إنها وقفة للتأمل والمحاسبة، ورسم لخريطة التجديد والتطوير والتغيير، وتقييم لحقبة زمنية مضت وقضت، وقفة بين عام مضى بما فيه وانتهى بما حواه، وبين عام حل بساحتنا، ونزل بحينا، يجب أن نكرمه باستغلاله وأن نستفيد منه قبل رحيله. عام مضى بحلوه ومره، فيه حسنات وسيئات ونواقص وكمالات، تحققت فيه تطلعات ولم تحصل أمنيات والحمد لله على كل حال. عام مضى وعام جديد حل بنا وستظل السنون والأعوام تحل وترتحل، ولكن يجب أن نتغير إلى الأفضل ونسير إلى الأحسن في كل عام، بل في كل يوم، بل في كل لحظة بما يرضي ربنا وينفعنا في ديننا ودنيانا. قف وأنت بين العامين وانظر ماذا فرطت فيما مضى وفي ماذا قصرت، وأي حق أضعت وفرصة أهدرت وخير ما نلت وغير نافع اكتسبت. قف بين العامين واكتب وثيقة معاهدة مع نفسك بإصلاح الخلل وتصويب الخطأ، والسعي لكل نافع والبعد عن كل ما لا يفيد في الدين والدنيا. إذا كنت ترجو كبار الأمور *** فأعدد لها همة أكبر ابدأ بمعاهدة نفسك بإصلاح ما بينك وبين ربك بتوبة نصوح وعمل صالح ومسابقة في الخيرات، كن تقياً منيباً فعالا للواجبات منتهياً عن المحرمات. أصلح ما بينك وبين نفسك بتهذيبها وإصلاحها والسعي على تطويرها وارتقائها، اكتسب مهارات، تعلم لغات، حصّل معارف ومعلومات، نم مواهبك وقدراتك وفق خطة ومنهج وسر إلى المعالي سيراً حثيثاً. أصلح ما بينك وبين زوجك من قيام بالواجبات وحل للمشكلات وحوار ومناقشة ورسم خريطة الحياة لكما وللأولاد وما يتعلق بكم. أصلح ما بينك وبين أولادك بالقيام بحقوقهم والحرص على تعليمهم وتوجيههم وإرشادهم وتحفيزهم ومتابعتهم وبذل الغالي والنفيس لإصلاحهم، اغمرهم عاطفة وحناناً، تقبيلا، مداعبة وملاطفة. أصلح شأنك في وظيفتك بالحرص عليها أشد الحرص، عملاً وإنتاجاً، بذلاً وإبداعاً، أمانة وإخلاصا. أصلح ما بينك وبين الناس برد للمظالم وقيام بالحقوق والإحسان والنفع والأخلاق الحسنة. أصلح شأنك في مجتمعك وفي أمتك بأن تكون عضواً فعالاً وابناً باراً ولبنة صالحة ودوحة غناء يستظل بها. احرص على كل ما ينفعك في الدين والدنيا، وابتعد عن كل ما يشينك وما لا يفيدك؛ تسعد في الدارين.