يوجه الدكتور يوسف عايدابي من الجمهورية السودانية في "اليوم العربي للمسرح" الذي يوافق العاشر من يناير 2015م رسالته من على منبر مسرح محمد الخامس، في افتتاح الدورة السابعة من "مهرجان المسرح العربي"، التي ستعقد في الرباط من 10 إلى 16 يناير 2015م. وقد بدأ العمل بهذا التقليد في هذه المناسبة منذ العاشر من يناير 2008، والذي صادف الإعلان الرسمي عن ميلاد الهيئة العربية للمسرح، وانعقاد مؤتمرها التأسيسي، حيث ألقى الرسالة في ذلك اليوم الفنان اللبناني دكتور يعقوب الشدراوي من على منبر قصر الثقافة في الشارقة، ثم ألقى رسالة العام 2009 في القاهرة الفنانة المصرية سميحة أيوب، فيما ألقى رسالة عام 2010 في تونس الكاتب التونسي عزالدين المدني، وتلاه في عام 2011 ومن على منصة اليونسكو ببيروت الفنان العراقي يوسف العاني، وفي عام 2012 في الأردن ألقت الفنانة الكويتية سعاد عبدالله الرسالة، أما في عام 2013 فكانت الفنانة المغربية ثريا جبران صاحبة الرسالة، وألقتها وهي على سرير الشفاء، وفي عام 2014 ومن على منصة الدورة السادسة لمهرجان المسرح العربي والتي عقدت في الشارقة، ألقى الرسالة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. ويعتبر صاحب رسالة اليوم العربي للمسرح لهذا العام الدكتور يوسف عايدابي واحداً من علامات المسرح والثقافة ليس في السودان فقط، بل وفي الوطن العربي عامة ومنطقة الخليج خاصة، وهو الحاصل على دكتوراة في تاريخ ونظرية المسرح (دراسات مقارنة) من جامعة بوخارست-رومانيا، ومتخصص في علوم المسرح والسينما، ويشغل الآن منصب المستشار الثقافي لحاكم الشارقة ومستشار الهيئة العربية للمسرح، وهو عميد سابق لمعهد الموسيقى والمسرح بالخرطوم، وأستاذ جامعي حاضر ودرّس في جامعات السودان ورومانيا والإمارات العربية المتحدة، ومدير سابق لمركز الفولكلور والتراث الثقافي بالخرطوم بحري، السودان، مؤسس مشارك لتيار (الغابة والصحراء) في الثقافة السودانية. ويتحدث الدكتور عايدابي في رسالته عن معاناة السودان بكافة اصعدته وما سببه ذلك من انعكاس على المثقفين، مستشهدا بحقب زمنية سابقة عايشها في جامعة الخرطوم مطلع ستينيات القرن الماضي عندما تنادى مجموعة من كوكبة شعراء الوطني لطرح حيز إبداعي جديد للثقافة السودانية تحت مسمى "الغابة والصحراء" ، ليمشي الزمان إلى مطالع السبعينيات ومسرح لعموم أهل السودان، الذي اتخذ من مجمل أشكال التلاقي والتجمعات الشعبية في الحل والترحال، وفي البر والنهر، وفي البادية والحضر، وفي الغابة والجبل، ملعباً ومسرحاً ومكاناً لمسرحة لصيقة بالناس لقضاياهم. وكتب ايضا: لا نريد مسرحاً للنخبة أو لفئة قليلة في بلداننا التي ترزح تحت نير الحروب والجوع والفقر والمرض. في مثل بلادي الكليلة العليلة الممزقة، المقطوع شطرها - الغابة جنوباً، والمنفصل شقها - الصحراء شمالاً، لا نريد للمسرح إلا أن يكون أداةً اجتماعية ووسيلة للمقاومة والكفاح ضد التفرقةِ والاحتراب، على المسرح أن يكون في مناطق النزاع والشقاق، وفي أماكن العلم والتنمية، فرصةً للتسامح والتعايش والحوار، بل ولتقريب شقة الخلاف والاختلاف. مسرح اليوم في بلداننا هو ذلك الحبل السري، فلا ينبغي أن يكون إلاّ عضوياً بسيطاً مباشراً، متحللاً من الزوائد، منطلقاً من الناسِ ومن وحيهم. وأن يكون المسرح وصلاً في كلِ مكان، فما جدوى مسرحٍ في المدينةِ لمن يسخّره لإلهاءٍ في غير مصلحة الناس، بينما ربوع البلادِ في غمٍ وهمٍ وظلمةِ ليلٍ؟ نريد المسرحَ بدراً في ليل الأوطانِ، ونوراً في دروبها، وصوتاً هادراً في ميادينها، ونفيراً في بواديها، بل وبوسع المسرحِ أن يكون وسيلة ماضية مستدامة لتنمية الإنسان الجديد والمجتمع العربيّ الجديد. فما علينا كمسرحيين إلا أن نعيد النظرَ في فكرة المسرح ودوره وووظيفته المبتغاة، وأن نتأكد أننا لا نحاكي ونتبع الغرب سيراً في الركب المتعولم.. إن ظروفنا الراهنة إجمالاً مضطربة متقلبة، وأناسنا يتطلعون حقيقة إلى ثقافةٍ بديلةٍ مختلفةٍ تهديهم السبيلَ إلى وجودٍ مغايرٍ، وحياةٍ أكثر سلماً وعدالةً. وعلى المسرح أن يكونَ في طليعةِ أدوات المستقبل، وإلاّ فهو لزوم ما لا يلزم، زبدٌ يذهب جفاءً، فيا أهل المسرح، استيقظوا.