يترقب المجتمع السعودي ورجال الأعمال والمستثمرون في قطاع التطوير العقاري ما يمكن ان يعلن ويصدر عن الاجتماع المرتقب لهيئة كبار العلماء اليوم برئاسة سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء والبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بشأن فرض رسوم على الاراضي البيضاء او الاراضي المعطلة والمحتكرة داخل المدن داخل النطاق العمراني. وكان سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء قد وعد نهاية الاسبوع الماضي المواطنين بأخبار سارة يسمعون بها من قبل هيئة كبار العلماء، وذلك بمناسبة انعقاد الدورة الثمانين لهيئة كبار العلماء التي من المقرر أن تبدأ أعمالها الأحد اليوم، والتي ستنظر في عدد من الموضوعات المهمة التي من أبرزها فرض الرسوم على الأراضي البيضاء. وأوضح مختصون في القطاع العقاري ان تطبيق الرسوم على الأراضي سيسهم في توفر الوحدات، وانخفاض أسعار الأراضي إلى أسعار معقولة. وقال عضو هيئة التدريس بقسم المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وعضو مجلس إدارة شركة سمو العقارية الدكتور إبراهيم القحطاني: إن بعض الدول الأخرى لديها نظام فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، خصوصا في حال عدم تطويرها والاستفادة منها، وهذا النظام بشكل عام يعتبر خطوة إيجابية وسيسهم في خفض أسعار الأراضي على الأقل بنسبة تتراوح في مقام بعض الدول على المدى القصير من 12 - 15 بالمائة، وزيادة المعروض من الوحدات السكنية لأن المالك أصبح لديه ثلاثة خيارات: الأول أن يبيع أرضه، أو أن يبني عليها منشأة تعود بالنفع عليه وعلى الآخرين، أما الخيار الثالث فهو أن يستثمرها مع أطراف أخرى. وفيما يتعلق بمصير محتكري الأراضي والانعكاس الأكبر على السوق، بين القحطاني أن نظام فرض الرسوم فيه مصلحة وطنية وفي نفس الوقت لن يؤثر على أصحاب الأراضي؛ لأنهم سيستفيدون من جميع النواحي سواء كان ناحية البيع بسبب معدل الطلب الزائد على هذه الأراضي بسعر مقبول، أو من ناحية الرغبة في الاستثمار، أما ما يخص عمليات الاحتكار من قبل البعض فإن هذا النظام سيقضي عليها مع مرور الزمن، مما يؤدي إلى وجود توازن في السوق ورفع معدل المنافسة بين التجار. موضحا أنه يجب على الدولة توضيح آليات نظام فرض الرسوم مثل طرق الدفع ونوعية العقوبات على المخالفين وإنشاء دائرة مختصة تُعنى بذلك لأنه إذا لم يتم شرح الآلية والتطبيق بحزم سيكون هناك نوع من التلاعب. وأضاف المطور العقاري حامد بن حمري: إن «تطبيق نظام فرض الرسوم بأسرع وقت ممكن سيكون له تأثير على السوق العقاري لأنه سيجبر الملاك على بيع الأراضي التي بحوزتهم أو تخفيض سعرها للتخلص منها، فيوجد هناك الكثير المستفيد من عدم فرض هذه الرسوم». وأشار إلى أنه «يجب دفع ملاك الأراضي الممتنعين عن تطويرها نحو اتجاه البناء والتطوير والاستفادة منها وبيعها على المواطنين الراغبين بالسكن أو الاستثمار»، مؤكدا أن «الأزمة الحقيقية ليست في عدم وجود الأراضي، وإنما في الأسعار المبالغ بها «، ومضيفا: إن «نظام فرض الرسوم لا يزال غير واضح من ناحية الآلية، لذلك يجب وضع القانون ومن ثم طرحه على المجتمع من خلال الوسائل الإعلامية من أجل المشاركة في وضع اللوائح، كما طالب بن حمري بفرض الرسوم على الذين يملكون أراض مساحتها تفوق ال 50 ألف متر مربع، وليس من يملك مساحات صغيرة». ومن جهته، أوضح خبير المشاريع الإسكانية ماجد المحيميد أن «سياسة الاستثمار في الأراضي البيضاء والتي يعتمد عليها كثير من الملاك وهي «العقار ولد بار، العقار يمرض ولا يموت»، ستنتهي في حال تطبيق النظام الذي طال انتظاره، وسينعكس إيجابا على السوق العقاري وعلى الأسعار في غضون عام؛ لأنه عندما يقترب موعد دفع الرسوم بعد عام من التطبيق سنجد أن هناك أراضي كثيرة قد تم تصريفها والتخلص منها خاصة التي تكون مساحتها كبيرة لأن تكلفتها