قال بنك الكويت الوطني في أحدث تقاريره الاقتصادية: إن نمو إصدارات أدوات الدين في مجلس التعاون الخليجي شهد تراجعاً في الربع الثالث من العام 2014؛ نتيجة بعض العوامل الموسمية والجيوسياسية لا سيما بالنسبة للشركات غير المالية. وقد تم إصدار ديون سيادية من قبل جهات رسمية ذات نشاط ضئيل عادة، مثل البحرين وإمارة الشارقة. وقد ساهمت أسعار الفائدة المتدنية نسبيا والتعليمات الجديدة الخاصة برسملة البنوك في زيادة نشاط الإصدارات. في الوقت نفسه، شهدت العوائد السيادية استقرراً خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بفضل قوة الآفاق الاقتصادية للمنطقة، ما تسبب بتقلّص الهامش بينها وبين السندات الأميركية. وقد شهد مجموع أدوات الدين القائمة لدول مجلس التعاون الخليجي تراجعاً خلال الربع الثالث من العام 2014، نتيجة تراجع إصدارات القطاع غير المالي. وتراجع نمو أسواق أدوات الدين الخليجية إلى 9٪، حيث سجلت زيادة بواقع 832 مليون دولار فقط، لتصل إلى 266 مليار دولار بحلول نهاية الربع الثالث من العام 2014. وقد جاءت معظم الإصدارات من الإمارات والسعودية والبحرين التي احتلّت قطاعاتها الحكومية الصدارة نتيجة تراجع اصدارات شركاتها الخاصة. وقد ظل نشاط الإصدارات من القطاع الحكومي عند مستواه دون تغيير عن الربع الماضي عند 6.5 مليار دولار، ولكنه شهد بالمقابل إصدارات سيادية من قبل حكومات قلما اصدرت ادوات في الفترة الأخيرة. فقد قامت البحرين، التي أصدرت آخر دين لها منذ أكثر من عام، باستغلال تحسّن ثقة المستثمرين وإصدار دين بقيمة 1.25 مليار دولار، بينما قامت إمارة الشارقة بطرح أول صكوك لها بقيمة 750 مليون دولار. وتعكس زيادة النشاط في الديون السيادية الإقليمية تحسّن ونضج أسواق الدين في المنطقة. ومن هذا المنظور، تعتزم الإمارات إصدار قانون من شأنه أن يساعد في تطوير نشاط الديون السيادية في كل إمارة على حدة. وفي الوقت نفسه، شهد القطاع الحكومي في قطر ركوداً في النشاط على غير عادته خلال الربع، وذلك على الرغم من قوة الطلب على سنداته من قبل البنوك القطرية والمستثمرين الأجانب. أما القطاع غير المالي الذي كان محركاً أساسياً لنمو أدوات الدين في المنطقة، فقد سجل أبطأ وتيرة نمو له منذ خمس سنوات. وقد تراجعت الإصدارات في هذا القطاع لتصل إلى 250 مليون دولار، وذلك بعد أن شهدت أداءاً قوياً خلال الربع الماضي. ومن المحتمل أن التطورات الإقليمية التي تمثلت في الاضطرابات التي شهدتها كل من سوريا والعراق، إضافة إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، قد ساهمت في تراجع اهتمام القطاع غير المالي في الاشتراك في أسواق الدين الإقليمية. ومن المتوقع أن تحافظ الإصدارات في هذا القطاع على قوتها مستقبلاً تماشياً مع تسارع نشاط القطاع الخاص، كما من المفترض أن يقوم هذا القطاع بإعادة تمويل ما يقارب 4 مليارات دولار من ديونه المستحقة وذلك خلال العام القادم. كما شهد القطاع المالي تباطؤاً نسبياً في الإصدارات عن الربع الماضي، فقد بلغت قيمة الإصدارات الجديدة ملياري دولار، أي ما يعادل نصف قيمة متوسط الإصدارات في القطاع خلال العامين الماضيين، ليكون بذلك قد سجل أقل مستوى له منذ عام. وقد شهد القطاع إصدار اثنين من السندات الدائمة من قبل البنوك الإقليمية، الأمر الذي يعكس التوجه نحو تطبيق معايير برنامج "بازل 3". ومن المتوقع أن يحافظ هذا القطاع على ثبات وتيرة نموه مستقبلاً، وذلك نتيجة انخفاض أسعار الفائدة وفرض الإجراءات الاحتياطية. وقد ارتفع متوسط أجل استحقاق أدوات الدين القائمة لدول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 6.2 سنوات نتيجة طول أجل استحقاق بعض الإصدارات الأخيرة. وقد توجهت البنوك بالأخص نحو إنعاش قاعداتها الرأسمالية عن طريق إصدار سندات دائمة، وحافظت أدوات الدين في القطاع غير المالي على متوسط أجل استحقاقها عند 9 سنوات، بينما ارتفع متوسط أجل استحقاق أدوات الدين في القطاع الحكومي بواقع ستة أشهر ليصل إلى 5.5 سنوات. لقد استقرت العوائد السيادية بحلول نهاية الربع الثالث، وذلك بعد أن شهدت تراجعاً في مستوياتها. وقد جاء جزء من هذا الاستقرار نتيجة قوة ثقة المستثمر على خلفية تحسّن الآفاق الاقتصادية للمنطقة. ونتيجة لذلك، فقد تقلصّ الهامش بين عوائد سندات المنطقة وعوائد السندات الأميركية خلال الأشهر الأخيرة، الذي نتج أيضاً من الزيادة المستمرة في عوائد السندات الأميركية. وقد تسببت التقلبات في الأوضاع الاقتصادية العالمية بزيادة الفارق مؤخراً، إلا أنه قد ظل ضئيلاً نسبياً، وذلك تماشياً مع قوة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي استطاعت مواجهة تلك التطورات. وقد حافظت العوائد السيادية لفترة خمس إلى ست سنوات لكل من إمارة دبي وإمارة أبو ظبي وقطر على استقرارها عند 3.14٪ و1.99٪ و2.43٪ على التوالي.