كثير من الهلاليين سواء كانوا مسؤولين أو لاعبين أو إعلاميين أو جماهير يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، لا سيما وأن الكثير من المواقف فضحت تناقضهم، فهم يستبيحون ما يروق لهم وما يتوافق مع أهوائهم وأفكارهم ورغباتهم، ويحرّمونه على غيرهم والعكس صحيح. ومن خلال هذه المساحة لن أفتش في الدفاتر القديمة، فهي مليئة بما يدينهم ويعرّيهم أمام الرأي العام، سواء كان ذلك لفظا يندى له الجبين أو عبارة سافرة أو تصرفا مقززا لا يقره دين ولا يقبله عرف وتنبذه القيم والمبادئ، ولكن ما حدث ويحدث خلال هذه الأيام يكشف تناقضهم الغريب العجيب في مشهد يدعو للشفقة. هؤلاء الذين أزعجونا "بالوطنية" ويتشدقون بها صباح مساء، بعد أن بلغ فريقهم نهائي البطولة القارية، لم نسمع أحدهم يدافع عن الاتحاد أو يتمنى فوز الأهلي أو يستنكر ما حدث للنصر في دبي، بل تمنوا الفشل لكل ناد سعودي يمثل الوطن خارجيا، فوقفوا للاتحاد بالمرصاد وحرموه بطريقة غير مباشرة من تسجيل لاعبيه الأجانب إبّان مشاركته في كأس العالم للأندية، وصلّوا على طريقة "أحمد عيد" لكي يخسر الأهلي نهائي بطولة آسيا أمام أولسان هيونداي الكوري، وأقاموا الأفراح والليالي الملاح عقب أحداث ملعب "زعبيل" الشهيرة التي ذهب ضحيتها النصر أمام الوصل وودّع من خلالها البطولة الخليجية. هؤلاء الذين أقحموا الدين في الرياضة وأصبح في نظرهم من لا يشجع فريقهم يجهل بحقوق دينه ووطنه، دندنوا على مدى عقد ونيف عبر المنابر الإعلامية والصحافة الورقية وحتى هذه اللحظة، وهم يشككون في تأهل النصر لكأس العالم للأندية كأول فريق آسيوي وعربي يصل لهذه التظاهرة العالمية، ويقولون بكل قبح إن وصوله تم عن طريق الترشيح بعد لعبة قذرة أُحيكت في أروقة الاتحاد الآسيوي. هؤلاء الذين أعماهم التعصب المقيت، وجعلهم يختزلون الوطنية في تشجيع فريقهم، ظهر بعضهم وقال بملء فمه دون خجل: إن كأس العالم الأولى للأندية التي استضافتها البرازيل بطولة غير معتمدة أو بالأحرى تجريبية في محاولة منهم لتقزيم منجز الكرة السعودية، رغم تأكيدات جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي في تصريحات تلفزيونية موثقة بثها التلفزيون السعودي أشار من خلالها إلى أن أول مونديال رسمي للأندية أُقيم بالبرازيل وبمشاركة النصر. هؤلاء الذين اغتالتهم الأنانية وقتلهم حب الذات، يتبجحون بمحاربة التعصب ونبذ العنصرية، وينادون بدعم فريقهم كممثل للوطن، ووجوب الوقوف خلفه، ومن ثم يخرج نائب رئيسهم، ويُسقط على بقية جماهير الأندية بألفاظ خادشة للحياء تدعو للتفرقة والعنصرية وشق وحدة الصف إلى فسطاطَيْن "مع وضد" متجاهلا أن المشجع الهلالي له أشقاء وأبناء وربما أحفاد منهم من يشجع النصر والأهلي والاتحاد والشباب. أخيرا.. كيف يطالب هؤلاء، الوسط الرياضي بجميع مكوناته بدعم فريقهم والوقوف خلفه، وهم لا يبجّلون ولايُشيدون إلا بفريقهم فقط، وفي المقابل يمارسون الإرهاب الرياضي قولا وعملا ضد ما سواه؟ هؤلاء لن نقول "نربطهم في خيشة ونرميهم" كما قال بعضهم، ولكن عليهم مراجعة أفكارهم الهدامة، وإصلاح نواياهم وقلوبهم السقيمة، أو التواري عن الأنظار، فوسطنا الرياضي لا يحتاجهم خصوصا، وأنه لم يعد يحتمل أكثر مما هو فيه الآن.