في الأسبوع الماضي، عندما وصلت أسهم سامسونج إلى أدنى مستوياتها منذ عامين، بدت الرسالة صريحة وواضحة: أعمال الهاتف الخلوي التي تتباهى بها وتتمسك بها هذه الشركة الكورية الجنوبية العملاقة تبدو ضعيفة. هناك على الأرجح بعض المزيد من الألم في الطريق إلى سامسونج: تباطؤ المبيعات ونمو الأرباح الذي بدأ العام الماضي قد يصبح أسوأ وسط منافسة من شركة أبل في سوق الهاتف الخلوي الراقية، إلى جانب المنافسة من عدد كبير من شركات الصناعة الصينية الرخيصة. وهناك شعور بأن سامسونج تصنع منتجات كبيرة وعملية - وليس أجهزة يتوق إليها المستهلكون لجمالها وتصميمها. فالناس يحبون أجهزة الهاتف والأجهزة اللوحية من نوع جالاكسي، لكن القليل منهم سينام على صناديق الورق المقوّى خارج متاجر بيست باي للحصول على أحدث الموديلات. إذن ما مدى أهمية هذا الأمر لشركة تملك مجموعة من معامل تكرير النفط، وقسم خاص بالفضاء، وشركات تختص في الصناعات الكيميائية - إلى جانب شركة تعتبر رائدة في صناعة الرقائق، وهي واحدة من أكبر شركات صناعة الإلكترونيات في العالم وتمثّل حوالي خُمس الناتج المحلي الإجمالي في كوريا الجنوبية؟ في الواقع، وحدة الهاتف الخلوي هي دافع إيرادات كبير بالنسبة لسامسونج. حيث شكلت الأجهزة الخلوية حوالي 56% من مبيعات الشركة في النصف الأول من هذا العام (بانخفاض عن 59% عندما سجّلت الشركة إيرادات سنوية تبلغ 217 مليار دولار العام الماضي). مع ذلك، لا ينبغي أن يكون هناك مثل هذا التشاؤم والكآبة اللذين يحيطان بآفاق سامسونج. لقد بدأ بعض المستثمرين البارعين بالإقبال على شراء أسهمهما لأنهم يعتقدون أن عملية البيع المكثف لأسهم سامسونج كانت صارمة جداً والأقسام الأخرى في الشركة - مثل أشباه الموصلات - لا تزال تنمو. ربما الأمر الأكثر أهمية والذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار هو أن ثروة سامسونج من الهاتف الخلوي هي علامة على المسار الحتمي لسوق الأجهزة في جميع انحاء العالم أكثر مما هي علامة على مستقبل سامسونج باعتبارها قوة كبيرة في مجال الإلكترونيات. إذا أخذت دورة سريعة خلال الأعوام التي تزيد عن 70 عاماً من تاريخها المؤسسي، ستلاحظ أنه في أوقات مختلفة كانت سامسونج تُهيمن على الأجهزة المنزلية، وأجهزة المايكروويف، وفي نهاية المطاف، أجهزة التلفزيون. عندما تراجعت تلك الأعمال، قامت سامسونج بفتح محفظتها، وذلك بالإنفاق على البحث والتطوير الذي أتاح لها المجال للسيطرة على أسواق الهواتف الخلوية والهواتف الذكية. (تذكير بسيط: لا تزال سامسونج تملك الحصة الأكبر من مبيعات الهواتف الذكية في العالم. ولا تزال تبيع لنا الكثير والكثير من الثلاجات). لمحة عن أعمال سامسونج في مجلة «بلومبيرج بيزنس ويك» قامت بإظهار الثقافة الغريبة لجنون العظمة، والدمار والتجديد التي سمحت للشركة بالانتقال بشكل متعمد إلى مجالات جديدة. وتشمل الحكمة من «لي كون هي»، رئيس