ستصبح عالية». وقال المحيميد: إن «آلية احتساب الرسوم على الأرض لا تزال غير واضحة، ولكن من المتوقع أن المشرعين لهذا النظام سيعتمدون على المؤشر العقاري بوزارة العدل؛ لأنه هو الجهاز الحساس في الوقت الحالي والذي سيتم احتساب هذه الرسوم من خلاله». وأضاف: إنه «في حال صدور القرار سيلجأ جميع الملاك إلى بناء الوحدات السكنية أو التجارية، وهذا سيكون له أثر إيجابي على سوق البناء والمقاولات الذي يحتضر بالوقت الحالي نتيجة قلة الأيدي العاملة، وأنظمة وزارة العمل التي أدت إلى ارتفاع أسعار أجرة الأيدي العاملة مباشرة بعد انتهاء عملية التصحيح من 20 إلى 30 بالمائة مما أثر على المستهلك النهائي». وفيما يخص أثر الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني على الأحياء المجاورة لها والمشاريع الحكومية، أكد المحيميد في حديثه أن هذه الأراضي كان من المفروض معالجتها خلال السنوات الماضية؛ لأن المدن أصبحت تمدد خارجيا وفي جميع الاتجاهات، ولا تزال هناك اراض داخل النطاق العمراني تستوعب ربما مئات الآلاف من الوحدات السكنية داخل النطاق العمراني ومخدومة بالكامل من ناحية الطرق الرئيسية ومراكز الخدمات كالصحية والأمنية، مما يوفر الكثير من الأموال على الدولة جراء تنفيذ مشاريع بنية تحتية جديدة خارج النطاق». من جهته، أكد رئيس اللجنة العقارية والتثمين العقاري بالغرفة التجارية الصناعية بجدة عبدالله الاحمري أنه في حال تطبيق نظام فرض الرسوم على الأراضي المتروكة «سيكون ذلك داعما لأصحابها من خلال بنائها حتى يصبح لدينا فائض في عدد الوحدات والمعروض من الأراضي التي تم شراؤها في البداية بأسعار جدا رخيصة ومن ثم ارتفعت إلى ملايين الريالات، والدولة لم تأت لأن تستقطع منها من أول مرة، بينما في كثير من بلدان العالم يستقطعون مبالغ من العقار نفسه (ضرائب) في حال انه لم يعمر في مدة محددة، وإذا غطاه النطاق العمراني وتجاوزه فتفرض عليه ضرائب»، ثم بعد ذلك تصادر الأرض وذلك لعدم إحيائها، ولكن هذا الأمر (ولله الحمد) ليس موجودا لدينا، ولكن مع الأزمة الإسكانية الحالية التي خنقت الكثير من الشعب في ظل توفر الأراضي المحتكرة من قبل البعض الذين دفنوها وهي ثروة كبرى في باطن الأرض، ولم يستفد بقية الشعب منها، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي والمترتب عليها لأن كثيرا من المواطنين تأثرت دخولهم نتيجة ارتفاع أسعار الإيجارات بنسبة 100 بالمائة، فمن كان مستأجرا بألف ريال في الشهر فإن التكلفة ارتفعت إلى 2000 ريال، وهذا المبلغ بلا شك يعتبر مؤثرا بصورة كبيرة على أصحاب الدخل المتدني، إضافة إلى أن كلفة المعيشة ترتفع عليهم بناء على ارتفاع أسعار إيجارات المحلات مثل السوبر ماركت والمحلات التجارية الأخرى، وبالتالي يتم تحميل هذه الكلفة على المستهلك النهائي، إذا فإن الدولة ليس أمامها إلا أن تفرض الرسوم على أصحاب الأراضي المجمدة بهدف الاستثمار لحل المشكلة، فالمساحات الموجودة لدينا ليست متوفرة في منطقة الشرق الأوسط». وأضاف الأحمري: «صدر تقرير من قبل صندوق النقد الدولي قبل فترة بين أنه لم يعمر من المساحة الشاسعة في المملكة إلا ما يعادل 15 بالمائة، كما يوجد في الرياض 70 بالمائة وفي جدة 80 بالمائة من الأراضي البيضاء، ناهيك عن المناطق الأخرى، والتي كانت ولا تزال عائقا أمام التنمية العمرانية لعدم بنائها وتخطيطها، فلو فرضت عليها الرسوم لما وصل الحال كما هو بالوقت الراهن، لذلك يجب تطبيق القانون ومن ثم الاستقطاع من العقار نفسه بنسبة معينة، وتكون غير النسبة التخطيطية وتمنح لوزارة الإسكان على أساس تبني مساكن للمواطنين داخل النطاق العمراني، لأن حوالي 90 بالمائة من الأراضي التي تسلمتها الوزارة هي خارج النطاق، وهناك بعض المواطنين في عدد من مناطق المملكة رفضوا استلام وحداتهم لأنها تبعد عن المدن ومقر أعمالهم بما يعادل 70 كيلو مترا».