في البداية أتقدم بأحر التعازي وأصدق المواساة لأهالي الضحايا في قرية الدالوة بمحافظة الأحساء، شرق السعودية الذين راح ابناؤهم ضحية هذا الارهاب، ولا شك عندي أن ما جرى في قرية الدالوة من استهداف غادر كشف سوء وقبح هذه الفئة الضالة، هو عمل إرهابي من فئة تدعي الاسلام والاسلام منهم براء، فالارهاب لا يمكن ان يكون مرادفاً للاسلام، وقد شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - في اكثر من مناسبة على خطورة ربط الإرهاب بشكل عام بالإسلام. فالملك في خطابه الاخير اكد أن ما يقومون به - أي الجماعات الاسلامية المتطرفة تحت مسمى الدين - عيب وعار؛ لأنهم ينسبون أعمالهم للدين وهو براء من ذلك، "فالدين الإسلامي يقدم صور الإنسانية والعدالة ويحفظ للناس حرماتهم وأنفسهم، وما تقوم به تلك الجماعات تشويه وإلصاق للصفات السيئة بأفعالهم وطغيانهم بدعوى دين الإسلام". وفي هذه المناسبة الحزينة عندي اربع رسائل سريعة: الرسالة الاولى التعايش هو الحل، فلا بد من وضع استراتيجية شاملة للخطاب الديني، وان ينزل في تعاملاته الحياتية من مستوى العقيدة التي يكون الاصل فيها المفاصلة الى مستوى الشريعة التي يكون الاصل فيها التعايش والتوافق الاجتماعي. باختصار ان يكون خطابا للحياة والتنمية والتطور وليس خطابا للموت والقتل والتكفير. وعليه فيجب وقف كل انواع التحريض الطائفي من كلا الطرفين سواء من على المنابر او من وراء الشاشات او عبر شبكات التواصل الاجتماعي، منع كل من يحرض ويهدد السلم الأهلي، وذلك من خلال تعميم قوانين صارمة تعاقب كل من يحرض على الفتنة والانشقاق ومس أمن البلد وسلمه وأمانه. واعتقد ان قرار ايقاف قناة "وصال" قرار صائب، فهذه القناة وغيرها من القنوات تثير الفتنة وتحرض وتوجه الشباب على القتل والتفجير وسبب في شق الصف بدون اي دليل قاطع وانما شكوك واحتمالات. يقول الدكتور عبدالرحمن العناد عضو مجلس الشورى السابق في مقابلة تلفزيونية: انه وفق دراسة بحثية هناك 120 قناة تلفزيونية موجهة للتأجيج الطائفي بين المسلمين. فلا بد من اغلاق هذه الدكاكين الطائفية التي لا تعتمد بالأساس على المصداقية ولا على المهنية بل على التهييج والاقصاء والطائفية. الرسالة الثانية: الولاء للوطن، قلتها واقولها في كل محاضراتي ودوراتي ومجالسي الخاصة، ان لا فرق عندي بين شيعي قلبه معلق بقم وبين سني قلبه معلق بتورا بورا وبداعش واخواتها كل هؤلاء يهددون العقد الاجتماعي للدولة. فلا للولاءات الخارجية سواء بشكل مباشر عن طريق الاتصالات والمؤامرات ضد مصلحة الوطن، او بشكل غير مباشر عبر رفع الصور أو شعارات فيها مساس بمصلحة الوطن وامنه واستقراره مثل رفع صور ابن لادن او البغدادي او الخميني. ف "الولاءات الخارجية" لا تأتي للوطن سوى بالدمار والهلاك والفرقة والتأزم. وبالتالي فالوطن ومصلحة الوطن فوق الجميع. الرسالة الثالثة: تحكيم اولي الابصار، فكم انشرح صدري بعد حادث قرية الدالوة وانا ارى هاشتاقاً على تويتر اطلقه مغردون تحت عنوان "الأحساء متحدة ضد الفتنة" وتفاعل معه عدد من العلماء والإعلاميين والكتاب والمثقفين والمواطنين. فيجب التأكيد على اهمية الوعي المجتمعي في مواجهة دعوات الفرقة والتعصب، فأمن الوطن خط أحمر ويجب عدم إتاحة الفرصة لاولي الايدي مثيري الفتن والطائفية لكي تستغل مثل هذه الاحداث، لكي تبث سمومها الطائفية وتهدد السلم الاهلي في المجتمع. الرسالة الرابعة: سرعة القبض على هؤلاء المجرمين الإرهابيين تجعلنا جميعا نقف احترما لوزارة الداخلية وعلى رأسها الامير محمد بن نايف - حفظه الله -. عقب ساعات من وقوع الجريمة خرج علينا المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، مؤكدا إلقاء القبض على الاشخاص ممن لهم علاقة بالجريمة الإرهابية وتتبعهم في عدة مدن بالسعودية. لهذا أنحني احتراما وأرفع عقالي إعجابا وأضع قلمي تقديرا لتلك الجهود الجبارة. وهذا يبين مدى حرص القيادة الكريمة وأجهزتها الأمنية الوطنية في الحفاظ على سلامة وأمن مواطنيها على اختلاف تنوعهم وطوائفهم، ومدى حرصها على سلامة بلدهم واستقراره، والضرب بيد من حديد على كل مجرم وإرهابي تسول له نفسه أن يعبث بأمن وسلامة هذا البلد ومواطنيه وعلى اختلاف طوائفهم ومشاربهم. ولا انسى في هذه المناسبة ان اقدم أحر التعازي لشهداء الواجب الانساني، الذين قضوا حياتهم في خدمة هذا الوطن ومواطنيه نسأل الله ان يتغمدهم برحمته. وأخيرا أرى أن تفعيل ودعم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني اولى خطوات الحل، من خلال توفير البيئة الملائمة لنشر ثقافة الحوار ونبذ الفرقة والاقصاء، وجعل الحوار معيارا للسلوك العام في المجتمع بكافة طوائفه ومشاربه بما يحقق المصلحة العامة والحفاظ على الوحدة الوطنية. * محلل سياسي