أكمل الحديث اليوم عن صناديق الثروة السيادية التي تأثرت بالعديد من الأزمات الاقتصادية في العقدين الأخيرين وعلى وجه الخصوص منذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة في 2008م. وقد شهدت المملكة منذ 1983 إلى 2002م عجزاً في الميزانية بسبب تذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية، لذلك أثرت على استثمارها في العديد من المشاريع التنموية، حيث جمدت بعض المشاريع لعدم توافر السيولة المالية لتنفيذها. ان المملكة بحاجة إلى الاستثمار الأمثل للفائض عن حاجتها من دخل النفط لتستطيع مواجهة التذبذب في أسعاره عندما توفر لها استثمارات الصناديق عائدات مجزية تساهم في استقرار الاقتصاد السعودي وترى الولاياتالمتحدةالأمريكية في الصناديق السيادية الأجنبية تحديات عديدة تؤثر سلباً على أداء الاقتصاد العالمي عندما لا تدار بحكمة وشفافية عالية. وهنا أشدد على أهمية اختيار فريق متكامل من الاقتصاديين والماليين والاستراتيجيين من ذوي الخبرات والكفاءات العالية لإدارة الصناديق السيادية السعودية، وذلك لتوجيهها وإدارتها بالشكل الصحيح لتحقيق أهدافها التي أسست من أجلها. وبالتأكيد أن المملكة بحاجة إلى الاستثمار الأمثل للفائض عن حاجتها من دخل النفط لتستطيع مواجهة التذبذب في أسعاره عندما توفر لها استثمارات الصناديق عائدات مجزية تساهم في استقرار الاقتصاد السعودي، وخير دليل على حاجة المملكة للصندوق ما حدث من تراجع في أسعار البترول في بداية ومنتصف الثمانينات من القرن الماضي ما جعل الحكومة تتأخر في تنفيذ بعض المشاريع، بل وإلغاء بعضها لنقص التمويل نتيجة تراجع الدخل الوطني من البترول. ولقد كان ارتفاع أسعار البترول في السنوات الثلاث الماضية السبب وراء الخيار الإستراتيجي لتأسيس صناديق سيادية تتولى استثمار الفائض المالي للمملكة. ومن الأهمية أن تقوم إدارة الصناديق السيادية السعودية بطمأنة الدول المتخوفة من التطورات السلبية المحتملة على الاقتصاد العالمي من خلال تقارير تتميز بشفافية عالية وإفصاح محاسبي دقيق حتى لا تقع في مخالفات قانونية تكلفها الكثير ما يؤثر في أدائها على الاقتصاد السعودي. وقد كانت نقاط اهتمام التقرير المقدم من الكونجرس الأمريكي مركزة على الشفافية والخوف من سيطرة الصناديق السيادية الأجنبية على بعض القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة المباشرة بالأمن القومي الأمريكي مثل قطاع الاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة، لذلك يجب أن تتوخى إدارة الصناديق السيادية الحذر من هذه النقطة. ولقد أصدرت الحكومة الأمريكية تشريعات تهدف إلى حماية الأمن القومي الأمريكي من المخاطر المحتملة للصناديق السيادية العالمية، وذلك حتى لا تفقد السيطرة الاقتصادية والسياسية. ويعد تشريع اكسون-فلوريو Exon-Florio من التشريعات المعدلة الهادفة لحماية الأمن الاقتصادي الأمريكي من السيطرة الأجنبية، حيث استخدمه بعض أعضاء الكونجرس ضد هيئة موانئ دبي لمنعها من عقد تدير بموجبه بعض الموانئ الأمريكية بحجة تهديد الأمن القومي الأمريكي. وهنا أشدد على أهمية فهم إدارة الصناديق السيادية السعودية للصيغ القانونية التي قد تستغل ضدها.