الرؤساء هم من يصنعون التعصب، وهم من يزرعون التقارب، فالخطاب الإعلامي لهم ينعكس على الإعلام والجمهور، ويدفع باتجاه الإيجاب أو السلب، التهدئة أو الاشتعال، التقارب أو التنافر. لقد قطعت الشك باليقين، إن الإعلام ليس عالما من (الفتن) كما يقولون، وثبت لي بالدليل القاطع أن صناع القرار بالأندية بإمكانهم تغيير (الموجة) متى ما أرادوا، واقتنعوا بأن الرياضة وسيلة تقارب وليست محطة تباغض وتباعد. هكذا بدا لنا المشهد الهلالي الاتحادي في الآونة الأخيرة، فرغم تنافسهما المحلي والقاري وشعبيتهما الجارفة، ورغم ما مر على علاقتهما من حالة تبلد وتباعد وفعل ورد فعل ومشاكل ليس لها أول ولا آخر، إلا أن الرئيسين عبدالرحمن بن مساعد وإبراهيم البلوي نجحا بدرجة امتياز في تغيير (الموجة) بأقل مجهود، فقط قدما الكلمة الطيبة وأعلنا مصلحة الوطن، فانعكس ما صرحا به على الإعلام وعلى الجمهور، وكان ذلك واضحا من خلال تغريدات أنصارهما في (تويتر) ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى. أعتقد أن تكرار هذا المشهد في حالات متشابهة ليس صعبا، المهم ألا يكون لهذا التقارب أجندة تحالفات جديدة ضد أندية أخرى، فما المانع أن يتكرر المشهد بين الاتحاد والأهلي، والهلال والنصر، والأهلي والهلال، كل ما في الأمر أن صناع القرار يحتاجون إلى شجاعة وفطنة بن مساعد والبلوي. من يعتقد أن التقارب الهلالي الاتحادي هو محطة للاستهلاك، عليه أن ينظر لمدرجات الهلال في مواجهة العين ليدرك أن القلوب والحناجر كانت تمارس دورها الفعلي في هذا التقارب، وأن الأمر لم يعد (ديكورا) لتصريحات الرئيسين. لقد ساهم المشهد الجديد لناديي الاتحاد والهلال في إعادة التوازن في علاقات الأندية التي تهاوت في الآونة الأخيرة لما دون (الصفر)، والمطلوب استثمار هذه النبتة الخيرة طالما أن هناك أرضية خصبة لامتداد هذا المشهد. ما المانع أن يتكرر الاتصال الذي جرى بين بن مساعد والبلوي مع رئيس النصر فيصل بن تركي في حال تأهل الهلال للمباراة الختامية في دوري أبطال آسيا لتأسيس وتدشين علاقة جديدة بين الناديين رغم أن هناك فئة ليست بالقليلة ستعترض على هذا التوجه من الطرفين، ولكن رسالة المسئول تجاه مجتمعه تختلف عن نظرة الجمهور . لقد حان الوقت كي يبادر صناع القرار في الأندية بحملة مبرمجة لإزالة الاحتقان الذي أصبح قاعدة وغيره استثناء، والخوف أن يتمدد لأجيال قادمة لا تفهم من الرياضة سوى لغة الشتم وثقافة الكراهية، وهذه الحقيقة تبدو جلية في مواقع التواصل الاجتماعي، ولوقف هذه الظاهرة يتطلب من أولئك الكبار تحمل المسئولية إزاء مجتمعهم الرياضي.