اعتذرتُ الأسبوع الماضي عن الكتابة الأسبوعية المقرّرة، وتعذرتُ بالسفر رغم إيماني أن المقالة التزام وأن الوقت كان سانحا لتسليمها في الموعد المطلوب لو لم يصادف يوم مقالتي اليوم الوطني!. وفي الواقع أن هيبة بعض الأيام أو الدهشة التي تخلّفها فيك بين حالة رضا مشوب بعشق لا مبرر، وبين حالة استنفار جميع جوارحك في نقمة تعيق الكلمات وتدفعك لموقف المتفرج رغماً عنك، مع أنك كنت طيلة أيام السنة وطنياً بلا حدود، مثالاً صدوقاً للسعودي الأمين صاحب القلب الأخضر بالفطرة، ولا تدعي تلوينه ليوم واحد في السنة مع الشمغ والعبايات وعدسات العيون!. تنحيتُ جانباً أفكر في "ساند" هدية وطني لي، وتعالت الأصوات من حولي وماذا في ذلك! هي مجرد 1% نسبة بسيطة "ما تفرق معك!"، وإذا تجاوزتُ عمن سلبوني حق اتخاذ موقفي الخاص وقرروا بالنيابة عني أنها «ما تفرق معي»، فكيف سأتجاوز عما سيحدثه في ميزانيتي هذا الواحد في المئة على مدى ما تبقى لي من سنوات خدمة للدولة بكل ما أُعطيت من اخلاص وقدرة على العطاء! ولماذا تم تطبيق هذا القرار بهذه السرعة في حين تبقى ملفات مكتظة لسنوات سجينة الأدراج دون البتّ فيها أو دعوتنا للنظر معهم بشأنها؟! ولماذا لم يجب أي مسؤول حتى الآن في التأمينات الاجتماعية أو في وزارة العمل عما إذا كانت هذه الأموال ستتم استعادتها من قبل الموظفين عند التقاعد بسلام ودون فصل تعسفي؟! كيف تبرر الوزارة فكرة حمايتها لحقوق الموظف؟ وهي لم تحل المشكلة الأساس فيما يتعلق بالبطالة وفتح الأبواب للاستثمار الأجنبي، والعجز عن مراقبة النطاقات الملوّنة وعدم سد ثغرة التوظيف الوهمي إلى الآن؟ وماذا عن الشركات الكبرى والمؤسسات العامة التي أصبحت في مأزق بين القطاعين الخاص والحكومي؟! لماذا لم يتم استثناء موظفي الشركات التي تضمن لموظفيها عدم وقوع أي كارثة فصل تعسفي في المستقبل؟ لماذا يطبق ساند وأنا وغيري لم نفكر مطلقاً في التقاعد؟، الأمر الذي سيدفع بالكثيرين إلى إعادة النظر في التقاعد المبكر!. والمثير للعجب أن يأتي توقيت هذا القرار بعد تمديد سن التقاعد مما قد يشير إلى نفي مبدأ الحماية المزعوم. مجموعة سيدات قدمن على عمل بقسم نسائي بمصنع حلويات بالمدينة المنورة، نُشر خبر حاجة هذا المصنع لموظفات سعوديات بين أخريات للفائدة، وعندما تأخر تقديم العروض ويئسن من الانتظار قدم بعضهن على العمل بمصنع تمور، وعندما جاءت الموافقة وتحديد تاريخ مباشرة الدوام فوجئن أنهن مسجلات ضمن التأمينات الاجتماعية موظفات لدى الشركة الأولى، والتي استفادت طيلة هذه المدة الغابرة من جهة استكمال نصاب السعودة، ومن جهة استلام ألفيّ ريال من صندوق الموارد البشرية والتي لم يحدث وأن تسلمتها أي منهن أبداً.. لماذا لا تركّز وزارة العمل على مراقبة هذا الخلل؟، خاصة أن الباحث عن عمل يضيع الكثير من الوقت والجهد بين ملاحقة التأمينات الاجتماعية وبين وظيفة جديدة يحاول استبقاءها لأطول فترة ممكنة إذا لم يخسرها أثناء انتظار حل، ففي حالة رفع شكوى ضد الجهة التي استخدمت الأسماء تبين أن الشركة وهمية وأن المصنع لم يتم بناؤه بعد والأرض خلاء! ولا يزال صاحب الشركة يماطل عتق رقاب مجموعة من النساء والرجال للضغط عليهم من أجل التنازل عن الشكاوى المرفوعة ضده، وهو واثق من أنه يعطّل مصالحهم ويفوّت عليهم فرصا وظيفية أخرى، أليست وطنية رجل الأعمال هذا 1% حين وعد وراوغ وبنى مصنعاً ليس له وجود؟! أليس أولى باقتطاع مبالغ مالية منه نظير ما حصل عليه طيلة الشهور الماضية؟، المواطن ما زال بين ارتفاع الأسعار والقروض والأقساط، ووزارة العمل تحمّل المواطن سد عجوزات لم تفلح هي في استقطاعها من مستحقيها وتعاقب شركات كبرى تفي بالتزاماتها تجاه الدولة والمواطن بتطبيق نظام اسمه "ساند"..