أول خفض لأسعار الفائدة الصينية منذ أكثر من عامين هو اعتراف صارخ بأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يعتبر في ورطة. بعد سنوات من تراكم أكبر دين عام على الإطلاق على الميزانية العمومية الوطنية، من المنطقي أن يكون بنك الشعب الصيني قد أخذ زمام المبادرة لدعم الناتج المحلي الإجمالي. ولكن في حين أن خفض سعر الفائدة القياسي قبل يومين من شأنه أن يساعد على استقرار النمو، تضيف هذه الخطوة أيضا إلى المخاوف بشأن الائتمان الأكثر مرونة الذي يمكن أن يشكل مخاطر على الاقتصاد العالمي. مثال على ذلك: القروض العقارية. في وقت سابق من هذا العام، اتخذ المسؤولون الصينيون عدة خطوات خفية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في القطاع العقاري وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي. خففت لجنة تنظيم المصارف الصينية سياسات الإقراض. وحتى قبل خفض سعر الفائدة على الإقراض لأجل عام إلى 5.6% وسعر الفائدة على الودائع لأجل عام واحد إلى 2.75%، كان البنك المركزي قد خفّض نسب السداد ومعدلات القروض العقارية، في حين حث موظفي القروض على التخفيف من حدة ترددهم في الموافقة على المقترضين دون تسجيلات أسرية محلية. حصلت برامج تجريبية للأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية وصناديق الاستثمار العقاري على مزيد من الدعم. وكانت قد توالت الحوافز من أجل تشجيع المشترين من ذوي الدخل العالي لرفع مستوى العقارات التي يشترونها. هناك أخبار جيدة وأخرى سيئة في كل هذا. الجيدة: تمثل التقدم لجهود الرئيس تشي جين بينج لإعادة تقويم محركات النمو في الصين. في البلدان المتقدمة اقتصاديا مثل الولاياتالمتحدة، السعي لتملك المنازل يغذي نمو النظم الإيكولوجية التي لا تعد ولا تحصى، ويقدم للجماهير طرقا لزيادة مساهمتها في رأس المال من أجل مساعٍ مالية أخرى. ومشاكل ديون الصين هي في الحيز العام، وليس بين المستهلكين. أما الأخبار السيئة: إذا لم تقترن القروض العقارية المتزايدة بتقدم جريء ومطرد في تحديث الاقتصاد، فإنها سوف تخلق الصين فقاعة أصول عملاقة أخرى. وتقول ديانا تشويليفا من لومبارد ستريت للأبحاث: «توسيع سوق القروض العقارية غير المتطورة ليس بالخبر السيئ». وأضافت: «لكن إذا كانت تعتمد الصين على الائتمان المنزلي لتشغيل الاقتصاد والانسحاب من الإصلاحات المالية التي تشتد الحاجة إليها، فإن الطالع لا ينذر بخير». خذ تجربة كوريا الجنوبية بعد الأزمة الآسيوية عام 1997. مع التعديل التنظيمي ومجموعة متنوعة من الحوافز المشؤومة، حولت سيؤول على نحو فعال عبء الديون في البلاد من الحكومة للأسر. في وقت مبكر من القرن الحالي، كانت الرياح المعاكسة الجديدة تتكثف. في أبريل من عام 2004، كان واحد من كل 13 كوريا متخلفا ثلاثة أشهر أو أكثر عن دفع الديون. وتقول تشويليفا إن كوريا «كل ما لديها لإظهاره حول جهودها هو فوضى وجدت بسبب انفجار فقاعة الديون الأسرية واقتصاد أكثر اعتمادا على الصادرات». وعلى الرغم من كل الكلام الكبير حول كبح جماح الشركات المملوكة للدولة ونظام الظل المصرفي وتحمل تباطؤ النمو «الطبيعي الجديد»، لا تزال بكين مصممة على الاقتراب أكثر ما يمكن إلى رقم نمو الناتج المحلي الإجمالي المستهدف هذا العام والذي يبلغ 7.5%. مع مراقبة وكالة موديز وستاندرد آند بورز، وقيام الاقتصاديين البارزين مثل لاري سمرز بالجدال حول أنه قد يتباطأ نمو الصين قريبا إلى 4%، تبحث السلطات الرسمية عن عوامل تثبيت بالسر. من بينها: التوريق المالي. كان أحد الإصلاحات القليلة في الصين في منتصف القرن الحالي هو التوريق المالي القروض، والتي بدأت مع البرنامج التجريبي في عام 2005. وبعد ثلاث سنوات، أدى انهيار وول ستريت إلى جعل عملية تجميع وبيع القروض والأصول منبوذا بين الأدوات المالية، وكانت التجربة قد وضعت على الرف. على الرغم من أنه منذ عام 2012، لم يعد التوريق المالي فحسب إلى الساحة، بل ازدهر. وفقا لتشويليفا، وصل الإصدار إلى 28 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام، مقارنة برقم 16 مليار دولار بين عامي 2005 و 2013. وبينما كانت معظم المبيعات لسندات السيارات والشركات وبطاقات الائتمان، كانت تلك من الأوراق المالية القائمة على القروض العقارية ترتفع. وفي تموز يوليو قام مصرف الادخار البريدي الصيني بأول صفقة مدعومة للقروض العقارية السكنية منذ سبع سنوات، والأسواق تطن حول المزيد في المستقبل. شائعات السوق هذه تتناسب مع حكاية تقوم على أن الإسكان يعمل كمحفز للاقتصاد. المخاطر كثيرة، ليس أقلها هو خطر مساعدة المقرضين على إخفاء الاستثمارات المراوغة خارج الميزانية. إذا كانت الشفافية مشكلة في وول ستريت، تخيل ما هي الحالة التي تحظى بالرعاية التي يمكن للبنوك الصينية إخفاؤها. أيضا، لتجنب الأخطاء في كوريا، يتوجب على الصين أن تكمل طفرة القروض العقارية الوليدة هذه مع سياسات لإعادة توزيع الدخل نحو المستهلكين. وهذا يعني العمل على تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء من خلال زيادة حصة الأسرة المتوسطة من الدخل القومي والحد من معدل الادخار الذي وصل إلى أبعاد مفرطة. وفي حين أن الصين قد تجاوزت اليابان في الناتج المحلي الإجمالي المطلق، إلا أن توزيعها لإجمالي الدخل المتاح للأسر المعيشية من حيث الناتج المحلي الإجمالي يعتبر صغيرا بالمقارنة. هناك أمور كثيرة تستطيع الصين أن تتعلمها من كوريا، بما في ذلك كيفية التغلب على «فخ الدخل المتوسط»، الذي يصيب الأمم النامية حين تصل إلى مستوى أن تكون حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بحدود 10 آلاف دولار. لكن يجدر بالرئيس تشي ومن معه، أن ينتبهوا بالقدر نفسه إلى إخفاقات كوريا مثلما ينظرون إلى نجاحاتها.