تقف ليبيا التي تشهد حالة من الفوضى في ظل تصارع حكومتين وبرلمانين متنافسين على السلطة والسيطرة على ثروات البلاد النفطية على حافة أزمة تهدد بفوضى سياسية، بعد أن رفض البرلمان قرار المحكمة العليا بعدم شرعيته، ما دفع الأممالمتحدة إلى دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس، في الوقت الذي تبحث فيه الولاياتالمتحدة فرض عقوبات على الفصائل التي تقاتل في ليبيا للحيلولة دون تحول حرب بالوكالة تغذيها قوى اقليمية إلى حرب أهلية شاملة، ولإرغام زعماء المتشددين على التفاوض. من جانبه، أعلن التكتل الاتحادي الوطني - وهو تجمع فدرالي - عن قيام ما سماها "دولة برقة"، وطالب نواب المناطق الشرقية في مجلس النواب بالانضمام إليه. عقوبات أمريكية وقال مسؤولون أمريكيون: إن الولاياتالمتحدة تبحث فرض عقوبات على الفصائل التي تقاتل في ليبيا للحيلولة دون تحول حرب بالوكالة تغذيها قوى اقليمية إلى حرب أهلية شاملة، ولإرغام زعماء المتشددين على التفاوض. وستكون العقوبات الأمريكية منفصلة عن عقوبات محتملة للأمم المتحدة تهدف إلى الضغط على الفصائل والمقاتلين الليبيين للمشاركة في مفاوضات سياسية ترعاها المنظمة الدولية ويرأسها مبعوث الأممالمتحدة بيرناردينو ليون. وطرحت علنا امكانية فرض عقوبات للأمم المتحدة، لكن لم يكشف من قبل عن فرض عقوبات أمريكية منفصلة. ورفض المسؤولون الأمريكيون تحديد الأشخاص الذين قد تستهدفهم العقوبات أو السبب في انهم يشعرون بضرورة النظر في عقوبات أمريكية منفصلة عن الأممالمتحدة. ولم يفصحوا أيضا عن نوع العقوبات التي سيقترحونها. أما بالنسبة لعقوبات الأممالمتحدة، فإنها ستستهدف حال تطبيقها الأفراد أو الجماعات المشاركة في القتال وليس داعميهم الأجانب، وستجمد اصولهم بالإضافة إلى فرض حظر للسفر. لماذا التحرك الأمريكي؟ أشار المسؤولون الأمريكيون إلى سببين على الأقل للتحرك الأمريكي المنفرد، الأول هو انه اذا كانت الأممالمتحدة تتحرك ببطء أو لا تتحرك على الإطلاق، فإن العقوبات الأمريكية يمكن فرضها حين ترغب واشنطن ذلك. الأمر الثاني يتمثل في ان العقوبات الأمريكية قد تكون مزعجة على نحو خاص بالنسبة للواء الليبي السابق خليفة حفتر، الذي كان قد فر إلى الولاياتالمتحدة بعد خلاف مع القذافي وعاد ليشن حملة ضد الإسلاميين في بنغازي. ويعتقد المسؤولون الغربيون ان تدخل قوى خارجية يفاقم من حدة الصراع. ورغم الاعتراف بمخاوف اقليمية من ان تصبح ليبيا مركز جذب للمتشددين، قال مسؤول أمريكي: ان واشنطن تعتقد ان التدخل الخارجي قد يخلق تحديدا "هذا النوع من الصراع... الذي يجذب عناصر سلبية إلى ليبيا بدلا من ابقائها بعيدة". ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة من شأنها أن تعمق الانقسامات داخل البلاد، وهو ما يعرقل جهود الوساطة التي تقوم بها الأممالمتحدة والتي طالبت جميع الأطراف بضبط النفس. رفض وترحيب ورفض مجلس النواب الليبي المنعقد بمدينة طبرق شرق البلاد حكما من المحكمة العليا أبطل الشرعية لصالح المؤتمر الوطني العام في طرابلس. وأثار الحكم ابتهاجا واسعا لدى مؤيدي الثورة، في حين دعا تكتل فدرالي إلى إعلان "دولة برقة" شرقي ليبيا. وقال مجلس النواب المنحل في بيان: إنه يرفض الحكم الصادر الخميس من الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، معتبرا أنه "صدر تحت تهديد السلاح"، باعتبار أن طرابلس تخضع لما سماها "مليشيات" خارج سيطرة الدولة، في إشارة إلى القوات التابعة لرئاسة الأركان وقوات "فجر ليبيا". وأضاف البيان: إن المجلس والحكومة المنبثقة عنه برئاسة عبدالله الثني سيستمران في عملهما، وكان المؤتمر الوطني قد شكل في سبتمبر/أيلول الماضي حكومة إنقاذ وطني برئاسة عمر الحاسي، وهي مدعومة من الثوار. من جانبه، رفض أبو بكر ابْعيرة عضو مجلس النواب الليبي المنحل وأحد النواب الذين شاركوا في جلسات المجلس في طبرق، الاعتراف بقرار المحكمة الدستورية العليا. وقال خلال مشاركته في حلقة الخميس من برنامج "حديث الثورة": إنه لن يقبل بالقرار حتى لو أدى الأمر إلى تقسيم البلاد، على حد تعبيره. لكن مجموعة من النواب المقاطعين لجلسات طبرق أعلنوا امتثالهم لقرار الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بعدم دستورية تعديلات لجنة فبراير وما ترتب عليها. ودعت سيدة اليعقوبي عضو البرلمان المقاطع لجلسات طبرق مختلف الأطراف إلى قبول هذا القرار. من جانبه، أعلن التكتل الاتحادي الوطني - وهو تجمع فدرالي - عن قيام ما سماها "دولة برقة"، وطالب نواب المناطق الشرقية في مجلس النواب بالانضمام إليه. واعتبر في بيان أن قرار المحكمة العليا جاء تحت تهديد السلاح، وأنه "هدم آخر أواصر العلاقات السياسية والإدارية بين أقاليم ليبيا"، في إشارة إلى التقسيم الإداري الفدرالي الذي كان قائما في ليبيا حتى مطلع ستينيات القرن الماضي. البعثة الدولية من جهتها، قالت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا برئاسة الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون: إنها "أخذت علما" بقرار المحكمة العليا الليبية، وهي بصدد دراسته. وأضافت: إنها بصدد إجراء مشاورات مع مختلف الأطراف الليبية ومع شركائها من المجتمع الدولي بشأن هذا التطور. صمت الغرب من جهتها، تناولت صحف بريطانية الأزمة المتفاقمة في ليبيا، وانتقد بعضها صمت الغرب بينما تتجه ليبيا إلى الهاوية، ودعت أخرى إلى أخذ العبر من الحرب على أفغانستان وإلى عدم الشعور بالإحباط. ونشرت صحيفة ذي إندبندنت أون صنداي مقالا للكاتب باتريك كوكبيرن انتقد فيه موقف الغرب إزاء الأزمة المتفاقمة في ليبيا، وأشار إلى أن ليبيا تنزلق نحو الهاوية. وأضاف الكاتب: إن سقوط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي أحدث ابتهاجا في البلاد، ولكن هذه الحالة لم تدم طويلا في ظل حالة الفوضى الدموية التي وصلت إليها البلاد في مرحلة ما بعد التدخل الأجنبي. وانتقد الكاتب الصمت الغربي تجاه ما يحدث من فظاعة في ليبيا، في ظل الصراع بين المليشيات المتحاربة، والتي تخوض حربا أهلية أدت إلى تمزيق البلاد. وأضاف: إن التدخل الأجنبي مهما كانت نواياه في ليبيا، فهو الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه الآن من اضطراب وفوضى دموية كارثية.