواجهة الدورات الاقتصادية والتطورات غير المواتية في الأسواق العالمية. وأضاف أن السياسة المالية شهدت توسعاً مستمراً وكبيراً في الأعوام العشرة الماضية، وتضاعف إجمالي المصروفات الفعلية إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، وهذه أطول فترة انتعاش يشهدها الاقتصاد الوطني في تاريخه، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي بمتوسط سنوي نسبته 7.5 في المئة، وفي المقابل، سعت السياسة النقدية إلى اتخاذ عدة إجراءات احترازية للحد من أثر التوسع المالي في مستويات التضخم خلال عام 2007، ومعظم عام 2008، إلا أنها اضطرت إلى اتباع سياسة نقدية توسعية في الربع الأخير من عام 2008 للتعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، وذلك بهدف تحقيق الاستقرار المالي، ودعم النشاط الاقتصادي المحلي عبر تعزيز السيولة، وتجاوز القطاع المالي تداعيات تلك الأزمة، وبدأت معدلات التضخم في الانخفاض المستمر لتبلغ في العام الماضي نحو 2.7 في المئة. «مؤسسة النقد» توجه المصارف بعدم المساس براتب الشهرين وجهت مؤسسة النقد العربي السعودي المصارف بعدم المساس بأي شكل من الأشكال براتب الشهرين اللذين أمر بصرفهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لجميع موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين وطلبة التعليم الحكومي، وذلك تقديراً منه لأبنائه المواطنين. الترخيص ل30 مصرفاً وشركة لممارسة التمويل العقاري كشف محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك أن المؤسسة رخصت لنحو 30 مصرفاً وشركة لممارسة نشاط التمويل العقاري، وغير العقاري حتى الآن، ومنحت موافقات أولية ل13 شركة لاستكمال إجراءات الترخيص. وقال إن المؤسسة أصدرت أخيراً قواعد التمويل متناهي الصغر، التي ستسهم في خلق وظائف وتمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين، وذلك في إطار الرقابة والإشراف على قطاع التمويل العقاري وشركات التمويل. ولفت إلى أن مؤسسة النقد عملت على إيجاد البنية الأساسية الملائمة الواجب توفرها لتطور واستقرار النظام المالي، وذلك من خلال استقرار قيمة العملة المحلية، ورفع كفاءة وملاءة النظام المصرفي والإشراف عليه، وفقاً لأفضل المعايير والمبادئ الدولية. وأوضح أن ما يتسم به اقتصاد المملكة من ميزات هو الانفتاح على العالم الخارجي، وحرية تدفق رؤوس الأموال من وإلى المملكة، مشيراً إلى أن ترتيبات سعر صرف الريال السعودي مرتبطة بالدولار بسعر ثابت منذ منتصف عام 1986 حتى وقتنا الحاضر، وارتكزت هذه الترتيبات على أسس اقتصادية مدروسة. وأكد أنه من خلال تجربة المملكة الممتدة لأكثر من ربع قرن، وبشهادة مؤسسات مالية دولية، فإن استقرار سعر صرف الريال مارس دوراً مهماً وحيوياً في استقرار التنمية الاقتصادية في المملكة، وكان له أثر إيجابي كبير في تعزيز الثقة بالنظام المالي واستقرار الأسعار المحلية، ما نتج منه تحقيق تحسن كبير في نشاط الأعمال وتشجيع لمزيد من الاستثمار المحلي والأجنبي في الاقتصاد الوطني.