لو نقبت في زوايا الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، لتبحث عن جهاز حكومي يعيش تحت طائلة حرب استقصائية ترصدية دقيقة تحصي الحركات والسكنات، وتترقب الخطوات خطوة خطوة؛ والكلمات كلمة كلمة فلن تعجز عن التعرف على هذا الجهاز الحكومي؛ ولن يعوزك الجواب إلى عمليات تفكير كبرى، حيث ستلوح لك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من بين دخان عواصف تلك القذائف التي تتلقاها من كل حدب وصوب، لتشاهدها بأم عينك وهي تنزف من كثرة الطعون والجراح بحراب تناولتها بروح الاستئصال لا الاستصلاح، والاجتثاث لا مزيد التألق والانبعاث. عشرات القضايا الملفقة على الهيئة طرحت عبر وسائل الإعلام، تبين عند التمحيص والتدقيق والمتابعة كذب مروجيها. أتذكرون فرية مطاردة الشاب الذي انقلب وزوجته وتوفيا! وكيف ألصقت التهمة بدورية هيئة مرت من هناك قدرا؟! ثم تبين بالتحقيقات كذب تلك الفرية التي طبل لها الإعلام، ثم تغافل من روج لها عن تلك الكذبة ونسيها كل الناس. أتذكرون قصة فتاة المناكير، وإلى ماذا انتهت حفلة الكذب الصاخبة تلك؟. وهنا أسئلة بريئة: لماذا عند أدنى هنة لها علاقة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تنفجر وسائل الإعلام كلها في نسق واحد واتجاه واحد انتقامي جنوني استئصالي؟ ما الدافع لهذه الحفلة التنكرية المستمرة إلى حد الغثيان ضد الهيئة بالذات؟ أليست الهيئة مرفقا حكوميا؟ أليس أعضاؤها من موظفي الدولة ولهم وعليهم مثلهم مثل غيرهم؟ لماذا التعامل مع أفراد الهيئة بهذه الطريقة التي تهدر كرامتهم ولا تحترم أسرهم ولا الدور الذي يقومون به؟ لماذا يكون الإعلام هو ساحة المحاسبة والتحقيق والنطق بالحكم ثم الإعدام المعنوي الذي هو أشد فتكا وهو مقدمة للاعتداء الجسدي؟. وسؤال موجه إلى معالي رئيس الهيئات: من الذي خوله التشهير بموظفين حكوميين على افتراض أنهم وقعوا في الخطأ، وهو مالم يثبت إلى الآن، بل بيان أعضاء الهيئة المعنيين بقضية البريطاني والذين لم تستمع لهم أي وسيلة إعلامية يخالف بيان الرئاسة وينقض أصله. لم نسمع أن وزارة الداخلية مثلا شهرت برجل أمن ودمرته على رؤوس الأشهاد لأنه أخطأ في اجتهاد معين أثناء عمله!! ما هذه الفوبيا التي تصيب قيادات الهيئة عند أدنى هجوم على عضو من أعضائها، لتتحول من حامية لحقوق الموظف في المساءلة النظامية داخل الجهاز نفسه إن كان الخطأ مما يحتمل العلاج داخل الجهاز؛ أو حق التقاضي شرعا إن لزم الأمر وصوله للشرع والتريث حتى يتضح الأمر بدلا من جعل الإعلام هو من يحدد ردود فعل مسؤوليها. وهناك سؤال برسم أهل الاختصاص وأترك إجابته لهم: هذا البريطاني الذي تطاول على موظف دولة، وخالف النظام هل سيجرؤ على ذلك في بلاده؟ ولماذا تتكرر مخالفات بعض المقيمين، وتجاوزهم للأنظمة تحت بند العيون الزرقاء؟ نظام البلد وكافة مؤسساته يجب أن يحترم، وإن لم نشدد في ذلك على كل أحد فإننا نكون ممن يفقأ عينه بيده. وأخيرا سؤال أختم به للمشاركين في حفلة جلد الهيئة: هل بلغكم الهجوم التخريبي على أنبوب نفط في العوامية؟ وهل عندكم علم عن آخر أخبار قاتل مبتعثتنا في بريطانيا؟ أفيدونا مشكورين!! تشفير أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة ربداءُ تجفلُ من صفير الصافرِ هلا برزت إلى غزالة في الوغى بل كان قلبُك في جناحي طائرِ