لقد انتهيت للتو من دراسة أجريتها على 2700 زوج وزوجة، عملت معهم على مدار السنوات القليلة الماضية، وقد لا يدهشك أن المشكلة الكبرى في علاقاتهم الزوجية وفقاً للسيدات كانت قلة التواصل (هو لا يتحدث وحسب) وعندما سئل الرجال عن المشكلة الكبرى التي واجهت علاقاتهم الزوجية، قالوا: (هي لا تتوقف عن إزعاجي)، ومن الواضح أن المشكلة الحقيقية التي كان الطرفان يحاولان إخباري بها هي أن النساء يعشقن الكلام، في حين أن الرجال يرغبون أن يتركوا وشأنهم من أجل القيام بما يخصهم. هذا ما ذكره باتريك ماكنالي دكتور الفلسفة وعلم النفس في مقدمة كتابه (كيف يفسد الرجال علاقاتهم الزوجية، وكيف تساعدهم النساء على ذلك!). ويستشهد د. ماكنالي بدراسة لبعض الخبراء يشيرون فيها إلى أن النساء قد يستخدمن كلمات بصل عددها إلى 18،000 كلمة في اليوم في حين أن الرجال يستخدمون 7،000 كلمة في اليوم فقط ويتساءل المؤلف بعد أن أورد هذه الدراسة فيقول: (لا ننسى أن هذه الكلمات متراكمة، بمعنى أنه إذا لم يستخدم أي منكما العدد الكامل للكلمات في يوم واحد، فإن ذلك العدد المتبقي يضاف إلى نصيب اليوم التالي وهكذا). ويأتي المؤلف بمثال ضمن هذا الاطار وهو أن الرجال عندما يتحدثون فإنهم يحافظون على التحدث بعبارات قصيرة، ثم يقوم بنصح الزوجات بعدم استخدام العبارات الطويلة مع أزواجهن وألا يربكنهم حين يردن التواصل معهم بالعبارات الطويلة والأسئلة المعقدة وفي ذات الوقت ينصحهن بالتركيز على موضوع واحد في كل مرة حينها سيلاحظن أن ذهن الزوج سوف يتعامل بسلاسة مع الأمر، وفي المقابل فإن إمطار الزوج بوابل من الأسئلة والعبارات الطويلة سيؤدي إلى انسحابه على الفور. في موقع آخر من الكتاب يورد د. باتريك دراسة أجراها واكتشف فيها على نحو يبعث على الدهشة أن النساء يتفوقن على الرجال بمقدار عشرة مقابل واحد حين يتعلق الأمر بمشاعر اليأس أو التوتر أو الكآبة، فعندما يحدث شيء ما مشحون بالعواطف في علاقة زوجية فإن المرأة تبلغ 10 درجات على مقياس الاستجابة العاطفية في حين أن الرجل قد يصل إلى درجة واحدة فقط، الأمر الذي يعني أن الرجال لا يتأثرون عاطفياً بالأشياء كما تفعل النساء. وبعد الرؤية لأكثر من زاوية اختلاف بين الرجل والمرأة يؤكد المؤلف على قاعدة مهمة جداً وهي (أن كل هذه الاختلافات الصغيرة تجتمع من أجل خلق الاختلافات الكبيرة في الطريقة التي يتصرف بها الرجال والنساء). ويطرح المؤلف هذا التساؤل: كيف يتكيف الرجال والنساء مع التغيير؟ فيجيب: إن الأمر ليس متعلقاً بأن أحد الجنسين يتكيف بصورة أفضل من الآخر، بل إنهما يحظيان بآليات تكيف مختلفة للغاية، وهذا أكبر تحد يواجه أي علاقة زوجية. ويقول: إن معرفة أننا مختلفون شيء، وقبول هذه الاختلافات والتواصل بفعالية داخل إطار هذه الحدود شيء آخر تماماً. ويتوجه إلى الرجال بفائدة وهي أن على الرجل أن يفهم ويتفهم أن المرأة مختلفة عنه وهي بحاجة إلى الاحتواء وفي نفس الوقت النظر إليها باحترام. ومن الخطوات التي أوردها المؤلف نحو علاقة زوجية سعيدة اقتطف هذه الفوائد الماسية (الحب ليس اسماً بل إنه فعل وكلمة تدل على تصرف، كونا ودودين واغمرا حياتكما بمشاعر الصداقة، أكثر ما يحتاجه شركاء الحياة هو إعطاء كل واحد منهما للآخر الوقت والاهتمام، الثناء يعزز الحب، مفاجأة الأزواج لبعضهما مرة كل شهر في غاية الأهمية وليس بالضرورة أن تكون المفاجأة كبيرة أو غالية الثمن، لا تدعا الشمس تغرب وأنتما على خلاف، توصلا إلى اتفاق حين يتعلق الأمر بتربية أولادكما الأعزاء، تعلما الإصغاء والإنصات لبعضكما، ابتعدا عن الفظاظة والتجهم ولا تبالغا في الجدية في تعاملكما). وبعد هذا التطواف السريع في صفحات الكتاب من المهم الإشارة إلى أن المجتمعات تتفق وتختلف ولكنها تأخذ طابع المشترك الإنساني والتوافق البشري وتتماهى وتتشابه في كثير مكوناتها حين نتحدث عن (الزواج) هذه العلاقة الوثيقة والأزلية بين الرجل والمرأة.