على الرغم من الحملات الكثيرة للتوعية بمخاطر التدخين التي تبذلها وزارة الصحة والجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء) ومشاركة العديد من الجهات المعنية في هذا الجهد أبرزه الدور البناء لعلماء الدين في مكافحة هذه الظاهرة السلبية والتي أثبتت الدراسات الصحية ارتباط العديد من الأمراض الخطرة بممارستها، كما صدرت العديد من القرارات التنظيمية التي تهدف إلى مكافحة التدخين، أهمها توجيه وزير الداخلية لإمارات المناطق، الذي أكد على العمل بموجب الأمر السامي الكريم القاضي بمنع التدخين في جميع الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة، كما أكد على مكافحة ظاهرة التدخين والسعي إلى الحد منها وحصر وتخصيص الأماكن التي يسمح فيها بالتدخين، وعدم السماح به في الأماكن العامة والمطارات وخلافها، وشدد سموه على منع بيع الدخان لمن هم أقل من (18) سنة لأي مبرر. إلاّ أن ذلك لم يمنع من تزايد نسب المدخنين سنوياً، حيث تشير الإحصائية إلى أن حجم سوق التبغ في المملكة يتجاوز (1.4) مليار ريال سنوياً، وتحتل المملكة المرتبة الرابعة على مستوى العالم في استيراد الدخان، والمرتبة (19) من حيث ارتفاع معدلات نمو سوق التبغ بها، وبلغ عدد المدخنين في المملكة أكثر من ستة ملايين مدخن، ينفقون ثلاثين مليون ريال يومياً. إن واقع الحال يدل على أن استراتيجية مكافحة التدخين المطبقة حاليا فشلت في تحقيق هدفها المعلن بمكافحة هذه الظاهرة السلبية التي فتكت بالبشرية على مستوى العالم، ولا بد من إعادة النظر فيها لتصحيح المسار الذي أدى إلى انتشار هذه الظاهرة بالرغم من حملات التوعية وصدور العديد من القرارات التنفيذية. إن البداية لتصحيح المسار وتفعيل قرارات مكافحة التدخين تبدأ من تحديد الجهات المختصة بتلقي البلاغات وإيقاع العقوبات على المخالفين لقرارات مكافحة التدخين وبالأخص مخالفة بيع الدخان على أطفال. وأخيرا- لما كان يفترض به أن يكون أولا- اصدار نظام شامل لمكافحة التدخين يشمل في حده الأدنى التأكيد على ضوابط تسويق وترويج منتجات التبغ التي أقرها وزراء الصحة بدول مجلس التعاون خلال اجتماع الدوحة في العام (2011م) ومن أبرزها حظر الإعلان لجميع منتجات التبغ وعدم السماح ببيع السجائر وسائر منتجات التبغ إلا من خلال رخصة خاصة ومقابل رسم محدد وحظر البيع لأقل من علبة مغلفة وكذلك عدم استخدام العبارات المضللة مثل (قليلة القار) أو (خفيفة) أو (لطيفة). وأختم بفتوى للشيخ الجليل «ابن عثيمين»، رحمه الله في مجموعة فتاواه، أنه «لا يجوز للإنسان أن يبيع الدخان، لأن الدخان محرم، وإذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه، ولأن بيعه من باب التعاون على الإثم والعدوان».