ينظر بعض أعضاء الأقليّة الدرزية في الجبال القريبة من الحدود السورية في لبنان بعين القلق إلى الحرب الدائرة على الجانب الآخر من الحدود، ويقولون: إنهم على استعداد للدفاع عن مدنهم وقراهم بالسلاح إذا تعرضوا لهجمات من المسلحين. وقال علي فايق المسؤول المحلي في بلدة راشيا ذات الأغلبية الدرزية، والتي تقع وسط سلسلة جبال شاهقة مُطلة على المنطقة: "المخاطر في الشرق (سوريا) صارت على مقربة كثيرا، إنها تلفح وجوهنا وحياتنا. لا شك انه مفروض أن يكون عندنا إحساس بالخوف.. خوف على وجودنا الوطني.. خوف على وجودنا كمجموعات تتشكل من هذا البلد الجميل (لبنان)". وتقع البلدة بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل ويسكنها خليط من أبناء الطوائف المختلفة التي تقاتلت خلال الحرب الأهلية اللبنانية. في الجانب الآخر من سلسلة الجبال يُقاتل ثوار سوريون وجهاديون مُعادون للدروز ضد قوات نظام بشار الأسد وغيرهم من المسلحين. وفي علامة على التوتر في شرق لبنان، قال مسؤولون محليون: إن القرويين الدروز فتحوا النار على حافلة كانت تقل سوريين في أغسطس آب الماضي، عندما لم يمتثل سائقها لطلب بالتوقف عند نقطة تفتيش للجيش في عين عطا القريبة من راشيا. وظن القرويون أن الحافلة تُقل مُسلحين لكنهم اكتشفوا أنها تُقل لاجئين سوريين. على عكس مناطق أخرى في لبنان ظلت المناطق الدرزية بمنأى إلى حد بعيد عن أعمال العنف الناتجة عن الصراع السوري، وحث الساسة الذين يمثلون الدروز أبناء الطائفة على تجنب العمل بشكل مُستقل عن الجيش. وقال الشيخ جمال الدين بزيه التقليدي لطائفة الموحدين الدروز: "الحادثة.. حادثة عين عطا هي حادثة مؤسفة.. حادث مؤسف وهذا الأمر يستدعي حضورا أكثر للجيش اللبناني.. نحن خلف الجيش اللبناني وخلف قيادته". وأضاف: إن الأحداث في سوريا والشرق الأوسط تجعل السكان "في واقع أليم. هناك قلق وخوف، وهناك مستقبل مجهول"، مشددا على أن من الطبيعي لأي مجتمع حماية نفسه. وأدى الصراع في سوريا إلى أسوأ حالة من الاضطراب في لبنان منذ الحرب الأهلية، حيث شهدت مدينة طرابلس الساحلية جولات عدة من القتال منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، كما سيطر عدد من الثوار والجهاديين فترة وجيزة على بلدة عرسال الواقعة على الحدود مع سوريا. وشدد علي فايق على أن الدروز باقون في منطقتهم الجبلية ومستعدون للدفاع عنها بكل الوسائل. وقال: "نحن هنا، لن نرحل.. لأن وجودي بمنطقتي هو حياتي.. وبالتالي أنا لي الحق في استخدام كل ما يمكن أن يستخدم للبقاء في أرضي والحفاظ على منطقتي". ولا يصنف كثير من علماء المسلمين الدروز في فرق المسلمين؛ لأنهم يرون أن عقيدتهم يشوبها الشرك بالله الواحد، بسبب تقديسهم لبعض أوليائهم وكتم عقيدتهم عن المسلمين. والدروز منتشرون في كل أنحاء المنطقة، ورغم أنهم من أصغر الطوائف عددا في لبنان فقد شكلوا قوة قتالية لا يُستهان بها إبان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، وظلوا مؤثرين في السياسة الوطنية، وتستعين اسرائيل كثيرا بالدروز الذين يقطنون جانبا من أراضي فلسطينالمحتلة، وأثبت دروز فلسطين ولاءهم لاسرائيل منذ ما قبل إنشائها، رغم أنهم كانوا يتمتعون بعلاقات طيبة مع المسلمين السنة في فلسطين، وكان بين الجانبين علاقات جوار هادئة يسودها الاحترام. كما يدعم الدروز في سوريا - شأنهم في ذلك شأن الأقليات الأخرى - رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى حد بعيد، ويعتبرونه حصنا لهم من المسلمين، ويشتبكون أحيانا مع رجال الثورة الشعبية والجهاديين في المناطق القريبة من الحدود مع لبنان. وربما يكون الامتثال للمطالب بمنع استخدام الأسلحة صعبا؛ إذ يقول السكان هناك: إن في معظم البيوت بندقية كما هو الحال في أجزاء كثيرة في لبنان. وقال الشيخ أسعد سرحال عضو المجلس المذهبي لطائفة الدروز: "السلاح بالبيوت.. السلاح الفردي هذا طبيعي.. ظاهرة طبيعية بلبنان ولكن تسلحنا منظم". وقال الجيش اللبناني في بيان قبل أيام: إن المخابرات بالتنسيق مع مكتب أمن الدولة اعتقلا 12 سوريا للاشتباه بانتمائهم إلى مجموعات متشددة ومشاركتهم في قتال الجيش في عرسال.