مثل سائق يطيع الأوامر الصادرة من نظام جي بي إس لتحديد المواقع حتى في الوقت الذي يصرخ فيه الركاب بأن السيارة تتجه بوضوح نحو حفرة، فإن جيني رومتي، الرئيسة التنفيذية لشركة آي بي إم، اتبعت «خارطة طريق» الربح التي وضعها سلفها. وكانت تخطط الشركة لتصل إلى 20 دولاراً في الأرباح المعدلة للسهم الواحد بحلول عام 2015، مع أن تسعة أرباع متتالية من الإيرادات المتراجعة تجعل من ذلك عملاً هائلاً من الهندسة المالية لا يمكن الدفاع عنه على نحو متزايد. قامت شركة آي بي إم بتسريح العمال، وعبثت بمعدل أسعار الضرائب لديها، واستدانت، وأعادت شراء العدد الهائل من أسهمها لجعل عملياتها الحسابية صحيحة، رغم أن كل ذلك أدى إلى أن تصبح الشركة أقل قدرة على المنافسة مع أمثال أمازون وجوجل في الحوسبة السحابية. اليوم تخلت رومتي أخيرا عن «خارطة الطريق لعام 2015»، معلنة أنه لا يمكن لآي بي إم أن تصل إلى الرقم المستهدف على الإطلاق. وقالت آي بي إم أيضا إنها سوف تدفع لشركة صناعة الرقائق التي تدعى جلوبل فاوندريس 1.5 مليار دولار مقابل الاستحواذ على قسم الرقائق والتخفيف عنها، في حين قيامها بأخذ رسوم أيضاً تبلغ 4.7 مليار دولار. وذكرت آي بي إم في تقرير لها أن نتائج الربع الثالث من العام - فترة عاشرة متتالية من التراجع في المبيعات، تميزت بأداء أضعف في أسواق النمو. وقالت رومتي في بيان لها «إننا نشعر بخيبة أمل من أدائنا». وأضافت: «لقد رأينا تباطؤاً ملحوظاً في أيلول سبتمبر في سلوك الشراء من قبل العملاء، وتشير نتائجنا أيضاً إلى وتيرة غير مسبوقة للتغيير في صناعتنا». وفي رد على ذلك، انخفضت أسهم آي بي إم بأكثر من 7% صباح الاثنين 20 أكتوبر. كتبتُ في مقابل في مجلة بلومبيرج بيزنس ويك يوم 22 مايو قصة الغلاف، حول مهمة رومتي المستحيلة تقريباً في إعادة اختراع آي بي إم لعصر الحوسبة السحابية بينما هي مكبلة اليدين ب «خارطة الطريق». تبلغ آي بي إم من العمر 103 سنوات وقد نجت من قبل من الاضطرابات في صناعة التكنولوجيا – ابتداء من مبيعات الحاسبات الكبيرة ثم أجهزة الكمبيوتر الشخصية، ثم الدخول في لعبة الاستشارات. سوف تقول رومتي لأي شخص يستمع إليها إن التغييرات المطلوبة لآي بي إم اليوم هي كبيرة كما كانت دائماً من قبل. أحد الأسئلة هي ما إذا كان لدى آي بي إم القطع التقنية التي تؤهلها لمنافسة أمازون وغيرها: بعد خسارتها مقاولة سحابة مربحة التي طلبتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA وحصول شركة ناشئة عليها، كان ينبغي على آي بي إم الحصول على منافس صغير، سوفت لاير، لتقديم الخدمات التي يطالب بها عملاؤها الآن بكفاءة. وصول سحابة الحوسبة الرخيصة يعني أن الشركات لا تحتاج إلى آي بي إم كبيرة، وإلى أجهزة حاسوب باهظة الثمن. وحتى لو أن آي بي إم لحقت بالركب، يمكن للسحابة أن تكون مثل أي صناعة هامشية رقيقة والتي لا يمكنها الحفاظ على هوامش الربح التي طالما كانت آي بي إم تقول لمساهميها إن عليهم توقعها. حتى اليوم. عمليات البيع المكيف الأخيرة هي الأسوأ منذ أربع سنوات لدى آي بي إم، وذلك بناء على ما ذكرته وكالة أنباء بلومبيرج. وقال دانييل ايفس المحلل في FBR لأسواق رأس المال لمجلة بيزنس ويك: «آي بي إم في حاجة للعثور على النجاح والنمو في السحابة من خلال الوسائل العضوية وعمليات الاستحواذ». وأضاف: «وإلا يمكن أن يكون هناك بعض الأيام الأكثر قتامة أمام عملاقة التكنولوجيا والمساهمين فيها». وبعبارة أخرى: التركيز ليس على الهندسة المالية ولكن من خلال تصنيع أشياء تجعل الناس يدفعون المال مقابل الحصول عليها، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة.