يُقال «المفاجآت» هي خير دليل لكشف النوايا التي تختلج الإنسان. كان الأسبوع الماضي استثنائياً في أحزانه، ولكنه أكّد أن ولي الأمر في هذه البلاد له تقدير لا تحدّه أُطُر العلاقة السياسية التي تجمع بين شعب وقائدهم، أو أقصى ما توصف به بأنها علاقة (العقد الاجتماعي)، بل تفوقها إلى معاني المحبة والأبوّة والصدق والوفاء، التي كانت حاضرة مع كل زفرة حزنٍ وألم فقدٍ. أن يتصل بي صديقٌ شاب مساء وفاته يجهش بالبكاء، مردداً: (كان عطوفا على المساكين والأيتام والمطلقات، الله يرحمه)، يحقق بإذن الله الحديث النبوي: (الملائكة شهود الله في السماء وأنتم شهود الله في الأرض). وجاءت مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلفاً لأخيه الملك عبدالله -رحمه الله-، وما أعقبه من مبايعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليا للعهد، والأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد، نوراً وتفاؤلاً وتخفيفاً من المصاب الجلل، وصدمة كبيرة للمتربصين بأمن هذه البلاد. لقد دعم الملك عبدالله -رحمه الله- أرضية الدعوة إلى الله، بجهود كبيرة من خلال تجديد الدماء الشابة في عضوية هيئة كبار العلماء، ودعم مخصصات المكاتب التعاونية، ورعايته المؤتمرات الخاصة بالنوازل الفقهية في الجامعات، وشهد عصره إنشاء وطفرة كراسي البحث المتعلقة بالجوانب الشرعية، وأما عن الحرمين الشريفين فهما مشروع العمر الذي كانت نفسه تتوق أن تراه في حياته مكتملاً. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، المملكة العربية السعودية هي الدولة الشرعية التي تعاقب عليها ولاة أمرٍ صالحون مصلحون، يرعون شؤونها، ويديرون أوضاعها، ببيعة شعبيّة إسلامية مهما تعاقبوا - أدام الله ظلهم-، وفاءً لعهد، وعملاً بوعد. وشعبكم -ما زال وسيستمر- يتطلّع إلى عهد متجّدد، تكون للمشاريع التنموية وزارة خاصة، ترسم مستقبله بعيداً عن أخطاء الماضي، وتجعل لإمارات المناطق دوراً مستقلاً للتخطيط والتنفيذ والمتابعة. كما نتطلع إلى دوركم الفاعل في تطوير الأنظمة على المستوى التشريعي، والتي مضى على بعضها زمن يكفل استصدار ما يناسب. الشباب.. هم الأمل، إذ يمثّلون (60%)، وما زالت البرامج التي تقدم لهم ضعيفة مقارنة بالمدى الإدراكي الذي يعيشونه - وقد بدأت في شرقية الخير ملامح التجديد النوعي في الفعاليات-، وأملهم في جلالتكم أن يكثّف دعمه لملف البطالة والتوظيف والابتعاث. إضاءة تشرّفت بزيارة الملك عبدالله «رحمه الله» مع مشايخ المنطقة الشرقية بقصر الخليج، لم أجد منه إلا والداً للجميع، ومشجّعاً للشباب، مقدّراً للعلماء.