لقد عانت العقود الآجلة للنفط من انخفاض عصيب في الأسابيع الأخيرة، حيث وصلت إلى انخفاض يقل عن 80 دولاراً للبرميل. هذه أخبار جيدة بالنسبة لشركات الطيران، أليس كذلك؟ ربما لا. منذ ما يقارب ال 35 عاماً الماضية، كان وقود الطائرات غير المُكلف يعمل بشكل روتيني بمثابة دعوة خطر بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين في شركات الطيران. فالوقود الرخيص يُحفزّ المزيد من رحلات الطيران ويعتبر لقمة سائغة كبيرة لأي عمل يبدو من الممكن بلوغه في سوق السفر. والمسارات الهامشية تصبح مربحة مع أسعار الوقود المنخفضة، التي بدورها تعمل على تعزيز الحجة بأن رحلات الطيران الجديدة يمكن أن تزيد العائدات بتكلفة قليلة. كما يسمح الوقود الرخيص أيضاً لشركة الطيران بتجربة أكثر تطرفاً مع مواعيد الرحلات في محاولة لسرقة حصة سوقية من المنافسين. يقول سيث كابلان، الشريك الإداري في الصحيفة الصناعية، إيرلاين ويكلي: «إذا استمر الاتجاه بالانخفاض، فإن ذلك سيعمل تماماً على تغيير اقتصاديات الصناعة مرة أخرى». ومع النفط الأرخص، يتوقع كابلان أن العديد من شركات الطيران ربما ستقوم بإرسال طائراتها في رحلات خارج أوقات الذروة بسبب التكاليف المنخفضة المرتبطة بتلك الرحلات الإضافية. وعدد قليل من رحلات الطيران الإضافية في أيام السفر الضعيفة، الثلاثاء والسبت، يمكن أن تضطر للعودة إلى جدول المواعيد. هذا الاحتمال جعل المحللين في وول ستريت منفعلين قلقين من أنه إذا بقي النفط رخيصاً بما فيه الكافية لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فإن الأسعار المنخفضة ستجعل شركات الطيران تتراجع عن تجربتها الجديدة مقابل نشر الكثير جداً من القدرة. المحلل في شركة وولفي للأبحاث هانتر كاي كتب الأسبوع الماضي في مذكرة للعملاء: «نحن نشعر بأن هذه الصناعة تحتاج إلى ارتفاع في أسعار النفط الآن أكثر من أي وقت مضى. انضباط القدرة مؤخراً (من البعض) يبدو نظرياً في أحسن أحواله». خام برنت، وهو مؤشر الطاقة الذي يراقبه معظم المسؤولين التنفيذيين في شركات الطيران بسبب ارتباطه بوقود الطائرات، قد انخفض 22% هذا العام؛ حيث استقر يوم الجمعة عند سعر 86 دولاراً؛ وفي اليوم السابق، سجّل مؤشر برنت أدنى مستوياته منذ أربعة أعوام، عند أقل من 83 دولاراً. وهذا يُشكّل تراجعاً حاداً عن الأعوام الأخيرة: بعد أن ارتفع النفط إلى ما يقارب 150 دولاراً للبرميل في شهر حزيران (يونيو) عام 2008، قامت شركات الطيران جذرياً بإعادة هيكلة لمحاولة التكيّف مع النفط مهما كان سعره. تلك الجهود قد جعلت أسعار النفط المرتفعة أو المنخفضة أقل أهمية بكثير - التقلبات السريعة بأي اتجاه هي العدو الآن - وفي نفس الوقت تحويل النفط المُكلف إلى حاجز نوعاً ما بالنسبة للطيران الجديد. والسوق الهابطة في عقود النفط الآجلة هي أبعد ما تكون عن كونها المشكلة الاقتصادية الأسوأ التي قد تواجهها شركات الطيران: سعر 80 دولاراً لبرميل النفط هو مفيد بشكل كبير، مقارنة مع سعر 100 دولار. إنه تقلّب يساوي مليارات الدولارات في جميع أنحاء الصناعة. كل شيء آخر يجري على قدم المساواة، عندما ينخفض ما يسمى «تكلفة المدخلات» لشركة طيران - لكن أسعار التذاكر لا تنخفض - فإن التوسّع السليم لهوامش الربح سوف يتبع ذلك. والرئيس التنفيذي لشركة طيران دلتا، ريتشارد أندرسون، قال الأسبوع الماضي أثناء مكالمة هاتفية تتعلق بتقرير الأرباح الربعية، مشيراً إلى إمكانية الربح: «إن تخفيضات أسعار الوقود التي نشهدها في السوق هي فرصة كبيرة تمضي قُدماً». هذا من المرجح أن يتبيّن بوفرة في الربع الرابع، وقت رفع أسعار التذاكر للسفر من أجل قضاء العطلات. وفي وقت يتسم بارتفاع الطلب بين المستهلكين في الولاياتالمتحدة، فإن تكاليف الوقود المنخفضة عملياً تجعل شركات الطيران تقوم بإضافة الرحلات. القدرة الأكبر قد تعمل على تخفيض أسعار التذاكر، لكن الرحلات الإضافية تعمل على تخفيض تكاليف وحدة شركة الطيران: المواد المُكلفة، مثل الطائرات ومعدات الأرض والموظفين، تصبح أكثر إنتاجية حيث يتم الاستفادة منها أكثر. ثم هناك العائد الأكبر الذي يأتي من بيع المزيد من التذاكر. على سبيل المثال، قالت شركة أمريكان إيرلاينز في وقت سابق من هذا الشهر: إنها ستقوم بإضافة رحلات طيران في شهر آذار (مارس) في مركزها في ميامي ولوس أنجلوس، بما في ذلك الرحلات الليلية من مدينة سولت ليك سيتي إلى ميامي ومن لوس أنجلوس إلى أتلانتا. كما قالت شركة دلتا، الشهر الماضي: إنها ستقوم بتدشين رحلات طيران من لوس أنجلوس إلى أوستن، دالاس، وسان أنطونيو في تكساس في الربيع. ويقول كابلان عن المسارات الجديدة لشركة الطيران الأمريكية من ميامي: «أنا لا أعرف ما إذا كانت ستعلن عن ذلك مع سعر النفط البالغ 100 دولار. هناك أشياء تنجح بسعر 90 دولاراً للبرميل لا تنجح بسعر 100 دولار، وهناك أشياء تنجح بسعر 80 دولاراً ولا تنجح بسعر 90 دولارا».