حظيت مبادرة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الخيرة للتقارب بين الشقيقتين مصر وقطر وإزالة أسباب الخلاف، بأصداء واسعة خليجياً وعربياً ودولياً، نظراً لأن المبادرة ستؤسس لمراحل جديدة من العمل العربي المشترك ورص الصفوف، وفي نفس الوقت تضرب آلات الفتنة والكيد والتخريب في مقتل، وتجهض مؤامرات الأصابع التي تستغل الخلافات العربية لتحولها إلى أزمات ونزاعات وتوسع شقوقها وصدوعها بين البلدان العربية وبين الشعوب العربية. وهذه المبادرة هي واحدة من سجايا خادم الحرمين الشريفين الزعيم الشجاع المقدام المخلص لأمته ووطنه، إذ عز عليه أنه في الوقت الذي تواجه الأمة العربية تحدياً مصيرياً في أكثر من موقع وأكثر من حدود وأكثر من سماوات، يستغل مريدو الفتن، وسعاة السوء، الخلاف المصري القطري، وأية خلافات عربية عربية، ليدفعوا بالسفينة العربية إلى أمواج المحيطات المضطربة، إذ ليس من الصدفة أن المستفيدين من الخلاف القطري المصري والذين يصطادون في المياه العكرة، أحزاباً أو دولاً، سوف يصعدون من ضجيج آلاتهم الدعائية، وسوف يستميتون في زرع العقبات والمصاعب بوجه أي لقاء مصري قطري، ليستمروا في توظيف الخلاف لمصالحهم الشخصية والحزبية، على حساب الشعبين القطري والمصري. والآن يتوجب على الشقيقتين قطر ومصر ألا تلقيا بالاً لكل الضغوطات والتخرصات وأن تمضيا في طريق المصالحة المبارك، فالسلام والمودة بينهما هي مصلحة قطرية ومصرية وخليجية وعربية، خاصة أن الخلاف كان مجانياً ولا توجد أية مصلحة مصرية ولا مصلحة قطرية ولا أية مصلحة عربية في استمراره. ولا بد أن نحمد الله أن وفق زعيمنا خادم الحرمين الشريفين لإصلاح ذات البين، وأنجز خطوة سيكتبها التاريخ بأحرف من ذهب، كما هي مبادراته الخيرة الكثيرة التي يتسامى فيها عن الجراح والخلاف ليسجل مواقف تاريخية تهدف إلى عز الامة ورص صفوفها، بالذات في هذه الأيام التي تشتغل فيها الحرائق في فلسطين، وسوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال ولبنان، وتحتاج فيها الأمة إلى توحيد الكلمة والصف، لتتوحد الدبلوماسية العربية لإنقاذ الوطن العربي من براثن الاضطرابات والخوف والخلافات. الدول العربية لديها واجبات أكبر من أن تنشغل عنها بخلافات جانبية تنهك الأمة وتبدد ثرواتها وتزعزع مواقفها. ويجب ان توجه كل الطاقات العربية، الدبلوماسية والاقتصادية والأدبية تجاه قضايا الأمة الكبرى التي تستحق أن تترفع الدبلوماسية العربية عن الخلافات الصغيرة وتتوحد من أجل مواجهة التحديات بالغة الخطورة التي تحيط بالعرب وتستهدفهم سلاماً وأمناً وهوية وجغرافيا وحقوقاً وثروات. وبلا أدنى شك فإن الشعبين المصري والقطري هما الأكثر فرحة وبهجة واحتفالاً بنجاح مساعي خادم الحرمين الشريفين، وأعداء الشعبين والموظفين للخلاف والمشائين بالفتنة، هم الأكثر حزناً وتأسفاً أن يفقدوا مسرحاً لعبوا فيه طويلاً وتفننوا في أساليب شق الصفوف والفرقة وتعميق الجراح والنزاعات.