إن هذه الحياة وما تحمل من مفاجآت غريبة نتعرض لها قد تكون سارة أو ضارة وتكون وليدة لحظات ويمتد اثرها في النفس لسنوات، خاصة التعرض لمواقف مزعجة ومؤلمة تفقد الانسان حياته في ثوانٍ، ومنها ان يتعرض لك من يتعمد ضررك بصورة قد تنهي حياتك نتيجة قيادة متهورة استفزازا على الطريق العام، ولكن ان تخسر حياتك من مختل عقلي يتجول في الاسواق والمجمعات بكل حرية ويكون معه آلة حادة يوجهها لصدرك في لحظات، او يسرق ما لديك في لمح البصر هذا المختل او المضطرب نفسيا او الذي يتعاطى ما يفقده عقله واتزانه لفترات معينة، ولا يستوعب ما حوله لماذا يهمل؟ لماذا يترك للهواجس والالم وسط الناس؟ من المسؤول عن إهماله وسط الاسواق والحارات؟ ومن تعامل مع حالته واهمله وتركه وسط الطريق يستجدي النظرة ويخاف منها؟ يتمنى القرب من الناس ويخشاهم ضجيج السيارات والأضواء يثيره ويحطم احساسه، يريد لفت النظر بكل الصور فلقد شاهدنا من كان يغني لسنوات في الاسواق، ولاحظنا من يستجدي ورأينا من يرمي حجرا لكي يخيف الأطفال، والجميع يشاهده ويضحك وينصرف بعد ان يوجه له نظرة حارقة تخترق أضلاعه، انهم فئة تحس وتتألم وتندم انهم فئة تعرضت لضغوط نفسية قاهرة. ان الأمراض النفسية خطرها وآلامها لا توصف، اننا نتعاطف مع مصاب الجسد ونضحك ونستهزئ مع مصاب المرض النفسي بطريقة تستفزه، وتجعله يرتكب جريمته وآخرها ما جرى في مجمع «امواج» تجاه إنسان بريء كاد يفقد حياته في موقف صعب وغريب وامام طفله وزوجته. ان إهمال المختل العقلي والمضطرب النفسي يسرح ويمرح وسط الناس جريمة لا تغتفر، واهمال يجب ان يتدارك ويعالج. ان التجاهل لن يعالج الاهمال والتقصير. اننا بحاجة لمراكز احياء متخصصة تتابع الحالات النفسية التي هي السبب الرئيسي في العنف الاسري والاعتداء في المدارس، والعنف في التعامل اثناء القيادة ويجب ان تأخذ طابع الإلزام للجميع لقياس نسب الاستيعاب والذكاء والتعامل وحسن التصرف. ان المراكز النفسية لها اهمية ودور وضرورة لحماية ومتابعة نفوس هي بأمس الحاجة ان يتم الاعتناء بها والتركيز على تفكيرها. إننا بحاجة ماسة لإنشاء مراكز اجتماعية رياضية تعتني بالميول والتوجيه، وتكتشف القدرات المتميزة لدى كل الفئات العمرية، تعتني بميولهم ورغباتهم وتعزز فيهم الحرص على الإبداع وتكتشف مواهبهم، وتنهي لديهم حاجز الخوف ان تلك المراكز ضرورية ويجب ان يشارك في إنشائها وزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية ورجال الاعمال. ان الاهتمام بالميول والرغبات النفسية اصبح من الضروريات التي يجب ان يسخر لها الجميع كل مجهود؛ لان بناء الذات وتحقيق الرغبات لها دور أساسي في بناء الشخصية السليمة التي تتحدى لحظات الخوف والقهر والاضطراب وتزرع الثقة في نفوس تعرضت لمواقف، وأهملت في مهب الريح وعلى قارعة الطريق لذلك نحن بحاجة لمراكز تسعد النفس، وتعتني بالتفكير وتهتم بمن لديه بعض القصور والاضطراب، لان بناء النفس يعتمد على الثقة والحب والاعتزاز وتنمية كل جميل لدى الأفراد مهما كانت ظروفهم قاسية وصعبة، فكم من يتيم يعيش مع زوجة أب بحاجة للمسة حنان واهتمام مختلف، وكم من فقير بحاجة ان نعزز قدراته الذاتية والمراكز الاجتماعية المتميزة، سيكون لها بصمات على جميع الفئات والنفوس التي تعيش بيننا، أتمنى الا نرى مختلا بيننا، وان نحرص على تعزيز نفوس من حولنا في كل موقع لنتخلص من اضطراب داخلي يقتل صاحبه قبل غيره. * تربوية