غدا في التاسعة الأّ ربع مساء، تتجه أنظار عشاق المستديرة نحو استاد الملك فهد الدولي بالرياض؛ لمشاهدة المباراة النهائية بين نادى الهلال وسيدنى الأسترالي على نهائي أبطال آسيا، حيث يشارك الفائز منهما بالبطولة العالمية للأندية بالمغرب. إلى هذا والخبر جدا عادى، ولكن غير العادي أن يصل بنا التعصب الكروي الأعمى إلى درجة أن بعضنا ( نفر أو فريق أو مجموعة) من أبناء هذا الوطن، يتمنون هزيمة الهلال أمام منافسه الأجنبي، فأنا والله لست هلاليا، ولكن ما قرأته ورقيا وإلكترونيا (مواقع وتغريدات) وما سمعته وشاهدته من مقالات وأخبار ولقاءات على الهواء مباشرة، يتجه جميعه نحو تمنى هزيمة الهلال، وخروجه من البطولة، أوجعني وآلمني، وجعلني متعاطفا وبشدة مع الهلال وجماهيره، دعما، وتشجيعاً ، ومساندة لابن الوطن؛ حتى يتجاوز عقبة سيدني، ويشرفنا كسعوديين، ويمثل المملكة في البطولة العالمية. لقد أحزنتني كثيرا، تلك النعرة العصبية الرياضية التي لم يألفها مجتمعنا، وانتقلت عدواها وبكل أسف من مشجعي الأندية المنافسة للهلال إلى المثقفين (كتابا وإعلاميين)، ولبعض رجال الدين (دعاة ومشايخ ومفكرين)، إنها ولعمري كارثة، ما بعدها كارثة، أن يأتي اليوم الذى نرى فيه البعض يحبط فريق وطنه، ويحاول كسره نفسيا ومعنويا، قبل خوضه مباراة مهمة سيسجل فوزه بها باسم نادي الهلال السعودي، وليس السوداني مثلا ولا أي ناد بأي دولة أخرى؟! . ما الذي حدث للمجتمع السعودي والوسط الكروي؟ أين الوطنية وروح الانتماء؟ وما الذي يدفع أحدهم (عبد العزيز المريسل) أن يخصص جوائز ويقول ساخرا: إذا خسر الهلال نسحب على آيفون 6.. ألهذه الدرجة نخصص لهزيمة نادي الوطن جوائز؟! هل الهلال هبط علينا من وطن أخر ومن دولة ثانية غير المملكة؟ إنه ابن الوطن ولاعبوه ينتمون له وللبلد، حتى الأجنبي فيه ينتمي لهذا النادي، فهو يرتدى فانلته، ويحمل شارته، ويتقاضى منه راتبه ومكافأته. عن الأقلام الرياضية، ونجوم ومشاهير المستديرة ما زلت أتحدث، وعن فهد الهريفي أتعجب من إعلانه أمنيته بهزيمة الهلال، قائلا: لا أتمنى فوز الهلال على سيدنى الأسترالي، ثم يكملها أحمد الشمرانى، وبدلا من أن يكحلها أعماها، أو كما يقول بلغته (إذا شطح نطح)، وأخرج كل ما في جوفه، وألقى به فوق رأس الهلال، قيادة وإدارة ولاعبين. نعم برر الشمراني وجهة نظره، بمواقف سلبية سابقة للهلاليين (أسماها عنصرية) فى مونديال الأندية ونهائيات آسيا مع أندية الأهلي والنصر والاتحاد، ولكن كان ينبغى عليه ككاتب وناقد رياضي معروف؛ وأن لا تصل به الدرجة لأن يقول كمواطن سعودي: كلنا سيدنى وبمشيئة الله يخيب أمالكم ويقتل طموحكم ويبدد أحلامكم، لكي تستمر أفراحنا، ونسعد ب(النحس) الذي يلازمكم طوال هذه البطولة. كان يجب أن يسمو فوق كل ذلك؛ طالما الأمر يتعلق هنا ببطولة عالمية يرفع فيها علم المملكة، الذي ينضوى تحت رايته وشعاره كل السعوديين، هلاليون وأهلاويون، نصراويون، واتحاديون، وشبابيون. فلماذا إذن نخسر أنفسنا أمام العالم؟ ونبدو هكذا متعصبين من شعر الرأس حتى أخمص القدم؟ وندخل أيضا التشجيع الرياضي فى الدين، و(نخربط الدنيا) ويخرج علينا من يقول: حق وطني وواجب ديني، وعندما حاول الشيخ عائض القرني مغردا التحذير من هذا التعصب، أدخل الإسلام كدين في الرياضة، التي لا تفرق بين الأديان، ولا تتعصب لجنس أو لون، بقوله: التعصب الرياضي الأعمي حمل بعضهم إلى تمني أن يفوز الفريق الأجنبي غير المسلم على فريق وطنه، فأين العقيدة والوطنية المزعومة؟. فما دخل العقيدة هنا بالرياضة… لا أدري؟ أقولها صريحة للجميع، من ليس فيه خير لنادي وطنه، ليس فيه خير لناديه، ويجب علينا جميعا تجنب هذا التعصب الأعمى والممجوج، الذي يقتل الهدف الأساسي من التنافس الرياضي، وهو نشر روح المحبة والتسامح، والتعاون والإخاء بين أندية الدولة الواحدة في الداخل أو بين كل أندية ودول العالم. وأعود وأكرر، إنني لست هلاليا، ولكنني أطلبها صريحة أيضا من كل بني وطني، بكل انتماءاتهم الرياضية، أن يخلعوا اليوم عباءة التعصب الكروى، ويشجعوا الهلال، ويساندوا الهلاليين؛ لأن التوحد والانتماء للوطن والبلد يسمو على أي انتماء، ويعلو فوق أي تعصب، ومن يدري ربما يجبر هذا الموقف الوطني جميع الهلاليين على تصحيح مواقفهم، والفائز فى الختام كل أندية المملكة. فمن الآن وحتى إطلاق الحكم صافرة النهاية غدا، لا تتركوا الهلال، ولا تحبطوا لاعبيه، ولا تظلموا جماهيره، فهُم فى النهاية أبناء هذا الوطن. @alharthi1400 رابط الخبر بصحيفة الوئام: الهلال ابن الوطن…فلا تقتلوه