حمل اليونانيون حزب اليسار المتشدد "سيريزا" الى نصر تاريخي على أمل "طي صفحة التقشف"، على ما أكد رئيس الحزب الكسيس تسيبراس، المسؤول الأوروبي الأول الذي ينتخب في رفض صريح للسياسات الشاقة التي فرضها الاتحاد على أعضائه بعد الأزمة، وقال بانوس كامينوس رئيس حزب "اليونانيون المستقلون" اليميني الشعبوي عقب اجتماع مع ألكسيس تسيبراس زعيم حزب "سيريزا" اليساري، أمس :"من هذه اللحظة، أريد أن أعلن أن لدينا حكومة"، وأكد المتحدث باسم المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أنها تتوقع من الحكومة اليونانية المقبلة احترام التعهدات التي قطعتها البلاد على مستوى الإصلاحات الاقتصادية والتقشف في الميزانية. مباحثات والتقى تسيبراس كامينوس في مقر حزب سيريزا في أثينا لعقد المحادثات حول تشكيل ائتلاف لحكم البلاد. وقال كامينوس عقب الاجتماع :"اليونانيون المستقلون يصوتون بالثقة لرئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس". وأضاف :"سوف يتوجه رئيس الوزراء إلى الرئيس في وقت لاحق اليوم، ليتلقى التكليف بتشكيل الحكومة". ولم يعلن كامينوس عن عدد الحقائب الوزارية التي سوف تسند لحزبه. نهاية الترويكا ولم يسمح الخطاب الأول لرجل اليونان القوي الجديد بكشف نواياه بوضوح، بل بدا غامضاً في كلامه، فقد أكد في البدء "أن حكم الشعب اليوناني يعني نهاية الترويكا"، أي خبراء البنك المركزي اليوناني والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، الجهات المانحة الثلاث التي تفرض سياسة تقشف على البلاد منذ أربع سنوات مقابل قروض تبلغ 240 مليار يورو لإنقاذ البلاد من الإفلاس. لكن بعد دقائق بدا قابلاً للتسوية، وصرح أن الحكومة الجديدة "ستكون مستعدة للتعاون والتفاوض للمرة الأولى مع شركائها على حل عادل وقابل للحياة ويفيد الجميع". وكان شركاء أثينا أعربوا سابقاً عن مخاوف من احتمال فوز سيريزا. لكن رئيس الوزراء البريطاني أعرب بصراحة عن قلقه في تغريدة على تويتر من أن تؤدي الانتخابات اليونانية الى "مضاعفة الغموض الاقتصادي في أوروبا". وهنأ البيت الأبيض أمس، اليونان على "حسن سير الانتخابات التشريعية" معرباً عن الأمل "في العمل بشكل وثيق مع الحكومة المقبلة". وكشف مصدر أوروبي لفرانس برس في بروكسل: "لن نتمكن من تجنب إعادة تفاوض (على الديون)، لكن السؤال هو "حول ماذا؟": أهي المهل، المبالغ، أم الاثنتان؟" وأضاف المصدر: "سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى المبالغ". في الواقع أن ما يسعى إليه تسيبراس هو تخفيض للديون الهائلة (300 مليار يورو و175 % من إجمالي الناتج الداخلي)، إلى جانب إمكان إفساح المجال لليونانيين لاستعادة الأنفاس في حياتهم اليومية، وزيادة الحد الأدنى للأجور من 580 إلى 751 يورو أو إلغاء عدد من الضرائب، ما يخالف إرادة الترويكا. وناشد رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان تسيبراس "عدم قطع وعود واهمة" لمواطنيه. وأدى نجاح سيريزا إلى إحياء آمال سائر أحزاب اليسار الراديكالي الأوروبية. ورحب رئيس حزب بوديموس الأسباني بابلو اغليسياس، بأن اليونانيين بات لديهم "رئيس حقيقي، وليس مندوبا (للمستشارة الالمانية) انغيلا ميركل". وفي فرنسا تحدث رئيس حزب اليسار جان لوك ميلانشون عن "تيار كاسح" و"صفحة جديدة لأوروبا". ويبدو أن حكومة انتونيس ساماراس المحافظة عوقبت لسعيها للاستجابة إلى أقصى الحدود لمطالب الترويكا على مستوى الإصلاحات منذ 2012. فقد أتت الحصيلة قاسية على المواطنين الذين يعانون من نسبة بطالة بلغت 25 % واقتطاعات حادة في الرواتب. الوصول للأكثرية وينقص سيريزا مقعدان للوصول إلى أكثرية 151 مقعداً التي كانت لتجيز له الأكثرية المطلقة ما كان "سيطلق يديه"، بحسب تعبير تسيبراس. لكن سيسهل عليه توفير دعم في صفوف 13 نائباً من الحزب السيادي "اليونانيون المستقلون" أو 17 من حزب "تو بوتامي" (النهر) وهو حزب جديد منبثق من وسط اليسار. ورغم التحقيق الواسع النطاق الذي يستهدف حزب "الفجر الذهبي" للنازيين الجدد باعتباره "منظمة إرهابية" وسجن سبعة من نوابه الحاليين ال16 للانتماء الى منظمة مماثلة، يبقى الحزب القوة الثالثة في البلاد، حيث نال 6 % من الأصوات و17 نائباً. من جهته، استبعد رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس تخفيف أعباء الديون على اليونان عقب فوز حزب "سيريزا" اليساري في الانتخابات التشريعية هناك. وقال شولتس أمس، في تصريحات لإذاعة ألمانيا: إنه لا يعتقد أن هناك أغلبية مؤيدة لهذه الخطوة. وذكر شولتس أن رئيس حزب "سيريزا" أليكسي تسيبارس لن يستطيع الإيفاء بكافة مطالبه الجذرية التي تحدث عنها في المعركة الانتخابية، مضيفاً أنه تحدث معه الليلة قبل الماضية وأخبره بذلك. وأعرب شولتس عن تفاؤله إزاء التعاون بين اليونان والشركاء الأوروبيين، وقال متحدثا عن تسيبارس: "إنه شخص عملي يعلم تماما أنه يتعين عليه القبول بحل وسط".