ناقش المندوبون الدائمون للدول العربية، في اجتماع بمقر الأممالمتحدة وفي نيويورك مشروع القرار العربي حول فلسطين والنزاع العربي الإسرائيلي، الذي لا يحظى حتى الآن بتأييد الأصوات التسعة المطلوبة في مجلس الأمن لتمريره وفقاً لدبلوماسيين في المجلس، واقترح مسؤول فلسطيني رفيع عقد مؤتمر دولي مصغر للاشراف على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي في حال صدوره، داعيا إلى عقد مؤتمر وطني فلسطيني موسع في داخل الوطن وخارجه، رداً على مساعي اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لتحويل أرض فلسطين التاريخية إلى وطن قومي للشعب اليهودي ونظام التمييز والتفرقة العنصرية. صيغة مشتركة ومقبولة: ويرى مراقبون أن هذا سيحتم على المجموعة العربية التوصل إلى صيغة مشتركة ومقبولة للجميع من خلال إحداث مقاربة بين مشروع القرار العربي ومشروع القرار الأوروبي الذي وضعته فرنسا، وأكد وزير الخارجية الفلسطيني ان انهيار ائتلاف الحكومة الإسرائيلية والتوجه لانتخابات مبكرة في إسرائيل لن يؤثر على استمرار التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي. وقالت السفيرة الأردنية لدى المنظمة الدولية، دينا قعوار، إن هناك مشروع القرار العربي الذي دعمناه وهناك مشروع القرار الفرنسي وربما قرارات أخرى. وكان الأردن قد وزع على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر في الشهر الماضي المشروع المذكور الذي يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بحلول نوفمبر من عام 2016. فيما تقوم فرنسا وبريطانيا وألمانيا بصياغة قرار، بينما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه سيقترح الانتهاء من محادثات السلام في عامين، ووضع معايير أخرى لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. ويبدو أنه من غير المرجح أن يحصل مشروع القرار العربي على تأييد الولاياتالمتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، والتي تتمتع بحق النقض "فيتو" في مجلس الأمن. ولم يتضح إن كانت واشنطن ستكون مستعدة للدخول في مفاوضات رسمية بشأن المقترحات الأخرى أو ما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستقدم مقترحاً خاصاً بها. وبدأ الأردن مشاورات في الأممالمتحدة آملا أن يقدم إلى مجلس الأمن الدولي قبل عيد الميلاد مشروع قرار يهدف إلى إحياء مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقالت قعوار للصحفيين "هناك النص الفلسطيني الذي دعمناه وهناك قرار فرنسي وربما قرارات أخرى، وسنرى ما هي احتمالات العمل مع الجميع للتوصل الى نص موحد قدر الإمكان". وأضافت "سنحاول التوصل (إلى المشروع) قبل الميلاد، وإلا في يناير. نريد أن نجمع الجميع، هذه نيتنا". وكان الأردن، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، وزع في نوفمبر باسم الفلسطينيين مشروع قرار يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية قبل نوفمبر 2016. وصادقت الجامعة العربية السبت الفائت على هذه المبادرة الفلسطينية، لكن العديد من الدبلوماسيين يعتبرون أن النص الفلسطيني غير متوازن ما يحول دون حيازته موافقة واسعة ويهدد بلجوء الولاياتالمتحدة إلى حق النقض (الفيتو) في المجلس. إشارات أمريكية إيجابية: وأفاد دبلوماسيون في مجلس الأمن أن فرنسا باشرت مشاورات غير رسمية مع شركائها بغية التوصل أيضا الى نص يتم التفاهم في شأنه. والمشروع الفرنسي سيشدد على ضرورة استئناف المفاوضات بين الجانبين سريعا مع تحديد المعايير العامة لضمان نجاحها اضافة الى مهلة زمنية لها. وتمت مناقشة الأفكار الفرنسية أولا مع لندن وبرلين قبل أن يتم إبلاغها إلى الأردنوالولاياتالمتحدة، لكن المشاورات في هذا الصدد لا