رحلات جوية من غير وصول، طائرات تبخرت فجأة في الأجواء، تعبئة دولية عامة للبحث في المآل والأسباب، إعلام يفتش، مراكز رصد تتوقع، خبراء طيران يحللون ما توفر من معطيات، 2014 كان عاما للكوارث الجوية. «الطائرة الماليزية» تحطم الطائرة الماليزية (MH 370) في شهر مارس الماضي، ليس الكارثة الأولى التي أصابت قطاع الطيران المدني في 2014، ولكن شهد العام سلسلة من حوادث غريبة وقعت فيها طائرات وقتل المئات. يبدو هذا مفاجئا، فالطائرة هي من أكثر وسائل النقل أمانا، نتيجة التطور التكنولوجي الكبير، والصيانة المستمرة والدورية، إذ لا تغادر طائرة ما مطارا في العالم، إلا بعد فحص كامل وصيانة لكل ما يجب صيانته من قبل مختصين. ويعيش قطاع الطيران فترة ازدهار حقق خلالها أرباحا ب 48 مليار دولار عام 2013، لكن هذا لم يمنع الكوارث. في حصاده السنوي أدرج محرك البحث العالمي (جوجل) كلمة (أين اختفت الطائرة الماليزية MH 370) في المرتبة الخامسة من حيث الأسئلة المبحوث عنها، وقد طرح هذا السؤال على محرك جوجل200 مليون شخص حول العالم توسلوا التعرف على آخر أخبار البحث والمفقودين. ففي يوم السبت الثامن من مارس 2014، بعد إقلاعها من مطار كوالالمبور في طريقها إلى العاصمة الصينية بيجينغ، اختفت الطائرة الماليزية رحلة رقم (MH 370) عن شاشات الرادار. استنفرت الدول المحيطة أساطيلها وطائراتها في محاولة للعثور على حطام الطائرة، أو ما ينبئ بمصير الركاب والرحلة، إلا أن الجهود المبذولة لم تؤد إلى أي نتيجة، ولم يعرف مصير 239 راكبا كانوا على متن الطائرة، رغم مشاركة 26 دولة بأكثر من 40 سفينة و34 طائرة في عمليات البحث عن حقيقة "أغرب حادث اختفاء طائرة في العصر الحديث. وكان آخر حديث مسجل قاله الكابتن هو "عمتم مساء". في حين خلصت جهود البحث إلى ما أعلنه رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق، وهو أن الطائرة قد سقطت جنوب المحيط الهندي. «الطائرة التايوانية» في رحلة داخلية في تايوان، لقي 45 شخصا على الأقل مصرعهم وأصيب سبعة آخرون بجروح، إثر تحطم طائرتهم التابعة لشركة ترانس التايوانية، لدى هبوطها اضطراريا. وتحطمت الطائرة قرب المطار في جزيرة بنغو، وهي في طريقها إلى العاصمة تابيه، علما أنها كانت تقل 48 شخصا إضافة إلى أربعة من أفراد الطاقم. «الماليزية مرة أخرى» لم تكد الخطوط الجوية الماليزية تصحو من كارثة اختفاء طائرتها الأولى، حتى أصاب طائرتها (MH 17) صاروخ أرض جو مجهول المصدر بالقرب من مدينة شاختارسك في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، اثناء توجهها من أمستردام إلى كوالالمبور. وسقط ضحية هذا الحادث 298 شخصا، وتناثرت أجزاء الطائرة فوق قرية غرابوف، ولم يتبن أي طرف من الأطراف المتنازعة إسقاط الطائرة، في ظل توجه دولي إلى مناقشة القضية أمام مجلس الأمن الدولي. «الطائرة الجزائرية 5017 AH» بعد 50 دقيقة من إقلاعها من مطار واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، فقدت هيئات الملاحة الجوية الاتصال بهذه الطائرة. والطائرة من نوع "إيرباص 320"، وكانت تقل 110 مسافرين فوق شمال مالي عندما اختفت. وكانت الهيئات الملاحية الجزائرية قد طلبت من الطائرة تغيير المسار بسبب سوء الرؤية وتفاديا لمخاطر الاصطدام مع طائرة أخرى تقوم برحلة بين الجزائر وباماكو، إلا أن "الاتصال انقطع بعد تغيير المسار". «إير آسيا» لم يرد لعام 2014 أن ينقضي دون مزيد من الحوادث المؤلمة في قطاع الطيران المدني، فقد فقدت طائرة مدنية، تابعة لشركة "إير آسيا"، الاتصال مع برج المراقبة الجوية وهي في رحلة بين مدينة سورايابا الإندونيسية وسنغافورة، حسبما أعلنت الشركة. والطائرة من طراز (إير باص 320-200)، كانت تقل 162 شخصا، هم 155 راكبا إضافة إلى طاقمها المؤلف من 7 أشخاص. إحصاءات رسمية كشفت احصاءات رسمية صادرة من منظمة سلامة الطيران العالمية (حصلت "اليوم" على نسخة منها) عن ارتفاع حوادث الطيران المميتة إلى سبع حوادث طيران ضحاياها تجاوز حاجز 920 شخصا خلال عام 2014، في ضوء المعطيات الأولية التي تشير إلى أن الأسباب الرئيسية التي قادت إلى تحطم تلك الطائرات سواء في البحر أو البر يرجع إلى سوء الأحوال الجوية. وأشارت الاحصاءات إلى أن المتأثر في هذه الحوادث المميتة هو الطيران الماليزي كون نسبة 50 بالمائة من الحوادث تابعة لطائراته. وأوضح سليمان الصالح كبير خبراء سلامة الطيران أن صناعة الطيران تضع السلامة على قمة أولوياتها، وتعزيزها يكون بعملية تكاملية متواصلة بين جميع الشركاء في الصناعة، من خلال تحديد أوجه القصور، وتحليلها للوصول لمسبباتها، ثم وضع التدابير اللازمة لضمان عدم تكرارها مستقبلا. مبينا أن عدد ضحايا حودث النقل الجوي (المدني) و(العسكري) منذ العام 1919 بلغ نحو 73 ألف شخص، فيما بلغ عدد ركاب (الخطوط الجوية فقط) لنفس الفترة قرابة 55 مليار مسافر، لافتا إلى أن الطائرة تعد وسيلة النقل الأكثر أمانا للسفر بنسبة 29 بالمائة مقارنة بغيرها، وفي العقد الأخير توفي 700 في حوادث الطيران مقابل مليون في حوادث الطرقات.