وجد ضالته بها، فأصبح يستخدم هذه الكلمات لتبرير الكثير من الأحداث من حوله، تعثره الدراسي وانعزاله الاجتماعي وفشل تجارته وأعماله وتأخر الكثير من ملفات حياته، بدأت اللعبة تكون أكثر اغراء ومتعة!! فبدأ الأصدقاء والأقارب من حوله يستخدمون نفس الأفكار والعبارات حينما يريدون أن يبرروا التعثر والفشل أو التأخر وعدم الانجاز أو ضعف الهمة والإقبال أو الانعزال وعدم المخالطة فتكون شماعة «فيني عين» أفضل مخرج أمام المجتمع والعائلة التي تطالب أبناءها بالنجاح والتقدم. وهؤلاء المهووسون بفكرة العين يستخدمونها بشكل لافت في الكثير من تفاصيل حياتهم وأحاديثهم اليومية، فهي الدواء لكل داء والجواب لكل سؤال والمخرج من كل مأزق وبسببها يكون الخوف من الآخرين هو الأصل بدل التعامل معهم بالمعروف مع الحفاظ بلا شك على مسار الخصوصية في الحياة الخاصة، لكن لا يجب أن يصل الأمر إلى حدود الأزمة اليومية التي يعيشها البعض بسبب هواجس العين والخوف من سهام الحاسدين. المرض النفسي غير موجود في قاموس صاحبنا وأي ضيقة أو تعب فيه بالتأكيد جراء العين والحسد، وفي المقابل سوف يجد أن من حوله يتعاطفون معه في قادم الأيام، فهو استطاع أن يقنعهم بقضية العين وعليه فلا يُطالب مستقبلا بأي استحقاق أو مسؤولية!! هذا الادمان على استخدام قضية العين والتوسع فيها يكشف خللا هائلا في شرائح كبيرة من المجتمع لديهم مشكلة في التوكل على الله حيث يتجلى هنا الضعف الشديد في التوكل، فهم يقرؤون الورد اليومي ويُحصنون أنفسهم في الصباح والمساء ومع هذا فهم لا يتوكلون حق التوكل. فالشكوك والمخاوف تسلب منهم السلام الداخلي والطمأنينة والراحة التي يحظى بها المؤمن المتوكل على الله حق التوكل. الفاعل لأسباب حفظ النفس وحماية حياته حيث الأذكار والورد اليومي وبذل الصدقة الدافعة للبلاء والتوكل الحقيقي على الله فلا وساوس شيطانية تغتال فرحة حياته ولا مخاوف مهووسة تجعله ينظر إلى الآخرين بأنه عدوان يريدون النيل منه في أي لحظة ولا هواجس تحد من تحركاته وتعكر سعادته، فهو متقوقع على نفسه منغلق على ذاته يخاف أن تتسرب أخباره إلى خارج ذلك القمقم. إن قضية العين وهي حق بلا شكأمر من المفترض أن يوضع في حجمه الطبيعي بعيداً عن المبالغة التي سلبت الكثير من حياة الناس، وجعلت البعض يضحكون على أنفسهم قبل الناس حين يرددون كل يوم: «فيني عين» وهم يعلمون أو لا يعلمون أنهم لا يريدون حقيقة أن يقفوا بجرأة أمام المشكلة ويخشون من الوقوف عرايا أمام المرآة فتكون الحيل النفسية والاسقاطات هي الحل للخروج من الأزمة والتبرير أسهل عند هؤلاء من التفكير والبحث الحقيقي عن حل لهذه المشاكل التي بلا شك هي متاحة، لكن تحتاج إلى شخص يُقدر نفسه ولا يخدعها ويبحث عن الحلول ولا يبحث عن الاستمتاع بالمشكلات.