تزال في مرحلة أولية، علما ان نجاحها يظل رهنا بموقف واشنطن التي سبق ان استخدمت الفيتو مرارا ضد قرارات أممية تشكل ضغطا على حليفتها إسرائيل. ولفت دبلوماسي إلى انه حتى الآن "وجهت (الولاياتالمتحدة) إشارات إيجابية" من دون أن تعلن أي إلتزام رسمي. انهيار حكومة نتنياهو: من جهته، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي امس الأربعاء، إن انهيار ائتلاف الحكومة الإسرائيلية والتوجه لانتخابات مبكرة في إسرائيل لن يؤثر على استمرار التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن. ونقلت صحيفة "الأيام" المحلية عن المالكي قوله إن "التطورات الإسرائيلية لن تؤثر على المسعى الفلسطيني لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحدد سقفا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي 1967 وإنما ستجعله أكثر إلحاحية". وأضاف "سوف نستمر في مساعينا في مجلس الأمن ولا يجب أن يؤثر ذلك إطلاقا على ذاك، بل على العكس فإن ما يجري في إسرائيل سيؤكد أهمية عامل الزمن ونحن لا نستطيع الانتظار حتى الانتخابات الإسرائيلية المبكرة ومن ثم تشكيل الحكومة وهو ما قد يعني ربما ستة أشهر وفي هذه الفترة سيتواصل الاستيطان الإسرائيلي". واعتبر أن "عامل الوقت سيكون مهما جدا وهو ما سنتطرق إليه في التدليل على أهمية التصويت السريع على مشروع القرار الذي نسعى لتمريره في مجلس الأمن". فشل المفاوضات وفي السياق، قال مسؤول فلسطيني رفيع امس إنه لا يمكن الوصول إلى حل سلمي من خلال المفاوضات المباشرة مع اسرائيل. وأضاف ياسر عبدربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لإذاعة (صوت فلسطين) "هذا طريق جربناه مرة ومرتين ومائة مرة وفشل فشلا ذريعا". ورأى عبدربه في مؤتمر سياسي نظمه تحالف السلام الفلسطيني برام الله، مساء الثلاثاء، بعنوان "الحالة الفلسطينية.. الآفاق المستقبلية على ضوء المتغيرات في القدس" أن "التحدي الأبرز الذي يواجهنا هو معركة الدفاع عن الهوية الوطنية في مدينة القدس، بشكل خاص، بل والهوية الوطنية في أرض آبائنا وأجدادنا التي تحاول إسرائيل بقيادتها اليمينية المتطرفة إقامة نظام للتفرقة العنصرية يسود فيه شعب على آخر. وتابع عبدربه "لا يمكن الوصول الى حل عن طريق مفاوضات مباشرة بيننا وبين الاسرائيليين. هذه المفاوضات ستكون خديعة كبرى ومحاولة لكسب الوقت وتحت غطائها ستجري كل الجرائم كما فعل الاسرائيليون في الماضي وفي مقدمتها جريمة تهويد القدس وتوسيع نطاق الاستيطان". ورفض عبدربه بعض المحاولات الهادفة إلى تغيير نص مشروع القرار الفلسطيني المقدم الى مجلس الأمن لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال. وقال "محاولة إحلال موضوع إنهاء المفاوضات بديلا عن إنهاء الاحتلال في مشروع القرار سوف تدخلنا في دوامة جديدة.. من هو المستعد فلسطينيا بالذهاب الى مفاوضات لا ضمانة دولية كافية لها ولا إشراف دولي ولا مؤتمر دولي حقيقي وفعال مصاحب لها ولا وقف للاستيطان". وأضاف "هناك مشاورات مستمرة مع الجانب الفرنسي بالذات والجانب الفرنسي نفسه يقوم بمشاورات مع دول رئيسة في أوروبا ومع أطراف دولية اخرى". وأوضح عبدربه انه "لا يمكن القول متى سوف تنتهي مثل هذه المشاورات وان كان هناك حديث متوقع ان تكون هناك نتائج في نهاية هذا الأسبوع أو مطلع الاسبوع القادم". واقترح عبدربه عقد مؤتمر دولي مصغر للاشراف على تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي في حال صدوره. وقال "المقصود أن يكون مؤتمرا دوليا من 15 إلى 20 دولة من مختلف القوى الدولية من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن ومن بعض الدول العربية ومهمة هذا المؤتمر هي الاشراف على تنفيذ قرار مجلس الامن".