الوضع الحالي في المنطقة يحتم أن تكون العلاقات السعودية- الإيرانية يسودها الود والصفاء، وأهم من ذلك هو الثقة بين الطرفين. وبإمكان الدولتين لو تمت تنقية الأجواء بينهما تحقيق الكثير للمنطقة وخاصة فيما يخص حقن الدماء التي يتم هدرها، بسبب العنف الطائفي الذي زاد من وتيرته ما يسمى بالربيع العربي، والذي تحول إلى كابوس رأى العالم فيه كيف أن دولا جارة لنا تفككت وأخرى لا تعرف متى سيأتي اليوم الذي تخرج فيه من النفق المظلم. ولكن بين فترة وأخرى نسمع تصريحات من الجانب الإيراني. مرة فيها تصعيد إعلامي ضد المملكة وأخرى فيها محاولة لتنقية الأجواء، ولكن في هذا الوقت الكل يريد افعالا لا أقوالا. والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ أيام شاه إيران تعرف أن المملكة العربية السعودية تمثل الحلقة الأقوى ليس على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم. ولذلك فإيران هي الأكثر حاجة لعلاقة قوية مع المملكة خاصة أن إيران في عزلة دولية. ورغم اننا سمعنا تصريحات سابقة من مسؤولين إيرانيين إلا أن تصريحات الأدميرال الإيراني علي شمخاني الأخيرة عبر وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية بأن إيران مستعدة للحوار مع المملكة قد يكون مختلفا أو بالأحرى يجب أن يكون مختلفا. فالأدميرال علي شمخاني هو أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وأيضا ممثل قائد الثورة. ولعلم القارئ ومن جهة شخصية فإن علي شمخاني من أصول عربية ومولود في مدينة الأهواز، وعشيرته الشمخانية يقال إنها تتبع لقبيلة بني ربيعة. ولهذا السبب كان أحد أبرز الوجوه أثناء أي حوار بين الحكومة الإيرانية وأي طرف حيال بعض ما يجري في اقليم عربستان (خوزستان بالفارسية). ويتمتع الأدميرال علي شمخاني بمكانة وسط القوى السياسية والدينية تسمح له بالحديث عن الشأن الخارجي. وقد يكون تصريحه تلميحا لإمكانية فتح صفحة جديدة فيما يخص العلاقات السعودية-الإيرانية. وهذه ليست المرة الأولى التي يخوض فيها هذا الأدميرال في أمور الشأن الخارجي فيما يخص ضرورة تحسين العلاقات السعودية-الإيرانية، بل سبقتها تصريحات أكثر من مرة في سنوات سابقة، ولكن قد يكون الربيع العربي قد غير من إستراتيجية اللعبة السياسية. ولكن ما يجري على الساحة في المنطقة يحتم تغيير الكثير من الأمور السياسية، وأهمها وأد الطائفية التي بدأت تأكل الأخضر واليابس في بعض المناطق، والتي بإمكان إيران أن تلعب دورا أكبر فيها، سواء بالتأثير على الجماعات الموالية لها أو عدم التدخل في الشأن المحلي لدول المنطقة لكي نعرف جدية الرغبة في الحوار. وقد تناولت الصحافة العالمية تصريح الأدميرال شمخاني خاصة أنها تأتي من شخصية إيرانية ارتبط اسمها، بأنها قد تكون حلقة الوصل لتحسين العلاقات السعودية-الإيرانية. وللعلم يعتبر علي شمخاني الإيراني الوحيد الذي نال وسام الملك عبدالعزيز. ولكن في نهاية المطاف، فالكل سمع تصريح الأدميرال. فهل سنرى تحسنا في العلاقات بين البلدين في القريب العاجل أم إنها أقوال وليست أفعالا؟. كاتب ومحلل سياسي