احتفل المسلمون أمس السبت بأول أيام عيد الأضحى وبعد أن وقف الحجاج بجبل عرفات الطاهر يوم التاسع من ذي الحجة واستشعر المسلمون أن عيد الأضحى ليس مجرد عادات متوارثة بل هو عبادة نتقرب بها إلى الله جل في علاه، في الصباح الباكر من يوم أمس ذهبت مع أولادي إلى مسجد الحي الذي تقام فيه صلاة العيد ونحن نمشي على الرصيف نسمع التكبيرات من حولنا وبجوارنا يمشي الرجال والنساء باتجاه المسجد لابسين الجديد من الثياب تعلو تكبيراتهم من داخل المسجد وبعد انتهاء الخطيب من خطبة العيد وإذا بالناس يتعانقون بكل حب ويتبادلون التهاني وعلى محياهم الفرح والسرور، شعرت وأنا خارج من باب المسجد بالغبطة والفرح وتأملت أن هذه الصور الإنسانية يجب أن تكون على مدار العام لتعبر عن طيبة أبناء وطني وتؤكد للعدو تلاحم وتراحم أبناء هذا الوطن الغالي وأن قوتهم ليست بالسلاح والقتل والتكفير، إنما قوتهم بالتكبير والتهليل والتحميد. قبل حلول العيد بأسابيع يفرض موضوع الأضاحي وأسعارها نفسه على رأس قائمة اهتمامات الكثيرين، ويبدأ الجدل حول سعر هذه الأضاحي في الأسواق والمقاهي وأماكن العمل، ووسائل التواصل الاجتماعي وجلسات النساء والعزائم وغيرها، وكل يستقرئ المشهد والوضع على طريقته، فالغلاء في ارتفاع أسعار الأضاحي هو غيض من فيض غلاء المعيشة عموماً، وفي خضم الجدل يبقى اقتناء الأضحية ضرورة يجتهد في تحصيلها رب العائلة بكل السبل حتى يضمن لعائلته التمتع بأجواء العيد وجمعة العائلة صبيحة يوم النحر، من طرائف العيد أن رب العائلة يعود إلى منزله بعد أن يذبح أُضحيته ثم يتركها لأهل بيته ليطبخوا منها ما يشاءون ومن ثم يجتمعون على مائدة الإفطار وهم يتثاءبون ويغلبهم النعاس فأغلب الناس لا ينامون ليلة العيد وبعد فراغهم من الإفطار المفروض عليهم من كبير العائلة يهرولون مسرعين إلى غرف نومهم فالسهر قد أرهقهم! بالأمس اجتمعنا على مائدة عامرة بأصناف الطعام فرحة بالعيد وبهجة باجتماع الأقارب والأحباب، ورسالتي لكم أحبائي لنبدأ بتهنئة الأقرباء فكم هم بحاجتنا لنشاركهم بهجة العيد، لنجعل أطفالنا يفرحون معهم ويشاركونهم اللعب والانطلاق، لنهدي لهم أي لعبة، لنقدم لهم حلاوة العيد، ما أرخص ثمنها وما أغلى وقعها عليهم، لنرم البخل جانباً هذه الأيام، لنكن كرماء في العطاء وفي الابتسامة مع الآخرين وخاصة الأطفال، لنجعل صغارنا يستمتعون بطفولتهم وبلحظات العيد الجميلة، كبار السن من الأقارب والمعارف لهم حق السؤال والزيارة، لنقبل رؤوسهم ونهنئهم بحب وحنان فهم كالأطفال أو أكثر حساسية منهم يحتاجونها بشغف وينتظرونها بلهفة، كم تمر الساعات دون أن نضحك ونبتسم خلال أيام العام المليء بالنشاط والعمل المتواصل ليل نهار، ليأتي العيد فينسينا كل ما مضى، لنفتح معه صفحة جديدة مشرقة كإشراقه كل يوم جميل بجمال من حولك من الأهل والزوجة والأبناء والأحباب والأصدقاء، لنبارك لمن نعرف ولا نعرف، إن فرحنا بالعيد يجب أن تكون من خلال تصحيح علاقاتنا بأقاربنا وجيراننا الذين قد لا نراهم طوال العام إما تقصيراً منا في ذلك، وإما قد يكون الشيطان نزغ فيما بيننا وبينهم فهي فرصة عظيمة يجب أن ننتهزها فنمد لهم يد المحبة ونبارك لهم بهذا العيد السعيد، وكل عام وأيامكم كلها أعياد وفرح وابتسامة وتسامح وعفو واسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم وأن يعودوا إلى ديارهم سالمين غانمين تائبين.