تعتبر المملكة العربية السعودية أهم وأكبر دولة بترولية في العالم من حيث الاحتياطي من البترول، والإنتاج، والصادرات، والطاقة التكريرية؛ فالمملكة تمتلك وبحسب احصاءات شركة بريتش بتروليوم الاخيرة 16% من الاحتياطي العالمي، و11% من الإنتاج العالمي، وأكثر من 15% من مبيعات البترول في السوق العالمية، كما تمتلك طاقة تكريرية تصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً. وتقدَّر احتياطات البترول الثابتة في المملكة بحوالي 266 بليون برميل. وبلا شك، تدرك جميع دول العالم مكانة المملكة في عالم الطاقة، لذلك نرى ما إن يحصل خلل في اسواق النفط العالمية، حتى تنصبّ العيون مباشرة الى الرياض. وتبقى سياسة المملكة النفطية سواء من ناحية الانتاج او بناء الطاقات الفائضة تصب دائماً في صالح المنتج والمستهلك. ويعلم الجميع، انه اذا لم يكن سعر النفط عادلاً وميسوراً، سيتجه العالم وبحكم الامر الواقع، الى البحث عن بديل للنفط من طاقات متجددة وصخرية. لقد تراجعت اسعار النفط الحالية الى مستويات 60-70 دولارا للبرميل، وقد تكون هذه الاسعار في مصلحة نمو الاقتصاد العالمى الذي يعاني كثيراً في هذه الفترة، رغم وقوع بعض الضرر على الدول المنتجة. وسوف يتعافى الاقتصاد العالمي بعد فترة من الزمن، وسيتم التخلص من الفائض النفطي الموجود في الاسواق العالمية والذي يُقدر بحوالي 2 مليون برميل يوميا بالتدريج. انخفضت اسعار النفط بحوالي 35% منذ شهر يونيو الماضي، وسجل خام غرب تكساس 64 دولارا للبرميل، وهو اقل سعر منذ ثلاث سنوات، وبدوره سجل خام برنت 68 دولارا، وهو ايضاً قاع جديد في 4 سنوات. إن انخفاض اسعار النفط سيساعد الاقتصاد العالمي والامريكي على النهوض والنمو. فعلى سبيل المثال، أدى تدهور اسعار النفط الى هبوط سعر جالون البنزين في امريكا الى 2.7 دولار لاول مرة منذ 2010م، وهذا سيوفّر على مستهلكي البنزين في امريكا حوالي 300 مليون دولار يومياً من سعر البنزين، هذا عدا الديزل ووقود الطائرات. وستوفر اوروبا ايضاً، الكثير من المال مما سيصب في تعافي اقتصادها الذي تسبب عدم نموه في تقليل الطلب على النفط وبالتالي انخفاض اسعار النفط العالمية. عقدت اوبك اجتماعها الدوري رقم 166 في فيينا، وكان من اهم نتائج هذا الاجتماع التاريخي عدم خفض الانتاج، حيث لا يمكن إلقاء اللوم على دول اوبك لوحدها في وفرة العرض. ففي حين تنتج اوبك حوالي 30.5 مليون برميل باليوم، يصل اجمالي الانتاج العالمي حوالي 91 مليون برميل باليوم. تلتزم المملكة دائماً بعدم تعرض اسواق النفط لاهتزازات تؤثر على مستقبل النفط كأكبر مصدر للطاقة في العالم. ويتذكر العالم تدخّل المملكة ورفع انتاجها بأكثر من مليون برميل يوميا عندما تعرض العالم لمشكلة انقطاع الامدادات من بعض الدول النفطية خلال وبعد عام 2011م، والذي كان من الامكان ان يؤدي الى رفع اسعار النفط الى اعلى من 140 دولارا للبرميل. وتلتزم المملكة بحماية انتاجها ومصالح شعبها في حفظ زبائنها خاصة مع وجود وفرة كبيرة من النفط في الاسواق وتقلص الطلب. وفي الجهة الاخرى، ترتبط المملكة بعلاقات تعاون وثيقة مع منظمات الطاقة الدولية، مثل الوكالة الدولية للطاقة التي تضم الدول الرئيسية الصناعية الأكثر استهلاكاً للطاقة. فالمملكة تؤمن بضرورة التعاون الدولي المثمر وتعمل جاهدة على خلقه، لانه يساهم في إيجاد مناخ ايجابي يهدف إلى استقرار السوق البترولية الدولية، ويعزز أهمية ودور النفط كمصدر أساسي للطاقة، يعتمد عليه العالم في رخائه وتقدمه. تغيرت اسواق النفط كثيراً، فزيادة الامدادات من خارج وداخل اوبك تجعل المحافظة على الزبائن وعلى استقرار الاسعار وعدم ارتفاعها الى مستويات يسهل منافسة البدائل الصخرية والمتجددة امراً لا رجوع عنه. فبعض الدول من خارج اوبك تريد ان تنتج ما تشاء من النفط وتطالب اوبك بخفض انتاجها حتى تنعم بانتاج عال واسعار عالية، غير مبالية باوبك ومصالحها. لقد أنتجت المملكة قبل عشر سنوات ما معدله 10.5 مليون برميل باليوم وهى تنتج الان حوالي 9.5 مليون برميل باليوم على الرغم من ان طاقتها الانتاجية تفوق 12.5 مليون برميل باليوم وبذلك فإن المملكة تعمل ما بوسعها لحماية المستهلك والمنتج من أخطار ارتفاع وانخفاض الاسعار.