عام 1970: جيني ماي (وكالة القروض العقارية المدعومة من الحكومة الأمريكية) جمعت القروض العقارية معا في المجموعة رقم (1) ثم باعتها على شكل أسهم للمستثمرين. كان من المفترض لفكرة تجميع القروض وبيعها للمستثمرين أن تجعل الائتمان أرخص وأقل خطورة. إذ يمكن للبنوك تفريغ الديون في السوق الخاصة، وتحرير رأس المال لتتمكن من تمويل قروض جديدة. وفي الوقت نفسه، يمكن للمستثمرين الحصول على مدفوعات من آلاف المقترضين، وتوزيع المخاطر. لقد نجح ذلك بشكل جيد على مدى عقود. في عام 1970، المجموعة رقم (1) من جيني ماي وضعت الأساس لتجميع القروض العقارية. بعد خمسة عشر عاما، أصبح بإمكان المستثمرين للمرة الأولى امتلاك «شرائح» من أنواع أخرى من القروض، بدءا من عقود استئجار أجهزة الكمبيوتر. ووجد وول ستريت في نهاية المطاف طرقا لتجميع جميع أنواع المدفوعات المتوقعة - القروض لشراء سيارات الدفع الرباعي المستعملة، أو القروض الدراسية لحضور مدرسة الطهي، أو حقوق البث التلفزيوني لفلم «المصارع»، أو رسوم لبراءات اختراع الأدوية، أو أغاني ديفيد باوي، أو رسوم الامتياز لكارل جي آر وهوترز. ولكن لم يكن هناك شيء استطاع تحريك السوق والاقتصاد أكثر من القروض العقارية. التوريق المالي جعل الائتمان أرخص وأسهل من حيث الوصول إليه - الأمر الذي جعل أيضا من الأسهل بالنسبة للمستهلكين تحمل شراء المزيد والمزيد من الديون. وقال رائد سندات القروض العقارية لويس رانييري لوكالة أنباء بلومبيرج في عام 1999: «أنا في كثير من الأحيان أعتقد أننا قمنا بعمل سيئ للغاية في محاولة صادقة لفعل الخير». في الألفية الجديدة، طور التوريق المالي حياة خاصة به. ارتفع إصدار الأوراق المالية المدعومة بالأصول من أقل من 540 مليار دولار في عام 2000 إلى ذروة بلغت أكثر من 2.4 تريليون دولار في 2006. والأوراق المالية نفسها كانت قد تم تجميعها وتقسيمها إلى حصص مرة أخرى، تعرف باسم «التزامات الدين المضمونة»، الأمر الذي أدى إلى إنشاء طبقة أخرى بين المقترضين والمستثمرين الذين تحملوا المخاطر. وفي الوقت الذي أخذ فيه المستثمرون يتدافعون من أجل اكتساب عوائد أعلى، أخذت البنوك تطرح للمستثمرين قروضا أكثر غرابة من أي وقت مضى مع ضمان اكتتاب متسرع لا يقوم على أسس سليمة. سقطت أمريكا بشكل عميق جدا في الديون، ثم انفجرت الفقاعة، وبدأ الكساد العظيم. أقرت السلطات المالية المسؤولة قواعد جديدة بعد الأزمة المالية، وهي قواعد تهدف إلى إجبار البنوك التي تبيع القروض على اقتناء حصص في بعض القروض اعتمادا على كيفية أدائها في المستقبل. لم يتم تفعيل جميع القوانين التنظيمية، ولا يزال من غير المعروف أو المؤكد ما إذا كانت أسواق التوريق المالي يمكن الوثوق بها لتزدهر على نحو مأمون. التعاقد الخارجي: فقدان الوظائف في المصانع الأمريكية انتعش بسرعة كريستينا يندبلاد عام 1978: شركة دلفي للسيارات، التي أصبحت بعد ذلك وحدة تابعة ضمن شركة جنرال موتورز، تفتتح أول مصنع لها في المكسيك. اليوم لديها 50 مصنعا. في حين أعلن المليونير روس بيرو من تكساس عن ترشحه للرئاسة في عام 1992، حذر من «صوت الاعتراض الرائع» لانتقال الوظائف إلى المكسيك إذا تم إقرار اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. لكن تدفق وظائف التصنيع في الولاياتالمتحدة كان قد بدأ قبل أكثر من عقد من الزمان، مدفوعا جزئيا بالدولار القوي. تعاقبت الاتفاقات التجارية، وازدهار الصين والهند، وتبني الإنترنت ثم تسارع خطى العملية على طول ذلك. كيف أصبح الرؤساء التنفيذيون أسرى للمساهمين؟ بيتر كوي عام 1970: مقال ميلتون فريدمان «مبدأ فريدمان - المسؤولية الاجتماعية للشركات هي لزيادة أرباحها» يظهر في مجلة نيويورك تايمز. عندما جاء جاك ويلتش (الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك) في عام 2009 ليعارض بقوة مفهوم أن الغرض من الشركة هو زيادة القيمة بالنسبة للمساهمين، كان ذلك مثل البابا الذي يقوم بمهاجمة الكاثوليكية أو اللاعب المشهور تايجر وودز حين ينتقد لعبة الجولف. وقال الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إلكتريك في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز: «بحسب ظاهر الأمر، قيمة حقوق المساهمين هي أغبى فكرة في العالم». وأضاف «إنها فكرة غبية. فكرة أن قيمة حقوق المساهمين هي استراتيجية تعتبر فكرة مجنونة». ولم يكن الرئيس التنفيذي أكثر ارتباطا بمفهوم القيمة للمساهمين من ويلتش في السنوات التي قضاها رئيسا لمجلس إدارة جنرال إلكتريك والرئيس التنفيذي للشركة من عام 1981 حتى 2001. أبقت جنرال إلكتريك أرباحها حتى على المسار التصاعدي بأعجوبة لسنوات. وكانت إحدى التقنيات الشائعة هي تحييد مكاسب كبيرة لمرة واحدة، الأمر الذي من شأنه أن يسبب ارتفاعا في الأرباح عن طريق ترتيب اتخاذ خسارة لمرة واحدة حول نفس الحجم في قسم آخر في الشركة. ذلك لم يحقق أية فائدة للشركة ولكنه أقنع المحللين في وول ستريت. وطول هذه الفترة كان ويلتش يغلق أقساما داخل الشركة، وينقل المصانع إلى الخارج، ويحول الانتباه إلى شركة التمويل التابعة لجنرال إلكتريك، وهي GE Capital، التي كانت تتطلب استخداما مكثفا لرأس المال. وكان لقبه الذي يعرف به في الشركة هو «جاك النيوتروني»، في إشارة إلى الأسلحة النيوترونية التي يفترض أنها تقتل الناس لكنها تترك المباني والمنشآت على حالها. إذا طُبِّقت نظرية القيمة للمساهمين بشكل صحيح، فإنها لن تعتبر دلالة على الغباء أو الجنون. منظّر المحاسبة الأمريكي تشارلز سبراغ في عام 1907 وهنري هاتفيلد في عام 1909 طورا فكرة أن دفاتر الشركة يجب أن يتم إعدادها من وجهة نظر «المالكين»، وهي كلمة كانت تعني لهما أن المقصود هو مساهمو الشركات. في مقال في عام 1970 لمجلة نيويورك تايمز، جادل ميلتون فريدمان، خبير اقتصاد السوق الحرة الأكثر شهرة في الولاياتالمتحدة، بأن «المسؤولية الاجتماعية للشركات هي أن تزيد من أرباحها.» وفي عام 1983 كتب الاقتصاديان يوجين فاما ومايكل جنسن حول كيفية التأكد من أن مديري الشركات يعملون في مصلحة أصحاب العمل، والمقصود بذلك مصلحة المساهمين. الفكرة تنجح بشكل جيد طالما يفترض أن المساهمين أناس مستنيرون من الذين يهتمون بعائدات طويلة الأجل و(ربما) المواطنة الصالحة. لكنها لا تنجح عندما يؤخذ تعظيم قيمة حقوق المساهمين بمعنى التحرك ارتفاعا وانخفاضا، على طريقة جاك ويلتش، للتفوق على تقديرات الأرباح الفصلية التي يأتي بها المحللون في وول ستريت. على أية حال، فقدت قيمة حقوق المساهمين دمغتها في القرن الحادي والعشرين. العبارات الطنانة الجديدة هي المسؤولية الاجتماعية للشركات، والمحاسبة ثلاثية المحصلة، وقيمة أصحاب المصلحة في الشركة (وليس قيمة المساهمين فقط)، وكلها توضح فكرة الحس السليم، فكرة حول أن الشركات لديها هدف أسمى من صنع الأرقام.