لم يدر في خلدي أبداً وأنا مقدمة على كتابة أطروحة الدكتوراة (مفاهيم العنف في المناهج المدرسية للمرحلة الثانوية) منذ عشر سنوات، أن العنف الذي وكما جاء في لسان العرب:(العنف) الخرق بالأمر وقلة الرفق به، سيمارس ضدي خلال كتابة البحث، لدرجة الرفض من قبل اثنين من أساتذة الجامعة، بعد أن وافقت الجامعة على خطة البحث، وجلبت أبحاثا بآلاف الريالات من الخارج، وأمضيت مئات الساعات منكبة تحليلا وبحثا، حجموا كل ذلك بحجة واهية: ان المناهج ينبغي أن لا يطالها البحث، امعانا واصرارا على أن مناهجنا سليمة تماما، وأن كل من يطالها كأنه يضمن شرا، لقد جُز بحثي من الوريد للوريد، وقبر في بداياته. فكرة هذا البحث نبعت من ممارستي تعليم هذه المناهج بنفسي لعقد من الزمن، وعلى سبيل المثال كنت لا استطيع النظر إلى فتاة سمراء في الفصل عندما تقرأ الطالبة هذا النص: (كان عنترة في صغره منبوذا لسواده) أو الاستهزاء بمن ابتلاهم الله بإعاقات كسخرية ابن الرومي من رجل أحدب: وكأنما صفعت قفاه مرة فأحس ثانية لها فتجمعا أو العنصرية الواضحة: قوم هم الأنف والأذناب غيهم ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا كما كان يغلب على الأدب للفصل الثالث الثانوي الحديث عن القتال أيام الاستعمار مثل: فارفعوا راية الجهاد بعزم لنذيق الأعداء كأس النكال «يا شباب العرب، اجعلوا رسالتكم إما أن يحيا الشرق عزيزا، وإما ان تموتوا» فكانت الدماء تكاد تسيل من مناهج لأعمار في قمة التحفز والحماس، إنها نفس العبارة التي رددها أحد الأستاذين عندما قال لي: أتريدين حذف شعر الحماسة؟، نعم لقد كنت أعرف أن شعر الخارجي قطري بن الفجاءة لا يصلح للمراهقين، وكنت متيقنة أن كثرة الحديث عن القتل والعنف تؤثر سلبا على الطالب، يفترض انتقاء شعر الحماسة، وعدم الاسهاب فيه، والتخفيف من القتال ضد الغرب، وكأننا نخوض حربا ضدهم، ألا يوجد من الشعر ما يلهب حب النجاح والتفوق وخدمة الدين والوطن وتحمل الصعاب والجرأة الأدبية، الشعر العربي الرائع وان كان عن القتال يقرأه من تجاوز عمر المراهقة، أما أن نحقن طلابنا بدماء وحز رؤوس وسخرية وعنصرية وموت وفناء. ما القيمة للنصوص الأدبية التي يقرأها الطلاب؟ هل للنصوص قيمة ذاتية منفصلة عن الفرد والمجتمع؟. هل نسلم بالنصوص الأدبية على أنها تمثل مشهدا ثقافيا مسلما به؟. في حين تهدف سياسة التعليم في المملكة إلى بناء دولة على تعليم إسلامي واع يتفاعل مع التطورات العالمية للتربية ومن القضايا المعاصرة قضية نبذ العنف والدعوة للسلام. وتمثل الكتب الدراسية جزءاً مهماً من مضمون النظام التعليمي، فالنصوص التي تدرس للتلاميذ لها دور في تشكيل السمات الشخصية للمتعلمين وفكرهم ووعيهم الثقافي. وفي بعض الأحيان تكون النصوص متضمنة بعض المفاهيم غير الصحيحة فينعكس أثرها السيئ على شخصيات الطلاب وفكرهم. لقد أكملت البحث مع أنني قدمت بحثا آخر كمتطلب للحصول على الدرجة، واحتفظت بنصوص قد يفغر الجيل القادم فاه عندما يقرأها لأنها بالتأكيد غير حضارية. * تربوية