يتجه اقتصاد العالم نحو الهبوط والتراجع وفق مؤشرات أسعار النفط التي سجلت تراجعات كبيرة في النصف الثاني من العام المنصرم ويتحدث المتابعون عن هذه الظروف ومسبباتها بكثافة فيما يشدد البعض على أنها مضرة بمستويات النمو العالمي وتوفير فرص العمل. في برلين العاصمة الألمانية تبدو الصورة مختلفة عن حالة التشاؤم النفطية وتداعياتها فيوم الجمعة الماضي دُشنت فعاليات الأسبوع الأخضر في دورته ال 80 والذي انطلقت أولى دوراته في العام 1926م وتحضره هذا العام أكثر من 75 دولة رغم ما يقال عن الظروف الراهنة للاقتصاد العالمي، فكل دولة تستغل هذه المناسبة والتجمع الكبير للفعاليات الاقتصادية لتعبر للجمهور الكثيف عن رسالتها وملامح تجارتها لحفز معطيات السوق بما لديها من منتجات وخدمات تتركز في هذا المعرض المختص بالغذاء ومشاريعه الحيوية؛ فالمنافسة شديدة بين الشركات حتى في الدول المنتجة لغير النفط لإثبات وجودها واستقطاع ما يمكن من حصص السوق، فالمملكة المغربية هي الدولة العربية الأكثر نشاطاً وحضوراً متوالياً في هذا المعرض ودوراته السنوية إذ يحتل الجناح المغربي غالبية مساحة القاعة رقم 7 في هذا المعرض الذي يتجاوز عدد قاعات العرض فيه أكثر من 30 قاعة متعددة الأجنحة والأدوار ويزوره سنوياً قرابة 420 ألف زائر، فالمملكة المغربية تستلهم قرب موقعها من القارة الأوروبية وتحاول أن تنشط تسويق تجارتها في مجالات الأغذية النوعية التي تشتهر بها، بل وفي ثنايا افتتاح المعرض احتضن الجناح المغربي التوقيع على اتفاقية استضافة المغرب كضيف رئيس في المعرض للعام القادم 2016م في تأكيد على الاهتمام بهده المشاركة السنوية الجذابة حسبما يذكر وزير الفلاحة والصيد المغربي السيد عزيز أخنوش؛ فنتمنى للدولة الشقيقة التوفيق في هذا المجال الذي يفتح لمنتجاتها أسواق أوروبا والعالم وهو ما سوف يعود بالنفع على الإنسان المغربي الذي حضر أيضاً ليقدم منتجات بلاده بين صنوف المنتجات العالمية التي تزخر بها جنبات هذا المعرض الضخم. أيضاً لا تبتعد السياسة وظروفها عن ملامح المشهد العام في المعرض فالجناح الروسي لم يعد كما كان سابقاً بذاك الزخم واهتمامات العرض كما عرف عنه بل كانت ثلة ممن يرتدون الزي العسكري الروسي تقدم عرضاً فنياً تحاول من خلاله استقطاب اهتمام الحضور وتقديم رسالة معنوية لهم تشير إلى إنسانية هذا الجيش الذي تواجه أدواره وسياسات بلاده امتعاضاً لدى الغرب خصوصاً في المشهد الأوكراني. أيضاً وأنت تتجول في ردهات المعرض تستفزك مظاهر الترف في الكثير من السلع الغذائية والتحفيز المستمر لمكونات إنتاجها خاصة وهناك على الطرف الآخر من العالم مواقع يفتقد سكانها أبسط مقومات العيش وحاجاته الأساسية من غذاء وكساء، وفي سوريا الآن تبرز الصورة بشكل مخيف فهي أرض لا تفتقد الموارد ولكن خذلان العالم لشعبها ينقل إلينا صوراً مخيفة من هناك لا يبددها ترف صور معرض برلين الأخضر الذي يحتفل فيه العالم بمقدراته الغذائية بينما هناك من يموت جوعاً وبرداً. كاتب وإعلامي سعودي