مجلس إدارة سامسونج، هذه العِبرة: «بإمكانك تغيير كل شيء باستثناء زوجتك وأبنائك». الفشل في تقبّل والتعامل بشكل صحيح مع التغير الجذري أثار صعوبات (وفي بعض الأحيان انهيار) شركات متنوعة مثل شركة الصُلب الأمريكية، وإيستمان كوداك، وشركة مايكروسوفت، وشركات الإعلام المطبوع بالكامل. هذا الجانب هو واحد من أصعب الأمور التي قد تقوم بها الشركات الكبيرة، وقد تمكنت سامسونج من القيام بذلك في الكثير من الأوقات. في حين أن أرقام وحدة الهاتف الخلوي في سامسونج ليست جيدة ومن المتوقع أن تقوم بإنفاق مبالغ هائلة على التسويق حتى تتمكن فقط من الحفاظ على ما تملكه بالفعل في أعمال الهواتف الذكية، إلا أن هناك أماكن أخرى للبحث فيها عند التكهُن بمستقبل الشركة. تقوم سامسونج بالإنفاق على المصانع الجديدة والمعدات أكثر من ضعف ما تنفقه أمازون، وأبل، وإنتل، وجوجل ومايكروسوفت. حيث لديها ميزانية أبحاث وتطوير ضخمة تبلغ 14 مليار دولار (في حين تنفق أبل 4.5 مليار دولار فقط)، ولديها خطة للإنفاق بسخاء من أجل ابتكار تكنولوجيا خاصة بالبطاريات والأجهزة الطبية. كما تعمل سامسونج أيضاً على تكنولوجيا الكفاءة في استخدام الطاقة والأجهزة المتصلة من الداخل في مختبرات الأبحاث في جميع أنحاء العالم. لا تزال الأجهزة الخلوية وظهور فكرة الأجهزة الجوالة نفسها، يسيطران على الكثير من أحاديث التكنولوجيا، ومن المفترض أن ينمو سوق الهاتف الخلوي بنحو 7% هذا العام. لكن إلى متى سيستمر الازدهار؟ تقول سامسونج إن من المتوقع أن يصل انتشار الأجهزة في جميع أنحاء العالم حوالي 74% في عام 2014. وتقول شركة الأبحاث، إي ماركيتير، إن النمو في سوق الهواتف الذكية سوف يتباطأ في كل عام من عام 2014 حتى عام 2018. عاجلاً، وليس آجلاً، التشبّع المقترن مع السلع الجارية لمعظم الأجهزة المحمولة سيعني أن نمو الهاتف الخلوي قد يتخذ مسار أجهزة الكمبيوتر الشخصية وأفران المايكروويف. من المرجح أن يؤدي ركود سامسونج في مجال الهاتف الخلوي إلى تكرار تلك الاتجاهات، لكن هذا ليس سبباً كافياً لشطب آفاق الشركة الواسعة. إذا أردت أن تؤاخذ شركة سامسونج على أي شيء في وحدتها للهاتف الخلوي يكون لها آثار على الشركة ككل، ربما من الأفضل التركيز فقط على ما أستطيع وصفه بأنه «حسد أبل». سامسونج ترغب أن تكون جذابة ومبدعة تماماً بقدر منافستها المراوغة في كوبرتينو، كاليفورنيا، لكن من المعروف أنها ليست كذلك. يبدو أنه من المُقدّر لها أن تكون متخلفة عنها بخطوة، جزئياً لأن التركيز على الموضة والتصميم والجاذبية غير موجود في الحمض النووي لسامسونج. لذلك لنأمل أنه حتى تتوصل سامسونج لطريقة للتعامل مع تراجعها الأخير في حظوظ وحدة الهاتف الخلوي فيها، ستواصل القيام بأفضل ما تقوم به: وهو التركيز على مواردها الوفيرة واستعدادها للمراهنة على أعمال جديدة تعد بتحقيق مصادر دخل غنية. وليس عليها أن تكون شركة أبل لتقوم بذلك.