ليست شبكات التواصل الاجتماعي هي المكان الوحيد الذي يمكن لأي متغلس أن يجلس على أرائكه الوثيرة ويسفح كميات من «مودماني» العلامة السوداء، (أو العلامة الحمراء التي يفضلها المذكور بالسوء الشرير ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش)، ثم يبدأ في إعداد تحليلات و«طقطقة» وتقسيمات للدول والبلدان والشعوب والمواقف. والمشاؤون بالسوء كثيرون، وأكثر من هموم سهد ليالي الفقر. بعضهم يبدو، إذا ما نوى ضغط الزناد بمزاج عال، يعزف عن «مودماني» العلامات، و«يضرب» بصنف «المنجنيق» أو بصنف «الصاروخ» ليبدع أكثر في تأليف روايات وقصص، وحتى إلياذات (إذا ما تعاطى صنفاً ضارباً)، ويصمم معايير «عوج» عجيبة كي يقنع البلهاء ويفرح المرضى ويبهج «الذين في قلوبهم شيء». أحدهم، ويدعى ربيع حافظ، قدمته المذيعة على أساس أنه «جهبذ» عابر للقارات وللتاريخ ول «الجيوبلوتيكيا»، وحجة في الشئون التركية العربية و«ما يسقط الغيث إلا حيث يبتسمُ». ولا أعلم هل تناول الجهبذ «مودماني» أو أن «صواريخه» طبيعية، لكنه تسنم شاشة البي بي سي، وأخذ يطفق بأضغاث أحلام كثيفة، حتى اعتقدت أنه قبل صعوده إلى فضاء الستايلات البريطاني، تجرع «خلطات» طازجة مغشوشة من أصناف المودماني الأحمر والأزرق والأسود، ومنجنيقات «كف العذراء» وصواريخ «وداعاً يا مرسي»..!. وإذا كان الربيع قد تناول هذه الخلطات الخطيرة، عليه أن يتصل بحماية المستهلك البريطانية ل «تتريعه» بأثر رجعي، إلا إذا كان «ترفيعه» ذاك «ربانيا» طبيعيا، ونوى، عن قصد وترصد، أن يكون ضريراً ليضل آخرين. قال الربيع: إن المملكة العربية السعودية ليست موجودة، وليس لها قيمة، ولا تأثير، لا تنمية ولا نظام ولا حراك ولا تعليم ولا صناعة ولا اقتصاد..إلخ، كذا ألغى المملكة بضربة واحدة في دقيقة واحدة بأصبع واحدة. ورأى أيضاً، بلغة إخوانية صرفة، أن دول الخليج العربي ليست موجودة، والعالم العربي بعد سوريا عالم وهمي، وتركيا هي الموجودة والفاعلة والحية والزعيمة والقائدة وهي الأمل والمرتجى. وطفق يترع بما تفرزه، عادة، المودمانيات والخلطات إلى درجة أن المذيعة أصيبت بالذهول والإحراج أن يتحول المفكر الكبير إلى صبياني وطفل يرشق المارة بالحصا.. ثم حان للمذيعة أن «تمد رجلها» الكريمة تعففاً..! ويبدو أن الربيع، بعد مغادرته استوديوهات بي بي سي قد تلقى اتصالات عاجلة كثيرة وملحة، تسأله عن خلطة «الصنف» إن لم تكن «تجلياته» توافيق..! واجهت المملكة في حقب طويلة «أصنافا» عديدة من أصحاب الدكاكين الذين يبيعون شتماً خاصاً في المملكة لكل من يدفع، وأحياناً يتبرعون بالفبركة على المملكة ومعاداتها «ترويحاً» عن انفسهم الأمارة بالسوء، لكن في هذه الأيام تتزايد أعداد النمامين بشكل لافت، وأصيبت جبهات محركات السوء، الداخلية والخارجية، بالجنون، ويجري تعاطٍ كثيف للردح ليلاً نهاراً، وضرب تحت الحزام، وفوق الحزام، وطعن في الظهر، ولا حياء من التزوير والتلفيق والاختراعات التي تنتجها «مودمانيات» لندن وقات الحوثيين وعرق البصرة. وتر من سهب الصمان ومد الحماد .. وجدايل الطلح في نساح .. وذرى يذبل.. للوادي الخصيب.. وشموس الربع.. ومن رياض الحمض ووادي القرى.. إلى أعالي السراة وغيوم الجنوب الفاتنة.. ومن شاطئ عين السيح.. حتى مآذن البيت العتيق.. ثرى يمتزج بضياء الشمس وسلام الله وأوراد السجل المحفوظ..